نعم إنه أبغض الحلال.. «فيتو» ترصد مشاهد «الحب والحرمان» في يوم الرؤية
يوم الرؤية أحد الحقوق التى يكفلها قانون الأحوال الشخصية لرؤية الأطفال بعد انفصال الزوجين، ويتم تنفيذها كل يوم جمعة فى الحدائق ومراكز الشباب، وفى ظل الصراعات المستمرة والمتلاحقة، وبالأخص فى الوقت الحالى عن مدى أهمية إلغاء يوم الرؤية واستبداله بالاستضافة، كانت «فيتو» فى حضرة تنفيذ الرؤية بأحد مراكز الشباب، لرصد أهم المشاهد فى هذا اليوم.
البداية كانت مع أحد القائمين على أمر الزائرين، قائلًا: عدد الحالات التى تنفذ أحكام الرؤية فى المركز طبقا للملفات تصل إلى 800 حالة، ويغيب بعض الآباء عن تنفيذ الرؤية رغم حضور الأم والطفل فى الميعاد، وعلى النقيض تغيب بعض الأمهات عن الحضور رغم حضور الآباء.
مشاهد مؤثرة
ربما أصدق المشاهد كما يرويها دليلنا، هو رؤيته لحالة جاء فيها الأب وجلس فى اتجاه والأم والطفلة فى اتجاه آخر لم ينظر الأب لوجه نجلته، وعندما سألت الأم عن السبب قالت الدعوى فى الأساس ليس لرؤية البنت ولكن لإذلالى.
كش ملك
مشهد آخر لأب يعلم ابنه لعبة الشطرنج فيطير الطفل فرحًا بقول “كش ملك”، وآخر ينظم حفل عيد ميلاد لابنيه “أحمد وآيسل” ويجمع لهم الأهل والأصدقاء والغناء وسط رقصات شخصيات كارتونية.
محمد عيسى أحد الآباء، يقول لـ»فيتو»: «انفصلت عن طليقتى منذ 5 أعوام، اتحرمت من رؤية ابنى أكثر من 3 سنوات بسبب مساومة أهل طليقتى على رؤية ابنى مقابل دفع نفقة العدة والمتعة وقائمة المنقولات، وعندما قضت المحكمة لصالحى بالرؤية فى مركز شباب، قررت فى كل يوم رؤية أن أعلمه لعبة جديدة، وأبحث من الأسبوع للأسبوع عن أفكار جديدة من الممكن أن نستغل 3 ساعات الرؤية فى تنفيذها».
وتابع: «كل خوفى أن أموت وابنى غير متعلق بى، فقد كان كل هدفى فى الحياة أن أستثمر عمرى وطاقتى فى تربية ابنى على حبى كى يكون صدقة جارية لى، ولكن 3 ساعات لن تبنى عمرا ولا تربى طفلا”.
وتمنى أن ينظر قانون الأحوال الشخصية الجديد للأب والطفل بعين الرأفة، وأن الأب ليس ماكينة فلوس لدفع النفقة فقط، وأن تربية الأم لا تغنى عن تربية الأب، مطالبا بأن تكون الاستضافة على الأقل 10 أيام فى الشهر.
أما ياسر فأوضح لـ»فيتو» التى التقت به فى أحد مراكز الرؤية: «أجيء إلى هنا كل يوم جمعة منذ 3 أعوام لتنفيذ حكم الرؤية الذى حصلت عليه ولم أستفد منه، رغم أننى ملتزم بدفع النفقة كاملة، ولكنى لم أرَ أبنائى منذ طلاقى، رفعت دعوى عدم تنفيذ حكم قضائى، ولكن النتيجة كانت «يبقى الوضع على ما هو عليه»، واكتشفت بعد ذلك أن طليقتى أخذت أبنائى وسافرت، ولا أعلم أين هم الآن.
واستكمل الأب والدموع تنهمر من عينه: «نفسى أشوف ولادى قبل ما أموت، نفسى أحضنهم، نفسى أشوف شكلهم بقى عامل إزاى، نفسى أعرف أخبارهم فى الدراسة وفى المذاكرة، نفسى أشوفهم وأملّى نظرى بيهم».
طفلة غاب والدها عن الرؤية
على الناحية الأخرى، كانت هناك تلك السيدة التى جاءت بابنتها ولم يحضر الأب، تقول هى لـ»فيتو»: “أكثر من مرة آجى وهو ميجيش ويكسر بخاطر وقلب بنتى، طفلة عمرها 3 سنوات، ذنبها إيه فى العند دا، بنتى بتيجى هنا كل أسبوع تشوف الأطفال وهم فرحانين مع آبائهم، وهى باباها بييجى كل فين وفين، صعبانة عليا بس مش عارفة أعملها إيه».
رؤية الأم
فى تلك الحالة كانت الرؤية للأب والأم هى من تحضر لرؤية ابنتها، هكذا أوضحت الأم لـ»فيتو»، قائلة: «انفصلت عن والد نجلتى منذ 7 سنوات، كنت رافضة الزواج نهائيا حتى رزقنى الله بزوج صالح، وطلبت منى أمى الموافقة على الزواج منه خوفا علىَّ من غدر الأيام بعد وفاتها وكنت رافضة خوفا من سحب حضانة نجلتى منى، أقنعتنى والدتى بأن حضانة نجلتى ستكون معها بعد زواجى ولن يتم حرمانى منها، فوافقت وتم الزواج، يعاملنى زوجى أحسن معاملة، وأنجبت طفل عمره عام واحد، ولكن شاء القدر أن توفيت والدتى، وانتقلت الحضانة لطليقى منذ عام واحد، ولم أستطع رؤية ابنتى منذ ذلك الحين، حتى تم الحكم لصالحى فى دعوى الرؤية.
قانون الأحوال الشخصية
«فيتو» فتحت نقاشا أيضًا حول قانون الأحوال الشخصية الجديد والتعديلات المقترحة حاليًا، وفى بداية قالت إحدى الأمهات: «ليس لدى أى مشكلة فى تنفيذ استضافة الآباء للأبناء، ولكنى لم أستطع أن آخذ تلك الخطوة فى الوقت الحالى إلا بعد النص عليها بشكل قانونى ورسمى كى أكون واثق من كل الضمانات القانونية بأن ابنى سيعود لحضانتى مرة أخرى، فأنا أشجع إلغاء الرؤية واستبدلالها بالاستضافة لأن الرؤية تكدير لنا كأمهات أيضًا مثلا الآباء، نضطر للخروج كل يوم جمعة رغم الظروف التى يمر بها الكثيرات مننا للحضور».
من جانب آخر، يقول محمد عياد: «أنا والآلاف مثلى حرمنى القانون الحالى من حقى الأصيل فى تربية أبنائى، القانون الحالى جعل الرجل فيه بمنزلة أوراق نقدية، وله حق فقط فيما يسمى بعار الرؤية، التى تعتبر نارا تحرق بها الزوجة الزوج، وزيادة على ذلك أن الزوج ملزم بدفع ثمن نيران حرقه بدفع ما يسمى بالنفقة على ما لا يراه ولا يعرفه».
وأضاف: «هذا قمة الزور والبهتان والافتراء على الدين، لأن شرط النفقة أو الدفع أن تعلم لمن تدفع، ولماذا تدفع، ولك أن تحدد كم تدفع، وبخاصة أنك تدفع لشخص تملكه، أما أن تدفع بالإجبار بقيمة إجبارية، فهذا ما لم يرد به شرع أو عقل».
والتقط أطراف الحديث الأب محمد عواض قائلًا: سقوط الحضانة عن الأم بالزواج ضرورة، كما أنها فى صالح الأم فى الأساس وزوج الأم، فيجعلها تعيش حياة مستقرة فى زواجها الجديد، ويرفع عنها الضغوطات التى تواجهها بسبب تربية أبنائها مع زوجها الجديد، وبالتالى لن تقوم الزوجة بالجرى فى المحاكم من أجل متابعة قضايا النفقات المتعددة والمتجددة والتى لا تنتهى، فهذا سينعكس عليها أنها سوف تحيا حياة مطمئنة وهادئة.
وفى نفس الوقت لن تحرم الأم من أطفالها ولن يحرم الأطفال من أمهم، لأن الاستضافة موجودة فى القانون الجديد، وبالتالى سيتم إشباع غريزة الأمومة بالنسبة للأم وأيضا لن يحرم الطفل من إحساس وجود الأم، وذلك لأنه يراها بشكل منتظم وبطريقة قانونية.
واستكمل ربيع البهنساوى: كل قوانين الدول العربية تنص على إسقاط الحضانة عن الأم بزواجها، فنحن لن نأتى بالأمر المستحدث ولن نخترع العجلة من جديد، فالكل مستفيد بهذا الإسقاط، وأول هؤلاء المستفيدين هى الأم نفسها، والبعض يحاول الترويج لفكرة أن زواج الأم لن يسقط عنها الحضانة، ولكنه سيكون سببا فى تخريب الحياة الزوجية وسيزيدون من نسب الطلاق.
هذا لأن الزوجة إن ضمنت أن طفلها سيكون معها أن انفصلت وبعد ذلك تزوجت بزوج آخر، فإنها حينها ستستسهل الطلاق، وستخرج لسانها هى وزوجها الجديد لزوجها السابق الذى له أبناء منها، حيث إن للزوجة وزوج الأم سلطة على أبنائه وبناته، وهو كأب ليس له أى سلطة عليهم، وستكون الرسالة الواصلة للأب من زوج الأم (أخذت منك زوجتك وأخذت منك أبناءك، وليس لك أى سلطة عليهم)، وبالتالى سينتج عن ذلك ارتفاع معدلات الطلاق، وارتفاع معدلات الخيانة الزوجية وأيضا ارتفاع معدلات الجرائم وارتفاع معدلات القتل.
وفى نفس السياق، يقول طارق الجارحى المتحدث باسم حملة تمرد ضد قانون الأسرة: إذا نظرنا للأطفال فهناك حقوق مادية وحقوق معنوية، ولكن نحن دائمًا ننظر للحقوق المادية للأطفال وما يترتب على تلك الحقوق المادية للطفل من نفقات يصل عددها لـ12 نوع نفقة، فالدولة دائمًا تنظر للجزء المادى، وتغافل حق الطفل المعنوى بعد الطلاق، مضيفا: إذا تحدثنا عن صندوق دعم الأسرة فهو يضمن الحق المادى للأطفال، ولم يدعم حق الطفل المعنوى فى رؤية والده وتواجده معه.
وأضاف الجارحى: لا يوجد فى العالم كله ما يسمى بتنفيذ الرؤية فى الحدائق ومراكز الشباب سوى فى مصر فقط، والحالة الوحيدة التى يتم العمل بنظام الرؤية فيها فى الولايات المتحدة الأمريكية مع الآباء المتهمين بالتحرش الجنسى أو تعاطى المخدرات، الذين يخشون على وجود الأطفال معهم، فهل آباء مصر كلهم متحرشين ومتعاطين للمخدرات؟!
نقلًا عن العدد الورقي..،