عودة نتنياهو..العالم على موعد مع تصعيد إسرائيلى جديد ضد الفلسطينيين.. وغزة فى مرمى الحصار
مع أداء بنيامين نتنياهو اليمين الدستورية، رئيسا لوزراء إسرائيل الخميس الماضى، جدد المتشدد اليمينى جدله وعاد مرة أخرى بطريقة أكثر تشددا، بعد أن تعهد بتوسيع المستوطنات اليهودية فى الضفة الغربية المحتلة، وذلك على الرغم من كونه ما زال يُحاكم بتهم الفساد والرشاوى التى ينفيها أملًا فى تهدئة المخاوف بشأن مصير الحقوق المدنية والدبلوماسية منذ أن حصلت كتلته على أغلبية برلمانية فى انتخابات نوفمبر الماضى.
وأثارت عودة نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية بعد توقف دام نحو 14 شهرًا العديد من المخاوف بشأن التأثيرات المترافقة لتلك العودة على الأوضاع فى الداخل الفلسطينى، وأيضا ما تحمله من تداعيات على ملفات عديدة فى العالم والشرق الأوسط.
تهديد العرب
وترتبط عودة نتنياهو بتهديد العرب بالمزيد من الضغط على الفلسطينيين ووضعهم تحت أغلال أشد للاحتلال وتشديد الحصار على غزة، والإصرار على تحدى القانون الدولى ومواصلة ارتكاب جرائم شنيعة ضد الإنسانية.
كما ترتبط عودته برغبة المستوطنات اليهودية فى التوسع بالضفة الغربية بين المناطق التى يأملون فى بناء دولة مستقبلية فيها، حيث قال حزب الليكود المحافظ بزعامة نتنياهو فى إرشاداته للحكومة قبل عودته بفترة قليلة أنه سيعزز ويطور الاستيطان على أراض للشعب اليهودى باعتباره حقا حصريا لا يمكن المساس به.
وترجع عودة نتنياهو إلى سدة الحكم هذه المرة بعد الانتخابات العامة، بدعم من الأحزاب الصهيونية المتطرفة التى دائمًا ما تفضل سياساته القمعية والوحشية ضد الفلسطينيين، إذ يتمتع نتنياهو بشخصية عدوانية لا محدودة يعتمد عليها بشكل مستمر ويتفرد بها عن بقية الزعماء الصهاينة، وساهمت سمات هذه الشخصية فى جعله يشغل أطول فترة فى رئاسة الكيان الصهيونى إذ لم يبلغها أحد قبله.
ويبدو أن المخاوف والقلق الذى انتاب الشعب الفلسطينى والعرب أجمع من عودة نتنياهو يرجع إلى كونهم يعرفونه جيدًا، ومثل هذه العودة بالتأكيد سيصاحبها ترقب لما سيقوم به من أعمال وحشية ضد الفلسطينيين، واستخدامه القوة المفرطة لإرهابهم وهدم منازلهم وقضم أراضيهم وإيداع المزيد منهم فى السجون مع قصف غزة بالأسلحة الثقيلة وخنق سكانها المحاصرين لإعادة صورته كبطل أمام حزبه وناخبيه المتطرفين الذين يعارضون قيام الدولة الفلسطينية.
كما تعنى عودته فتح باب التطبيع من جديد، ليس ذلك فحسب، بل ازدادت المخاوف من أن ينفذ الصهيونى نتنياهو خطته الخاصة بالتقاسم الزمانى والمكانى فى القدس العربية المحتلة وفى المسجد الأقصى تحديدا مما يقوض الوصاية الهاشمية، وأن يعود لاتخاذ خطوات على الأرض تكمل مشروعه السابق الخاص صفقة القرن الشهيرة بضم الضفة الغربية.
موقف غزة
وعلى الرغم من أن عودة نتنياهو باتت لا رجعة فيها، إلا أن الفصائل الفلسطينية أعربت عن قلقها من زيادة العنف والتطرف الإسرائيلى تجاه الفلسطينيين فى كل أماكن تواجدهم، داعية إلى إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة مخططات توسيع الاستيطان وتغيير الواقع فى القدس والتضييق على الأسرى.
الناطق باسم حركة فتح وصف المجتمع الإسرائيلى بأنه مجتمع متطرف اختار من يمعن جرائمه فى الضفة والقدس وقطاع غزة، فجميعهم وعلى رأسهم نتياهو يريدون ضم أراضى الضفة ومصادرة أكثر للأراضى وكسر إرادة الشعب الفلسطينى والتقسيم الزمانى والمكانى للقدس ومحاولات لإقصاء القضية الفلسطينية والذهاب إلى التطبيع مرة أخرى كما كان يحدث سابقًا خلال عهد نتنياهو-ترامب.
وشدد أيضًا على أن كل ما يخشاه العرب وليس الفلسطينيين، أن يظل محور الصراع مع الاحتلال لكن النضال سيستمر حتى العودة والاستقلال، موضحا أن فلسطين هى صاحبة هذه الأرض، وسيظل شعبها يقاتل دفاعًا عن المدينة المقدسة حتى يستردها كاملة.
وبشأن تداعيات عودة بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة الإسرائيلية على الشأن الداخلى فى فلسطين، وتأثير ذلك على عملية السلام، يرى القيادى الفلسطينى والوزير السابق حسن عصفور، أن هناك أهمية على التأكيد أنه لا توجد عملية سلام ما قبل نتنياهو، لكن الآن زاد الأمر وأصبح الموقف أكثر صعوبة.
أضاف: كلمة الشريك الفلسطينى من حيث المبدأ لم تعد تذكر أو إطلاقا على لسان نتنياهو، بل ينكر وجود فلسطين فى كل خطاباته من الأساس، كما يعتبر أن الضفة الغربية والقدس «أرض إسرائيل»
وأشار إلى أن يتعامل عمليًا مع الفلسطينيين فى هذه الأرض على أنهم سكان ليس لهم أى حقوق سياسية، لهذا يواصل دراسة القفز نحو التطبيع مع الدول العربية حتى لا يوجد من يردع نظامه، لذلك فهو يطرح كل ما يرغب به، مردفا: جميعًا نعرف أنها أكثر حكومة فى تاريخ إسرائيل عنصرية وفاشية واستطيانا، إذ يعتبرون أنها مناطق «جيم» مفتوح، وبالنسبة لهم كلها أرض إسرائيل.
استكمل: يعمل نتنياهو بشكل دائم على محاصرة الوجود الفلسطينى فى هذه المناطق، وبالتالى عملية التخويف وتوريث الأراضى الفلسطينة للإسرائيلين ستكون سياسته التى يتبعها خلال حكمه.
وحول احتمالية تعرض غزة لضربات مكثفة خلال الفترة القادمة وتحديدًا بعد عودة نتنياهو لسدة الحكم مرًة أخرى، قال الوزير الفلسطينى السابق إنه بدون أى عمل مقاومة أو مواجهة، إسرائيل ستواصل عملها فى إلغاء الوجود والهوية الفلسطينية بأشكالها الجديدة، صحيح أن الحكومة السابقة كانت عنصرية لكن هذه الحكومة أكثر فاشية من حكومة لابيد السابقة التى قتلت حوالى 220 فلسطينيا فى عام واحد.
من جانبه قال الدكتور أحمد فؤاد أنور، مدرس اللغة العبرية والدراسات الإسرائيلية بكلية الآداب، قسم اللغات الشرقية، جامعة الإسكندرية، وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن المواطن الفلسطينى هو الموضوع الأول فى حكومة نتنياهو فى ظل سعيها المكشوف والمفضوح نحو شرعنة الاستيطان.
واستكمل: يطالبون بتغيير الوضع وترحيل جماعى للفلسطينيين فى الداخل، بحجة أنهم غير مخلصين للدولة الإسرائيلية، وهو ما تم تجريبه من قبل من خلال عمليات إبعاد إلى جنوب لبنان وغزة ومنع من العودة إلى القدس الشرقية، وهو ما يعرف بمحاولة تكييف الفلسطينيين والمجتمع الدولى والمحيط العربى على أوضاع جديدة.
وأضاف: لذا أعتقد أنه سيكون الخاسر الأول منها هو المواطن الإسرائيلى، وهذا ما يجب ضرورة إيضاحه للرأى العام الإسرائيلى للضغط على الحكومة لتصبح فترة عملها قصيرة جدًا، وبالتالى تقل الخسائر.
نقلًا عن العدد الورقي…،