إبراهيم أصلان، 11 عاما على رحيل ساعي البريد ابن إمبابة
إبراهيم أصلان ، أديب مصري أصيل، اعتبره الكثيرون آخر رموز جيل ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، من الأدباء والمفكرين، وتميزت حياة الكاتب الراحل بالكثير من النجاحات، كما شهدت أزمات وعقبات تعرض لها، ولم تخل أيضا من الميول والمشاركات السياسية، عرف بأنه كاتب يكتب ما يعيشه ويعيش ما يكتبه يكتب بلغة عربية فصحى تحمل طعم العامية أو العامية التي تحمل طعم الفصحى ورحل في مثل هذا اليوم 7 يناير عام 2012.
ولد إبراهيم أصلان بقرية شبشير الحصة بمحافظة الغربية حيث طنطا والسيد البدوى عام 1935، ونشأ وتربى فى القاهرة، وتحديدا فى حى إمبابة والكيت كات والوراق، وقد ظل لهذين المكانين الحضور الأكبر والطاغي فى كل أعمال الكاتب بداية من مجموعته القصصية الأولى "بحيرة المساء" مرورا بعمله وروايته الأشهر "مالك الحزين"، وحتى كتابة "حكايات فضل الله عثمان" وروايته "عصافير النيل".
شهادة الصنايع
لم يحقق أصلان تعليما منتظما منذ الصغر لظروف عائلته، فقد التحق بالكتاب، ثم تنقل بين عدة مدارس حتى استقر فى مدرسة لتعليم فنون السجاد، لكنه تركها إلى الدراسة بمدرسة صناعية، عمل في بداية حياته بوسطجيا في هيئة البريد ومنها استمد فكرة مجموعته القصصية " وردية ليل "، وتعرف على الأديب يحيى حقى وصارت بينهما صداقة قوية حتى أنه نشر مقالاته وقصصه الأولى في مجلة المجلة التي كان حقى يرأس تحريرها في أواخر الستينات.
عاش بحي إمبابة الشعبي
من أول كتاباته الأدبية المجموعة القصصية التي استمد أفكارها من خلال نشأته وتربيته في حى إمبابة الشعبى وكذلك الكيت كات "بحيرة المساء"، وتوالت الأعمال بعد ذلك حتى كانت روايته "مالك الحزين"، وهى أولى رواياته التى أدرجت ضمن أفضل مائة رواية فى الأدب العربى، وحققت له شهرة أكبر بين الجمهور العادى وليس النخبة فقط، ورفعت اسم "أصلان" عاليا بين جمهور لم يكن معتادا على اسم صاحب الرواية، بسبب ندرة أعماله من جهة، وهروبه من الظهور الإعلامى من جهة أخرى وتفضيله العمل في صمت.
ولأنه بدأ كاتب قصة قصيرة ترجع كتابته لرواية مالك الحزين إلى قصة كان الفضل فيها إلى الأديب نجيب محفوظ الذى اعتاد أصلان لقائه على مقهى ريش، وكان محفوظ معجبا بكتابات أصلان للقصة القصيرة ولأن أصلان كان يعمل بنظام الوردية في البريد كان يتخلف أحيانا عن ميعاد الأديب نجيب محفوظ، كتب محفوظ رسالة إلى وزارة الثقافة يزكى فيها أصلان لمنحة تفرغ من عمله لمدة عام وتمت الموافقة على المنحة ونشر الخبر بالصحف بان الكاتب إبراهيم أصلان سيتفرغ لمدة عام لكتابة الرواية، ولأن المنحة لا تمنح الا لكتابة الروايات او المسرحيات الطويلة انتقل إبراهيم أصلان الى كتابة الروايات التي بدأها بمالك الحزين.
اقتبست السينما أشهر روايات الأديب إبراهيم أصلان " مالك الحزين " ليقدمها للسينما المخرج داود عبد السيد باسم " الكيت كات "، وقام ببطولته الفنان محمود عبد العزيز وحقق نجاحا كبيرا عند عرضه وأصبح الفيلم من أبرز علامات السينما المصرية فى التسعينات، واختير ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
إلى جانب مالك الحزين ترك إبراهيم أصلان إرثا أدبيا وثقافيا عظيما يضم عددا ليس كثيرا من الروايات منها: عصافير النيل، صديق قديم، بحيرة المساء، يوسف والرداء، وردية ليل، خلوة الغلبان، حكايات من فضل الله عثمان، الكنيسة نورت، حجرتان وصالة، وغيرها.
التحق أصلان فى أوائل التسعينيات كرئيس للقسم الأدبى بجريدة الحياة اللندنية، إلى جانب رئاسته لتحرير إحدى السلاسل الأدبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة، إلا أنه استقال منها عام 2000 إثر ضجة رواية "وليمة لأعشاب البحر" للروائي السوري "حيدر حيدر"، حيث تم نشر الرواية ـ وليمة لأعشاب البحر ـ ضمن سلسلة آفاق عربية التي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ويرأس تحريرها، حيث قامت حملة للهجوم على الرواية من أوساط صحفية ودينية، واتهموها بأنها تدعو للكفر والإلحاد، كما نظم طلاب الأزهر تظاهرات بعدما استفزتهم الرواية، كما أدانها مجمع البحوث الإسلامية واعتبرها خروجًا على الآداب العامة وضد المقدسات الدينية؛ ليحقق بعدها مع أصلان ويتضامن معه الكثير من الكتاب والمفكرين، فاستقال أصلا من الوزارة وعاش متفرغا حتى رحل بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 77 عاما.
جائزة مالك الحزين
حصل الأديب إبراهيم أصلان على جوائز عديدة طوال مسيرته الأدبية مثل، جائزة طه حسين من جامعة المنيا عن رواية "مالك الحزين"، جائزة الدولة التقديرية في الآداب، جائزة كفافيس الدولية عام 2005، وجائزة ساويرس في الرواية عن "حكايات من فضل الله عثمان" عام 2006