رئيس التحرير
عصام كامل

تعاليم الإسلام أم تعاليم أتباعه؟

لم أصدم كثيرا من الفتوى الشرعية التى أصدرتها الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، فأنا وبحكم دراستى بالأزهر الشريف، أعرف كثيرا عن مثل هذه الأمور، وأعرف تماما مرجعية مثل هذا الأمر الذى قال به من قبل ابن تيمية فى كتابه « اقتضاء الصراط المستقيم فى مخالفة أصحاب الجحيم ».

 

 وأعرف أن هذه الفتوى - فتوى الهيئة الشرعية- منقولة عن هذا الكتاب، والذى وإن كان يحمل قراءة لفكر عصر ابن تيمية إلا أنه يحمل مخالفة للواقع الذى نعيشه، والذى ندعو فيه إلى التوحد ونبذ الفرقة ورأب الصدع فى زمن يتربص بنا فيه الآخرون، ويحاولون الوقيعة بيننا، ولا أجد غضاضة أو حرجا فى تهنئة المسيحيين بعيدهم.

 

فالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) شارك اليهود صيام يوم عاشوراء، عندما رآهم صائمين بالمدينة، وسأل عن سبب صومهم، فقالوا له : إنه اليوم الذى نجَّى الله فيه كليمه موسى من فرعون وجنوده، فقال صلى الله عليه وسلم: «نحن أحق بذلك منهم» وصام عاشوراء.

 

 كما أنه صلى الله عليه وسلم ومن خلال سيرته العطرة لم يرد عنه أنه منع احتفالا أوعيدًا، وقد كان بإمكانه بعد أن دانت له البلاد العربية فى فتح مكة أن يمنع أصحاب الديانات الأخرى من الاحتفال بأعيادهم، إن لم يكن بحكم الشرع -أقصد التشريع الإسلامى- فبحكم العادة والسيف كما كانت تفعل القبائل العربية والتى ما زالت حتى الآن باقية على ذلك

 

 بل إنه عندما رأى غلمان الحبشة يلعبون ويغنون حمل زوجته «عائشة» على كتفه وجعلها ترى ماذا يفعلون ولم ينكر عليها ذلك .

ولم يرد فى تاريخ صحابته الكرام أنهم فعلوا أمرا كهذا ، بل إن التاريخ الإسلامى يروى أن أبا بكر الصديق خليفة رسول الله لم يقاتل أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن على شاكلتهم ممن ارتضوا دفع الجزية ، بينما قاتل من تراجع عن دفع الزكاة من المسلمين.

 

 كما أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما تولى الحكم كان يمرّ بأسواق المدينة فاستوقفه أعرابى عجوز يسأله الصدقة، فأخذ عمر يستفسر عن  حاله ، فعلم أنه يهودى- كان يهود المدينة يدفعون الجزية- فقال قولته الخالدة: «أنأكلك شابًّا ونتركك كهلا؟!» وأمر له بخراج -معاش- من بيت مال المسلمين

 

 كما أنه عندما أتاه قبطى فى دار الخلافة يشكو له من والى مصر عمرو بن العاص وابنه الذي أهان القبطى، بعث عمر رضى الله عنه إلى ابن العاص وأمره بالمثول بين يديه ، وعندما علم بالظلم الذى وقع على القبطى ، أعطاه درته ( عصاه) وقال له: «اضرب ابن الأكرمين»..

 

 ولم نسمع أو نقرأ فى كتب التاريخ الإسلامى طوال حقبة الخلافة الراشدة عن اضطهاد أو ظلم ، بل إن الخلفاء الراشدين والصحابة لم يسمع عنهم أنهم آذوا ذِمِّيًّا ولو بكلمة تأسيًا بقول الرسول الكريم: «من آذى ذِمِّيًّا فأنا خَصِيمُه» فلماذا عاملوهم بما دعا إليه الإسلام ونحن نعاملهم بما دعا إليه شيوخ الإسلام وفقهاؤه.

الجريدة الرسمية