"معلومات الوزراء" يحلل مفهوم التكنولوجيا العميقة ويبرز أهدافها ومؤشراتها
قام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، بإعداد تحليل جديد حول التكنولوجيا العميقة، مشيرًا أنها التكنولوجيا التي تعتمد على التقدم العلمي أو الابتكار الهندسي والاكتشافات، وينصب تركيزها بشكل أساسي على ابتكار الحلول الجديدة للقضايا الرئيسة، مثل تغير المناخ، والأمراض المزمنة، وإنتاج الغذاء، والطاقة النظيفة.
وتقوم نماذج الأعمال للشركات العاملة في مجال التكنولوجيا العميقة على ابتكار عالي التقنية باستخدام أحدث التطورات التكنولوجية في مجالات متعددة، ولدى قطاع التكنولوجيا العميقة القدرة على إحداث تغييرات في المجالات التكنولوجية، من خلال استخدام أكثر من تقنية متطورة والربط بينها، كذلك يتم الاعتماد على التكنولوجيا العميقة بشكل رئيس لتحسين قدرة الذكاء الاصطناعي على تحديد الأشياء وتشخيصها.
أشار التحليل إلى بلوغ إجمالي حجم سوق التكنولوجيا العميقة 431.1 مليون دولار أمريكي في عام 2021، وتشير التقديرات إلى أن حجم سوق التكنولوجيا العميقة سيصل إلى 518.2 مليون دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2022، ومن المتوقع أن يسجل حجم سوق التكنولوجيا العميقة بين عامي 2022 و2032 نحو 3.8 مليارات دولار، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 21.8٪، وعلى مستوى القطاعات التكنولوجية، تشير التوقعات إلى نمو قطاع الروبوتات (robotics) بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 21.4٪ من إجمالي الطلب العالمي على التكنولوجيا العميقة خلال فترة التوقعات 2022-2032، ووفقًا لحجم الشركات، من المتوقع أن يزيد اعتماد حلول وتطبيقات التكنولوجيا العميقة في الشركات الصغيرة والمتوسطة بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14.6٪ بين عامي 2022 و2032.
وقد تناول التحليل زيادة اعتماد حلول وتطبيقات التكنولوجيا العميقة من قبل المستخدم النهائي في مجال الرعاية الصحية بمعدل نمو سنوي يبلغ نحو 17.3٪ بين عامي 2022 و2032، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على التكنولوجيا العميقة عالميًّا خلال الفترة (2022 - 2032)، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتطبيقات التي تعتمد على البيانات المتسلسلة، مثل معلومات تسلسل الحمض النووي حيث تعمل شركات التصنيع الحيوي، مثل شركة Zymergen على الاستفادة من هيكل البروتين الموجود في الكائنات الحية الدقيقة على غرار التقنية التي طورتها شركة DeepMind، ومن المرجح أن يتم استخدام بيانات DeepMind في "البيولوجيا التركيبية"، مثل تطوير البكتيريا التي يمكنها تصنيع مركبات ومواد جديدة بشكل أكثر فعالية.
بالإضافة إلى سيطرة أمريكا الشمالية على سوق التكنولوجيا العميقة العالمية في عام 2020، وتعد الولايات المتحدة الأمريكية سوقًا رئيسة في اعتماد التقنيات الجديدة، نظرًا لتكثيف استثماراتها في اعتماد الأدوات والتقنيات الرائدة لضمان العمليات التجارية، وتشير التوقعات إلى هيمنة أمريكا الشمالية على سوق التكنولوجيا العميقة في عام 2022 تليها أوروبا، ومن المتوقع أن تكون منطقة جنوب آسيا والمحيط الهادئ هي الأسرع نموًّا بين عامي 2022 و2032.
وأشار التحليل إلى أن قطاع التكنولوجيا العميقة في أوروبا شهد نموًّا بشكل كبير خلال الفترة (2010 - 2020)، إذ قفزت قيمة الشركات الناشئة والعاملة في مجال التكنولوجيا العميقة في أوروبا بنسبة 270.2% بين عامي 2010 و2020 لتسجل نحو 696 مليار يورو عام 2020 مقابل 188 مليار يورو عام 2010، وخلال الفترة (2010 - 2020)، تضاعف رأس المال المستثمر في الشركات التي تعمل في مجال التكنولوجيا العميقة في أوروبا، حيث وصلت إلى 9.4 مليارات يورو في عام 2020.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، زادت نحو 31 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا العميقة من استثماراتها بنحو 32.5 مليون دولار أمريكي في الأشهر التسعة المنتهية في سبتمبر 2021. ومن بين هذه الشركات، توجد 10 شركات في مصر و10 شركات في المملكة العربية السعودية. ومن بين أهم هؤلاء المستثمرين، جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وأرامكو السعودية، من خلال ذراعها الاستثمارية – واعد.
وأفاد التحليل أنه نظرًا لأن معظم الشركات سمحت بالعمل من المنزل خلال فترة جائحة كورونا، قامت الشركات بتقليل استثماراتها في التقنيات والخدمات الجديدة. وأغلقت معظم الشركات الصغيرة عملياتها التجارية بسبب تعثر حصولها على التمويل، فقد تناقص الطلب على التكنولوجيا العميقة خلال فترات الإغلاق لاحتواء الجائحة؛ ورغم ذلك، فمن المتوقع أن يزداد الطلب على التكنولوجيا العميقة، نتيجة زيادة الاعتماد على القطاعات والخدمات التجارية بعد التعافي من الجائحة.
وقد أبرز التحليل أهم كبرى الشركات العالمية في مجال التكنولوجيا العميقة؛ شركة Signal AI: تأسست الشركة في عام 2013 ويقع مقرها الرئيسي في لندن، وتوفر الشركة منصة لمعلومات السوق ومراقبة وسائل الإعلام. وتوفر الأنظمة الأساسية تنبيهات في الوقت الفعلي، والبحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وتحليل المشاعر. وتهدف الشركة إلى تقديم خدمات للواقع المعزز عبر الاتصالات الاستراتيجية والعلاقات العامة، ومخاطر سلسلة التوريد. وشركة Medicus AI: وتأسست في عام 2015 ويقع المقر الرئيس لها في فيينا بالنمسا. وتطور الشركة منصة قائمة على الذكاء الاصطناعي تشرح وتتلقى التقارير الطبية واختبارات الدم. كما تقدم الشركة أيضًا توصيات قابلة للتنفيذ ونصائح صحية مخصصة وتدريبات على أسلوب الحياة.
كما أشار التحليل إلى إنشاء شركة Sequence Ventures – أحد أحدث شركات رأس المال الاستثماري في مصر - أول منصة قائمة على الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط "AIM Technologies"، وتعد بمثابة خطوة كبيرة للشركات الناشئة المصرية القائمة على التكنولوجيا. تتخذ شركة AIM Technologies الناشئة القاهرة مقرًا لها وتعد أول شركة تنضم إلى محفظة Sequence Ventures. وحصلت على التمويل الأولي لها من صندوق Egypt Deep-Tech الذي تم إطلاقه عام 2021؛ بهدف توجيه رأس المال وتمويل الشركات الناشئة الواعدة العاملة في القطاعات المهمة مثل: التكنولوجيا الصحية والتكنولوجيا المالية والتعليم، والذكاء الاصطناعي، والخدمات اللوجستية، وتطوير البرمجيات.
وهذا بالإضافة إلى أن AIM Technologies تعد هي أول منصة تستخدم تحليلات النصوص اللغوية باللغة العربية التي توفر أعلى دقة في العالم بالإضافة إلى استخدام أول أداة بحث آلي شاملة بالاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي. وقد تم تطوير محرك الذكاء الاصطناعي الخاص بالشركة بالاعتماد على مجموعة تزيد على 9 مليارات كلمة. على مدار العامين الماضيين، وقد واصلت AIM Technologies مراقبة نحو 2000 علامة تجارية، وقدمت خدماتها لأكثر من 20 شركة من أكبر الشركات في المنطقة مثل Vodafoneو Coca Cola.
إضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم في أغسطس 2022 بين مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال (TIEC)، التابع لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA) وشركة (Huawei Technologies)، إحدى الشركات الرائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على مستوى العالم، لإطلاق برنامج "Spark". ويهدف هذا البرنامج إلى فتح المزيد من الفرص أمام الشركات التكنولوجية الناشئة في مجال التكنولوجيا العميقة وتمكينها من دخول أسواق جديدة، كما يسهم في تعزيز التحول الرقمي في قطاعات عديدة ومنها التعليم والصحة والطاقة وغيرها من القطاعات؛ بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.
وأكد التحليل أن النهوض بقطاع التكنولوجيا العميقة يتطلب نظامًا تعليميًّا قويًّا يعطي الفرصة لتطوير المواهب وتوفير منصة للبحث والابتكار، وتكثيف الاستثمارات في البحث والتطوير. ولتمكين الابتكار التكنولوجي، يجب أن يكون هناك إطار قوي لحماية حقوق الملكية الفكرية وتفعيلها على نحو أفضل، ويجب أن تكون السياسات الحكومية داعمة، حيث من المتوقع أن يتزايد عدد الأشخاص الذين سيتركون وظائفهم للعمل في الشركات المتخصصة في التكنولوجيا العميقة وبالتالي ستكون هناك حاجة إلى دعم المواهب الطموحة في هذا المجال سواء من قبل الحكومة أو الشركات الخاصة.