رئيس التحرير
عصام كامل

د. أيمن سلامة يكتب: حصار ممر لاتشين جريمة جديدة ضد الأرمن.. وما يحدث عقاب جماعي للمدنيين

الدكتور أيمن سلامة،
الدكتور أيمن سلامة، فيتو

مع فشل المنظمات الدولية في الضغط من أجل هذه القضايا، يستمر الأرمن في المعاناة في ظل الظروف المتدهورة أضحي  سكان كاراباخ مجبرين على الحفاظ على الموارد، وأجبرت المدارس على الإغلاق لتوفير الكهرباء فقط  مشكلة أيضًا، حيث أصبحت الأرفف المليئة بالمخزون الأساسي قاحلة، و لا يمكن نقل عناصر مثل الدقيق والقمح والسكر والزيت والأرز من أرمينيا، فممر لاتشين يعد بمثابة الطريق الوحيد لنقل البضائع بين أرمينيا وكاراباخ. 

من المستحيل أيضًا تقديم المساعدة الطبية والإنقاذ، حيث يتأثر النقل من كاراباخ إلى أرمينيا أيضًا من جراء استمرار الحصار، مما يؤدي إلى عواقب وخيمة، فقد توفي مريض يعيش في ناجورنوكاراباخ، وكان يخضع لغسيل الكلى الروتيني في يريفان، لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على العلاج، و كان مريض آخر، وهو طفل يبلغ من العمر أربعة أشهر في حالة حرجة ، معرضًا أيضًا لخطر الموت بسبب عدم القدرة على نقله إلى يريفان، حتى تدخلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر . 

مجلس الأمن

 في 20 ديسمبر الماضي، عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعا طارئا، حثت خلاله دول أعضاء مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة أذربيجان على إعادة فتح الممر، و أعرب سفير المملكة المتحدة عن قلقه إزاء استمرار إغلاقها، مشيرًا إلى تأثير ذلك على المدنيين الذين تقطعت بهم السبل والأطفال والنساء والأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية طبية، وتواصل دول أخرى مثل قبرص وكندا وفرنسا حث أذربيجان على إعادة فتح الحدود دون جدوى. 

وفقا للمبادئ القانونية الدولية التعاهدية والعرفية يُشكل رفض الدولة التعسفي، إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للمدنيين المتضررين من النزاعات المسلحة سواء دولية أو غير الدولية جريمة حرب، وأكدت ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دراستها الموسومة " القواعد العرفية للقانون  الدولي الإنساني ".

قد تنبع مماطلة الدولة لإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين أثناء أو بعد انتهاء النزاعات المسلحة، جراء التعسف الذي تعتنقه السلطات  التنفيذية للدولة  المعنية كما في حالة أذربيجان بخصوص "ممر لاتشين"، أو تقـوم الدولة بالـمماطلة بإجراءات المـرور من دون تبـرير لـذلك وإنما بـناء على مـزاجها، وهذا أيضًا يعد امتناعًا تعـسفيًا كونه ينتـهك الالتزامات المـفروضة على الدولة في تسـهيل مـرور الإغاثة الإنسانيـة.

فضلًا عن أن الرفض سيـكون تعـسفيًا إذا كان حـجب الموافقة بمنزلة انتهاك لقاعدة حظر تجويع المدنيين بوصفه وسيلة من وسائل الحرب، أو حجب الـموافقة على عـمليات الإغـاثة الإنسـانية من أجـل معاقبة الـسكان المـدنيين على الأعـمال الـتي لا يـتحملون المسـؤولية عنها، هذه الأفعال لم تقتصر على وصفها بالحجب التعسفي بل ممكن أن يطلق عليها بالعقاب الجماعي، كذلك حجب الموافقة على عمليات الإغاثة الإنسانية بقصد أو تأثير التمييز ضد مجموعة أو شريحة معينة من السكان المدنيين وهذا ما يسمى بالحجب الانتقائي.

 

في سياق الحالة الآذرية، لا يخفي عن أي متابع محايد، أن اعتبارًا من 13 ديسمبر 2022، قامت مجموعة من المواطنين الأذربيجانيين الذين يُعرّفون أنفسهم على أنهم نشطاء بيئيون بإغلاق ممر لاتشين، مما ترك 1100 شخص، من بينهم 270 طفلًا، غير قادرين على العودة إلى ديارهم، وتبع ذلك قيام أذربيجان بقطع إمدادات الغاز من أرمينيا إلى ناغورنو كاراباخ، مما عرض 120.000 أرميني من سكان ناجورنوكاراباخ لخطر الأزمة الإنسانية، ولكن وبعد ضغوطات الرأي العام  العالمي وكشفه للممارسات غير  الإنسانية من جانب سلطات أذربيجان وعملائها أعيد إمداد لغاز بعد ثلاثة أيام.

ختامًا، وبموجب قواعد القانونين  الدولي والإنساني ما برحت حالة  الحرب قائمة بين  الدولتين: أرمينيا وأذربيجان، وهذا يعني أن كافة المواثيق الدولية للقانون الدولي  الإنساني لا تزال سارية تجاههما، ولذلك تتحمل أذربيجان، تحديدًا، المسؤولية الدولية التي تفرضها قواعد المسؤولية في هذا الشأن، وسواء كانت الجماعات الآذرية التي عطلت ممر لاتشين الشريان  الإنساني الوحيد للمدنيين في كارباخ، يتبعون تبعية مباشرة لأذربيجان أو لا يتبعونها.

الجريدة الرسمية