رئيس التحرير
عصام كامل

مصير مرسى


مفهوم الاحتفاظ حاليًا بالرئيس السابق محمد مرسي في مكان أمين تابع للقوات المسلحة، لأن تركه وشأنه الآن ليس من مصلحته والأهم ليس في مصلحة ثورة يونيو.


فهو دون حماية حياته في خطر، وهذا الخطر لا يأتيه فقط من المعارضين الذين جعلهم بتصرفاته ومواقفه وكلامه لا يطيقون وجوده رئيسا، إنما يأتيه من جماعته ذاتها وإخوانه الذين قد يجدون أن إيذاءه من مصلحتهم أو التخلص منه، والصادق ذلك بالقوات المسلحة تحريضا على تدخل أجنبي يراهنون عليه من أجل العودة إلى الحكم.

كما أن إطلاق مرسي الآن وشأنه سوف يستثمره قادة الإخوان في حربهم التي أعلنوها ضد الشعب والجيش معا، فهم سوف يصدرون ذلك على أنه انتصار لهم يروجون له لرفع معنويات أعضاء الجماعة وأنصارهم وحلفائهم الذين بدأ اليأس يتسرب إلى نفوسهم والإحباط يصيب قلوبهم، وباتوا يشعرون بأنهم يحاربون فى معركة خاسرة، الهزيمة تنتظرهم في نهايتها وسوف يستعمل قادة الإخوان آلة دعايتهم لحشد المزيد من الأنصار وتهيئة الأعضاء والملفات لإكمال هذا النصر، وسيعملون بعد إطلاق مرسي على الترويج لإعادته إلى القصر الرئاسي مجددا ليحكم، هذا وسوف تطول فترة أعمال البلطجة والعنف التي يمارسها الإخوان الآن بدلا من أن تتراجع هذه الأعمال كما نأمل، حتى لا ندفع ثمنا باهظا لها من حياة أبناء الشعب ومن مواردنا الاقتصادية.

كل ذلك مفهوم.. لكن غير المفهوم أن يتم الاكتفاء فقط بتأمين الرئيس السابق، وذلك بالاحتفاظ به في مكان أمين غير معلن عنه مع إطلاق التأكيدات المستمرة بأنه يحظى بمعاملة طيبة ومحترمة تليق برئيس سابق.. فهذا لم يمنع أن تكثف واشنطن وعواصم أوربية عديدة ضغوطها من أجل إطلاق مرسي وإشراك الإخوان في الحكم.. إن المستشارة الألمانية ميركل كل ما تفتح فمها الآن بتصريحات رسمية تكرر طلبها بإطلاق مرسي.. وهذا ما يطالب به الأمريكان وبإلحاح أيضا.

بل إن وضع مرسي الحالي هو الذي يشجع على تكثيف هذه الضغوط على القوات المسلحة والرئيس المؤقت والحكومة المصرية الحالية، لدرجة أن آشتون طالبت برؤيته أثناء زيارتها الأخيرة لمصر.. وهنا لابد أن ينتهي هذا الوضع.. أي الاحتفاظ بمرسي في مكان أمين غير معلوم سوى أنه تابع للقوات المسلحة.. والحل هو تسليم مرسي للقضاء ليتصرف في أمره، خاصة أن هناك كمًا من البلاغات تلاحقه وتحقق فيها النيابة ربما كان أهمها تلك البلاغات التي تتهمه بالتحريض على ممارسة العنف وإسالة الدماء دفاعًا عن منصبه.. فضلا عن أن هناك قضية الهروب من سجن وادي النطرون تلاحقه وكلف قاضٍ للتحقيق في هذه القضية التي سبق أن حققتها محكمة الإسماعيلية ووجهت له اتهامات فيها.

وإذا بدأت التحقيقات القضائية مع الرئيس السابق، سوف يكون وقتها احتجازه قانونيا وبأمر النيابة وستكون وقتها جهات الأمن مسئولة عن تأمينه مثلما توفر التأمين لأي متهم آخر، وهو ما تقوم به الآن مع المرشد السابق لجماعة الإخوان ونائب المرشد الحالي ورئيس حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة.

ولا يوجد ما يبرر تأخير هذه التحقيقات أو تعطيل المحاسبة القانونية مع الرئيس السابق ألم تفعل ذلك مع الرئيس الأسبق؟ كما لا يجب رهن محاسبة الرئيس السابق بالمحاولات المنتظرة لتحقيق مصالحة وطنية فلا علاقة بين الأمرين.. إن وقت الخروج الآن للرئيس مرسي تجاوزنا يوم الثالث من يوليو الذي عزل فيه مرسي، وهو ذاته سبق أن أهدر فرصة الخروج الآمن مع قيادات جماعته خلال مهلة الثماني والأربعين ساعة التي منحها له بيان القيادة العامة للقوات المسلحة، حينما أصروا على البناء ورفضوا الاستجابة للملايين الذين خرجوا في طوفان شعبي فريد يطالبونه بالرحيل.

فلماذا السكوت إذن في محاسبة مرسي قانونيًا؟ خاصة أن كل ما سبقوه في قيادة جماعة الإخوان هم الآن تحت المساءلة القانونية أو مطلوبين لها.. التلكؤ هنا يضر ولا يفيد.
الجريدة الرسمية