ديلي ستار اللبنانية: كيف خسر الإخوان في مصر السلطة؟
ذكرت صحيفة "ديلي ستار" اللبنانية أنه عندما نزل المصريون إلى الشوارع بالملايين للمطالبة بسقوط الرئيس حسني مبارك في عام 2011، عدد قليل منهم كان يعتقد أنهم سيعودون للتظاهر بعد عامين للإطاحة بالرجل الذي انتخب ليحل محله.
وقالت الصحيفة إن السقوط المذهل للرئيس محمد مرسي والإخوان الذين أيدوه، حول الأنظار نحو الشرق الأوسط المضطرب للمرة الثانية بعد أن أطاحت انتفاضات الربيع العربي بالمستبدين.
قبل أن يتدخل الجيش لإزالة مرسي اجتمع اثنين من كبار سماسرة السلطة في مصر على عشاء خاص في منزل السياسي الليبرالي أيمن نور في جزيرة الزمالك، حيث كان ينظر إلى هذا الاجتماع من قبل البعض على أنه محاولة أخيرة لتجنب المواجهة.
وكان هذين الوسيطين هما عمرو موسى وزير خارجية مصر لفترة طويلة تحت حكم مبارك وحاليًا سياسي ليبرالي قومي، وخيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان والأكثر نفوذًا والممول للجماعة.
اقترح "موسى" أنه تجنبًا للمواجهة ينبغي على مرسي الاستجابة لمطالب المعارضة، بما في ذلك تغيير الحكومة.
واعترف "الشاطر" بسوء إدارة الشئون المصرية تحت حكومتهم وأن هناك مشكلة، بحسب ما قاله موسى لـ"رويترز"، مشيرًا إلى أنه كان يتحدث بدقة ويستمع بانتباه.
العديد من المراقبين المصريين والأجانب كانوا يتوقعون أن تظل الحركة الإسلامية متماسكة ومحصنة لهيمنتها على مصر والمنطقة لفترة طويلة، بعد 60عامًا من حكم السلطات المدعومة من الجيش وبدلًا من ذلك أطيح بمرسي من منصبه في 3يوليو وسط احتجاجات ضخمة مناهضة للحكومة.
وأكدت الصحيفة أن فشل مرسي يبعث برسالة قوية وهي أن الفوز في الانتخابات ليست كافية ليحكم مصر، وإنما يلزم لحكام ما بعد مبارك موافقة المؤسسة الأمنية والسكان ككل على مواقفهم.
في أعقاب الإطاحة بمبارك، أكد الإخوان أنه لا نية لديهم في حكم مصر وطمئن المصريين العلمانيين والجيش علنًا بعدم الترشح للرئاسة.
بدأت الأحداث تتطور من تلقاء نفسها، وفازت جماعة الإخوان، وسيطرت على البرلمان في تحالف مع الإسلاميين والمستقلين الأصغر، ولكن سرعان ما وجد أن ذلك غير كاف لتمرير أو تنفيذ التشريعات.
ومع قدوم الانتخابات التشريعية عدلت الجماعة عن قرارها السابق ورشحت خيرت الشاطر الذي استبعد فيما بعد ومحمد مرسي.
مرسي فاز بفارق ضئيل في الانتخابات الرئاسية في الجولة الثانية من التصويت مقابل أحمد شفيق، وهو جنرال في القوات الجوية كان آخر رئيس وزراء مبارك.
الناخبين الذين تحولوا من المرشحين العلمانيين في الجولة الأولى لمرسي في جولة الإعادة كان يطلق عليهم "عاصري الليمون" في إشارة إلى التقاليد المصرية من صنع الطعام غير مستساغ للأكل مع دفقة من عصير الليمون.
انتقل مرسي بسرعة ليهز الجيش بعد تنصيبه في 30 يونيو 2012. في غضون ستة أسابيع، استدعى المشير حسين طنطاوي وأصدر قرار بتقاعده جنبا إلى جنب مع رئيس الأركان الجنرال سامي عينن ثم عين عبد الفتاح السيسي.
مرسي اعتقد أن الجيش لن يتحرك ضده، خاصة إذا لم يتدخل الإخوان في المصالح الاقتصادية للجيش عند صياغة الدستور الجديد.
وعندما ضغط مرسي والإخوان من أجل وضع دستور جديد اشتبكوا مع الأحزاب العلمانية وجماعات المجتمع المدني بسبب الصياغة الغامضة بشأن المواد المتعلقة بحرية التعبير، وعدم وجود ضمانات صريحة لحقوق المرأة والمسيحيين والمنظمات غير الحكومية.
بعد أسابيع من النقاش، والخوف من قيام القضاء بحل الجمعية التأسيسية سارع مرسي بإصدار مرسوم لحماية الجمعية من أي طعن قانوني وأصدر مرسوما دستوريا يحصن قراراته وهو الأمر الذي كان نقطة تحول. حذر بعدها العديد من مستشاري مرسي من أنه سيضع نفسه في مواجهة مع المجتمع المدني. واستقال خمسة من كبار المستشارين. لكن ظهر مطمئن وبنفس العزيمة والثقة أصدر قرارات أخرى.
أثار المرسوم الدستوري أسابيع من المظاهرات في الشوارع خارج القصر الاتحادية، الذي تعرض للهجوم بانتظام بزجاجات المولوتوف والقنابل والصخور ونتيجة لفشل الشرطة والحرس الجمهوري في حماية الرئاسة، تولى الإخوان حراسة القصر ودخلوا في معارك ضارية مع المحتجين المناهضين للمرسي.
موجة أخرى من الاحتجاجات توالت على مصر ابتداء من يوم 25 يناير الذكرى الثانية للانتفاضة التي أطاحت بمبارك، خاصة في في منطقة قناة السويس.
يوم 29 يناير، أصدر الجيش سلسلة من التحذيرات الرسمية بسبب الاضطرابات السياسية ودفع مصر إلى حافة الانهيار والتي من شأنها أن تبقى القوات المسلحة "على كتلة صلبة ومتماسكة"، وكان بشيرا للتدخل العسكري.
وبعد ذلك عانت جماعة الإخوان اقتصاديا وفي 17 شهرا بين سقوط مبارك وتنصيب مرسي، تراكمت احتياطيات العملة الأجنبية من 36 مليار دولار إلى 15.5 مليار دولار - وهو ما يكفي بالكاد لتغطية واردات ثلاثة أشهر. علاوة الفواتير المستحقة لشركات الطاقة دفع منتجي الغاز للحد من الشحنات إلى مصر، وتجميد الاستثمار وبطء إنتاج الغاز المحلي.
السياح والمستثمرين كانوا خائفين من الاحتجاجات العنيفة في الشوارع وعدم الاستقرار السياسي. كما جف الدعم المالي من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة بسبب عدائهم لجماعة الإخوان، وأصبح مرسي يعتمد على قطر الإمارة الغنية بالغاز والتي وفرت نحو 8 مليارات دولار في شكل قروض ومنح وودائع مع مبالغ أقل من تركيا وليبيا، الأكثر تعاطفا مع جماعة الإخوان.
نظام مرسي كان غير فعال في دعم الخبز وغاز الطهي ووقود الديزل وأصبح عبئا أكبر من أي وقت مضى على الموارد المالية الحكومية، كما أن نقص الديزل، والطوابير عند محطات الوقود، وانقطاع التيار الكهربائي تفاقمت في الفترة التي سبقت الاحتجاجات الواسعة يوم 30 يونيو، كما تراجع الجنيه المصري في القيمة، وبلغ معدل التضخم 9.75 في المئة في يونيو.
الأزمة الاقتصادية أثارت حفيظة التأييد لحملة تمر التي أطلقتها مجموعة من الشباب تطالب باستقالة مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. بدأت في 1مايو بواسطة ثلاثة وانتشرت كالنار في الهشيم إلى أن تدخل الجيش وعزل الرئيس مرسي.