حروب المعلومات في عصر الميتافيرس
يتكون مصطلح Metaverse من شقين الأول (Meta=beyond) أي ما بعد أو ما وراء، والثاني (verse=universe) أي الكون، وبالتالي يعني هذا المصطلح ما وراء الكون. ويمكن تعريفه على أنه مساحة افتراضية تتيح التفاعل من خلال صور افتراضية ثلاثية الأبعاد بطريقة تحاكي الواقع الحقيقي، ويجب على المستخدم امتلاك أدوات خاصة كسماعات ونظارات فضلا عن البرامج التطبيقية المرتبطة بها.
وظهر الميتافيرس إلي العلن بعد إعلان موقع الفيس بوك أنه سيقوم بتطوير هذه التقنية لكي تضفي تجارب مميزة للمتعاملين في البيئة الافتراضية، بل وسيكون هدف للموقع. وذكر مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرج "أن ميتافيرس عبارة عن مجموعة من المساحات الافتراضية، حيث يمكن انشائها واستكشافها مع أشخاص أخرين ليسوا في نفس المساحة المادية فيمكن بذلك العمل واللعب أو التسوق وغيره".
وعلى الرغم من أن الميتافيرس وفقا للخبراء سيكون التقنية القادمة للحوسبة المستخدمة في البناء والوصول للأنظمة والأنشطة الرقمية التي تحاكي العالم الحقيقي، وتوفر الأفاتر الثلاثي الأبعاد للمستخدمين وسرعة الأداء والاتصال حتى في مجال الأعمال وغيره، إلا أن لتقنية الميتافيرس آثارها السلبية خاصة عندما يتعلق الأمر بمسألة الخصوصية وأمن الأفراد، أو أمن الشبكة الدولية للمعلومات أوالأمن السيبراني.
الميتافيرس وأمن المعلومات
ومن أهم الآثار السلبية: ان حروب المعلومات في عالم الميتافيرس تكون بمثابة تهديد حقيقي يمكن استخدامه لنشر المعلومات الخبيثة والمضللة، وستكون الأخبار الكاذبة أكثر إقناعًا في عالم الـميتافيرس، وستصبح التغطية الإخبارية أكثر ترويعًا، بينما ستصبح الرياضة والترفيه أكثر واقعية. مما يصعب التمييز بين الأخبارالصحيحة والمضللة.
كما سيشهد هذا العالم الافتراضي زيادة المؤثرات العاطفية -الأمر الذي يمثّل نقطة ضعف من الناحية النظرية- يمكن للجهات استغلالها، بما في ذلك الجهات التي لها أهداف خاصة لا سيما التنظيمات الإرهابية والمجموعات المتطرفة.
وكذلك افتقاد حقيقة الانسان والمجتمع حيث لا يوفر الواقع الافتراضي نفس المستوى من السعادة والرضا، كما هو حقيقي مما قد يؤثر على تصور الانسان للوقت والمكان الحقيقي، وما يترتب على ذلك من انعكاسات قد تكون غير معروفة الآن، لكن من واقع الحال فان العوالم الافتراضية، كلما نعيش فيها كلما نبتعد عن انفسنا الحقيقية أو التفاعل مع أشخاص أو أصدقاء حقيقيين.
العالم الافتراضي يعطي الفرصة لإنشاء هويات افتراضية وهو نفسه إنشاء هويات مزيفة، يمكن أن تكون أي شخص وأن تفعل أي شيء في الواقع الافتراضي، وقد يكون للشخص هويات متعددة في ميتافيرس متعدد، ويفعل أي شيء لا يكون قادرا على فعله في العالم الحقيقي، مما يؤثر على نفسه الحقيقية وقد تصبح هذه العادات متأصلة فيه.
وكذلك امتلاك أصول افتراضية التي لا يتطلب امتلاكها عناية قانونية كبيرة، وهو ما يزداد في حالة القيام بإنشاء المزيد من الميتافيرس فيكون سهل الاختراق من على بعد الآف الأميال.
الميتافيرس والخصوصية
يضاف الي ذلك افتقاد الخصوصية والتأمين للكم الهائل من البيانات حيث يحول الميتافيرس العالم الحقيقي الى عوالم افتراضية، ويتم استبدال الاقتصاد الحقيقي بالاقتصاد الرقمي وغيره، مما يتطلب كمية كبيرة من المحتوى الثنائي والثلاثي الأبعاد، الأمر الذي يزيد الطلب على إنشاء البيانات وتخزينها ونقلها، ومع كمية البيانات التي ننتجها كل يوم بالفعل مما يسبب مشاكل.
كما إن أحد أصعب تحديات الميتافيرس إمكان سرقة أي شخص لديه بيانات اعتماد الشبكة الخاصة بشخص آخر ويمكن أن ينتحل شخصيته بسهولة، وسرقة البيانات المالية والشخصية للمستخدمين المخزنة في ملفات تعريف المستخدمين في الميتافيرس الخاصة بهم، فضلا عن إمكانية تتبع حركة الجسم والانفعالات الفسيولوجية مثل اشارات الدماغ والتفاعل الحقيقي مع البيئة المحيطة.
في الميتافيرس كل شيء وكل شخص هو المنتج، مع الأخذ في الاعتبار أن الميتافيرس يقدم بيانات شخصية أكثر عن مستخدميه ليس فقط للمنتديات وانما لمستخدمين آخرين، فضلا عن صعوبة حماية الملكية الفكرية للمستخدمين، مع زيادة وتعقيد الهجمات الالكترونية وهجمات الهندسة الاجتماعية وهجمات الفدية وهجمات حجب الخدمة، حيث يشكل تأمين البيانات في الميتافيرس تحديا كبيرا..
لكن يظل الميتافيرس أحد التقنيات المبهرة في العصر الحالي وفي المستقبل لكن المخاوف المتعلقة بالخصوصية في الميتافيرس غير محدودة مما يعرض الأمن الشخصي والأمن السيبراني للخطر الدائم. لذلك ينبغي إنشاء وتطوير طرق وحلول فنية بل وتشريعية مبتكرة تستطيع التعامل مع هذه التقنية الجديدة.