أستاذ بجامعة هارفارد: لا بد من إعادة النظر في أسلوب إدارة مستشفى 57357
مستشفى 57357، أكد الدكتور أسامة حمدي أستاذ أمراض الباطنة والسكر بجامعة هارفارد الأمريكية، أن الأركان الأربعة للخدمة الطبية الجيدة هي: جودة الخدمة، وخفض التكلفة، ورضاء المريض، ورضاء مقدم الخدمة. هكذا عرفها الغرب وطبقها، وتنافس من أجلها، بل نشر آلاف الأبحاث في اقتصادات العمل الصحي.
وأضاف أستاذ الباطنة بجامعة هارفارد أن خلل ضلع من الأربعة يُفشل تمامًا المنظومة الصحية في أى مستشفى، أو مركز طبي، فمن غير المقبول أن تقدم خدمة طبية جيدة بتكلفة عالية جدًا حتى لو رضي عنك المرضى والأطباء، كما لا يمكن أن تقدم خدمة طبية سيئة بتكلفة قليلة وتعتبرها حجتك، مشيرا إلى أنه تفشل المنظومة الطبية تمامًا إذا لم يرضَ المريض، أو مقدم الخدمة من أطباء ومعاونين لانعدام المقابل المناسب، وهي مشكلة معظم المستشفيات الحكومية.
وأشار الأستاذ بجامعة هارفارد الامريكية إلى أن المعادلة صعبة جدًا، وتحقيقها يحتاج إلى جهد ودراسة كبيرة وخبرة، فتكلفة العلاج الطبي في ارتفاع مستمر من أدوية وأجهزة، وسقف توقعات المرضى مرتفع، وتدريب الأطباء لتحقيق المستوى المطلوب شاق ومكلف. وفي عموم مصر، لم تنجح سوى تجارب محدودة جدًا لتحقيق المعادلة الرباعية.
ومعظم هذه النجاحات كانت في مراكز أكاديمية ذات طابع خاص متحرر من بعض القوانين العقيمة، خاصة في جانب المرتبات، وانتقاء الأفضل في منظومة العمل، وإبعاد الفاشل، وبالطبع اختيار الإدارة الدراسة الواعية ذات الخبرة.
مركز المسالك البولية والجهاز الهضمي بالمنصورة
وأشار الدكتور أسامة حمدي إلى أن مثال هذا النجاح النادر هو مركز المسالك البولية، ومركز الجهاز الهضمي بجامعة المنصورة، فبرغم التكلفة الضخمة لعمليات زراعة الكلى والكبد ومتابعتها، التي تفوق بمراحل تكلفة علاج السرطان، حقق المركزان المعادلة الصعبة للتوازن بين الأضلاع الأربعة.
وأوضح أن هذان المركزان جذبا المرضى بجودة خدماتهما، وحصَّلا أجر الخدمة من القادر عليها، وقدما فوق ذلك نفس الخدمة المميزة مجانًا لغير القادرين على تكلفتها، ثم أغلقا الفجوة في ميزانيتهما من التبرعات المقننة، وتعاملا بموضوعية مع التأمين الصحي، فاستطاعا تقديم الخدمة لعدد ضخم من المرضى مع الرضاء شبه التام من الأطباء والمرضى.
مشكلة مستشفى 57357
وأشار الدكتور أسامة حمدي إلى أن مشكلة مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال، تكمن في أن المستشفى لم يدرك أحد أضلاع الرباعية، أو ربما تجاهلها تمامًا، فقدم خدمة طبية جيدة بتكلفة باهظة جدًا، وذلك ربما لبذخ الإدارة في الصرف اعتمادًا على استمرار منظومة الدعاية والتبرعات، التي نافسها فيها حاليًا مستشفيات ومؤسسات خيرية أخرى!
وأضاف أنه تصرفت إدارة مستشفى 57357 كأى مستشفى خاص بميزانية مفتوحة، لا كمستشفى ممول بالتبرعات، من واجبه تقديم الخدمة الطبية الجيدة لأكبر عدد من غير القادرين بأقل تكلفة، وبتدبر وحذر، والإعلان بشفافية ومصداقية عن ميزانيته وأوجه الصرف فيها. فمن غير المنطقي أو المقبول أن يعلن مدير المستشفى على الملأ أن الرقيب على أوجه صرفه هو "الله"!! بالطبع نعم بالله، ولكن لو قال ذلك في الغرب لأصبحت قصة ربما لن تنتهي.
وقال الأستاذ بجامعة هارفارد عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك إن الإدارة التي تهدر ٢،٣ مليار جنيه، ولا يتبقى منها سوى ٣٠٠ مليون لتصرفها في ٤ أشهر قادمة بدعوى ارتفاع تكلفة علاج المرضى، تستحق المراجعة الدقيقة من مجلس أمنائها المؤتمنين على أموال المتبرعين، والإدارة التي تصرف من ميزانيتها في غير ما يصب مباشرة في الغرض المنشأة من أجله تستحق بالتأكيد المراجعة من مجلس أمنائها.
وأضاف: “أن الإدارة التي تجمع تبرعات من الخارج، ولا يصل منها شيء لخدمة المرضى مباشرةً يجب أن تراجع من مجلس أمنائها، الذين أعهدهم أشخاصًا على قدر كبير من العلم والفهم والإدراك، ومنزهين تمامًا عن المصلحة".
وتابع أستاذ أمراض الباطنة والسكر أن ما ذكره المستشار عدلي حسين من مخاوف أو شكوك بشأن مستشفى 57357 يجب دراسته بنزاهة وإمعان وحيادية،مضيفا: “لا يتمنى أحد منا فشل أي منظومة طبية ناجحة في مصر، وأنا أولهم، ولكن يجب إعادة النظر بتمعن في أسلوب الإدارة لتحقيق المعادلة الرباعية لجودة الخدمة الطبية، وتقديمها لأكبر عدد من المرضى غير القادرين".
واختتم الدكتور أسامة حمدي الأستاذ بجامعة هارفارد حديثه بأنه يتمنى أن يستمر مستشفى 57357 بطاقمه الطبي المميز في خدمة الأطفال المصابين بالسرطان، شفاهم الله، وأن توجه التبرعات بشفافية ووضوح إليه وإلى المستشفيات الحكومية والجامعية المميزة.