عصابات البلوجرز.. نصب واحتيال وغش وخداع.. وأشياء أخرى
ظهرت فى الآونة الأخيرة حالات كثيرة من النصب والخداع، عن طريق مشاهير البلوجرز أو الإنفلونسرز، فلم تكن البلوجر «هـ. ع» الوحيدة التى استخدمت تأثيرها على متابعيها، الذين تخطوا المليون متابع، عبر إنستجرام، لتحتال عليهم وتحصل على الملايين..بحسب اتهامات النيابة العامة.
يستخدم البلوجرز طرقا عديدة للحصول على الأموال عن طريق الاحتيال والكسب السريع، فقبل «هـ. ع» ظهرت قضية الاحتيال التى اتهمت فيها بلوجر الأزياء «هـ. أ»، التى كشف عنها بلاغ من منسقة مسابقات لإحدى الشركات يفيد تضررها من البلوجر، التى استولت على مبلغ مالى 52 ألف جنيه، قيمة جوائز مسابقة دعم بزيادة متابعين بموقع التواصل الاجتماعى «إنستجرام»، لكنها استولت على المبلغ دون دعم.وانتشرت عملية الاحتيال على المتابعين من قبل مشاهير البلوجرز، الذين يستخدمون حيلة خداعية تسمى «مسابقات زيادة المتابعين»، فأحد مشاهير البلوجرز تمكن من جمع ما يقرب من 200 ألف جنيه، من مشاهير فى الإعلام والمصورين، بغرض زيادة متابعيهم على «إنستجرام»..»فيتو» تقتحم عالم البلوجرز فى هذا الملف وتكشف بعض الأسرار والكواليس..
مآسي الضحايا
تحكى أحد المشاهير “م. ف ”التى وقعت ضحية فى شباك البلوجزر المشهور، والتى وصفته بالنصاب، حيث أكد لها قدرته على زيادة متابعيها من 50 إلى 100 ألف متابع، مقابل دفع 3 آلاف جنيه، وأن من حقها استرداد المبلغ كاملا إن لم يصل عدد متابعيها على أقل تقدير 50 ألف متابع.
حصل البلوجر الشهير على المبلغ، لكن عدد متابعى الإعلامية لم يصل للعدد المتفق عليه، كما أنه منحها متابعين مزيفين، ورفض البلوجر رد المبلغ.
يستخدم البلوجرز حيلا عديدة لزيادة متابعيهم، حتى يتمكنوا من الاستيلاء على أموال فريستهم بالخداع، فبعض البلوجرز واليوتيوبرز يلجأون للكشف عن تفاصيل حياتهم الخاصة، تصل فى بعض الأحيان لكشف العورات، للحصول على متابعين، واحدة من اليوتيوبرز «أم. ن» قامت بالطبخ فى غرفة النوم، لتحصل على أرباح تصل إلى 1000 دولار شهريا، تصل أرباحها السنوية إلى نحو 13200 دولار، بحسب موقع «سوشيال بليد».كما يقوم العديد من اليوتيوبرز باستخدام الدين أو كورسات التنمية البشرية، حتى يتمكنوا من كسب ثقة متابعين، وبالتالى يمكنهم الاحتيال عليهم وأخذ أموالهم بسهولة.
فخ التنمية البشرية
فى عام 2019، تم إلقاء القبض على صاحب أكاديمية (مش كورسات)، وهو يوتيوبر مشهور يدعى «م. ح»، تم التحقيق معه من قبل النيابة فى مدينة نصر، فى قضية اُتهم فيها بـ»النصب» على مجموعة من الشباب، باسم «الفرنشايز»، استغلال علامته التجارية مقابل نسبة ضخمة من الأرباح لليوتيوبر المشهور، الذى قام بإزالة كافة الفيديوهات التى تدينه من صفحته الرئيسية واليوتيوب وكافة منصات التواصل الاجتماعى.
ويحكى أحد رواد منصات التواصل الاجتماعى ويدعى نادر بكر عن عمليات احتيال يستخدمها أحد مشاهير البلوجرز ويدعى «ع. غ»، ودعمها بصور من محادثات بين البلوجر ومتابعيه، حيث يقدم البلوجر عرضا للراغبين فى زيادة عدد متابعيهم على 100 ألف متابع، مقابل الحصول على 10 آلاف جنيه من كل شخص، ويبلغ المشتركون فى كل مسابقة 200 شخص، من الراغبين فى زيادة عدد متابعيهم، وبذلك يصل المبلغ الذى يحصل عليه «ع.غ» فى كل مسابقة 2 مليون جنيه.
ويستقطب «النصاب» أعدادًا كبيرة من المراهقين، الراغبين فى زيادة عدد متابعيهم لأكثر من 100 ألف متابع للحصول على درع اليوتيوب، وكان البلوجر يكرر مسابقات الاحتيال ما بين 5 إلى 6 مرات.
أما الجوائز الحقيقية عبارة عن 3 آلاف جنيه، توزع بطريقة احتيالية على أقرب أصدقائه، وذلك ما كشفه صديق لـ»ع.غ».
كما كشف أحد رواد السوشيال ميديا، ويدعى وائل عبد الرحيم عن عملية احتيال ونصب قام بها أحد البلوجرز فى مجال السيارات ويدعى (م. ش)، الذى اقترح على متابعيه تدشين شركة استيراد سيارات «زيرو» جمارك من أوروبا، واقترح أن يدفع كل عضو، يريد سيارة، أن يرسل من خلال فورى أو تحويل بنكى مبلغ ١٠٠ جنيه، لا ترد؛ وهى رسوم فتح ملف، وقام البلوجر بتجميع مبلغ مالى ضخم.
وبالفعل بدأ متابعوه فى إرسال الأموال، لحساب البلوجر، ليكتشفوا بعد ذلك أن الشركة وهمية، لا مقر لها أو أوراق أو سجل أو بطاقة استيرادية، الغريب أن سعر حجز السيارات بلغ حوالى 11 ألف جنيه، وبالفعل تم تحويل المبالغ على حساب بنكى، والسيارات لم تصل لحاجزيها منذ 3 سنوات وحتى الآن.
الحلول السريعة
دائمًا ما يجرى المرء وراء الحلول السهلة والسريعة، ما يجعله فريسة للنصابين والمحتالين، وأخطرهم من يصفون أنفسهم ببلوجرز الصحة، الذين يستغلون رغبة الناس فى الشفاء من أمراضهم المزمنة، أو الظهور بشكل جميل، فيتاجرون بالصحة.
ومن أشهر البلوجرز، المتاجرين بالصحة، «ج. ع»، صاحب قناة على اليوتيوب، ويبلغ عدد متابعيه مليونا و820 ألف مشترك، أما اليوتيوبر «أ. أبو النصر» فيبلغ عدد متابعيه مليونا و420 ألف متابع، من أشهر المتاجرين بالصحة، من خلال ادعاء علاج الأمراض المزمنة بالأعشاب، بهدف ربحى، حيث أوصوا بإيقاف علاج السكر والضغط واخد أعشاب بديلة مما يعرض المريض لمضاعفات خطيرة تصل للوفاة.
الكسب السريع
عمليات الكسب السريع عن طريق النصب أغرت الكثير من الطامعين فى تدشين عدد كبير من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى وخاصة «فيسبوك»، للاحتيال على الرغبين فى زيادة متابعيهم، حيث قام أحد البلوجرز بتدشين صفحة على فيسبوك، ليوهم ضحاياه بتفعيل القنوات على اليوتيوب مقابل دفع مبلغ 400 جنيه للألف مشترك، و300 جنيه لعمل 300 ساعة. وبلوجر آخر يعرض تفعيل قناة اليوتيوب مقابل دفع 550 جنيه لـ4 آلاف ساعة، و700 جنيه مقابل 1000 مشترك، وبعد أن تقع الضحية فى الشرك، ويتم دفع المبالغ المطلوبة، يقطع البلوجر الاتصال بهم، وتكون النتيجة أموالا طائلة حصيلة وقوع الضحايا فى فخ البلوجر.
إحدى المفارقات الغريبة التى حكاها أحد رواد التواصل الاجتماعى ويدعى “رمضان حليمو” أن أحد البلوجرز قرر بيع عدد من القنوات، التى يمتلكها أصدقاء “حليمو”، دون علمهم وخاصة أنهم لم يقوموا بعرض قنواتهم للبيع، فقرر حليموا أن يوقع البلوجر فى الشرك.
قام رمضان حليمو بالاتصال بالبلوجر، الذى عرض عليه بيع قنوات أصدقائه مقابل بضعة آلاف من الجنيهات، أقل سعر 29 ألف جنيه، لكن حليمو خدع البلوجر، وعرض عليه أن يتقابلا، لكن البلوجر رفض لتكون المفاجأة «الحظر».
اليوتيوبرز والبلوجرز أسرع الطرق للنصب الإلكترونى، شعار المرحلة الأخيرة بعد القبض على البلوجر «هـ. ع» بتهمة النصب على 16 شخصًا.
طرق المواجهة
بدوره، يوضح سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع، أن وسائل التواصل الاجتماعى طريق عام فيه الطيب والشرير، وبالطبع هناك من يستخدمها لارتكاب جرائم نصب واحتيال أو فى نشر التطرف والإرهاب أو سرقة هويات الآخرين وخداعهم والنصب عليهم.
وأضاف: نحتاج برامج توعية إعلامية تعلم الناس كيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعى، وتسليط الضوء على بعض القضايا الجيدة والسيئة ليتعلم الجمهور، وتجنب الوقوع فى فخ اللصوص والنصابين الذين يختفون وراء صور وقصص وخدع لاصطياد ضحاياهم، لذلك يجب تكثيف التغطية الإعلامية لتعليم الناس كيفية تجنب الوقوع فى فخ النصب والخداع.
أما عن السبب الرئيسى فى انتشار البلوجر واليوتيوبر، فقال صادق: لسهولة استخدامها وقدرتها على تحقيق الشهرة والكسب السريع، فضلا عن تفرغ البعض وعدم وجود وظيفة تشغل كل وقت البلوجر.
وأجاب أستاذ علم الاجتماع عن سؤال: «هل يمكن تقنين أوضاع البلوجر أو اليوتيوبر، وفرض رسوم أو ضرائب عليهم؟»، أوضح أنه من الصعب، لكن يجب التوعية بعدم دفع أموال لمشروعات وهمية، والحرص على ألا يقع فريسة للنصب، فإذا تم فرض الرقابة على البلوجرز المصريين، فماذا سنفعل فى البلوجرز الأجانب خارج مصر.
وفى نفس السياق، يقول ماهر الصبغ، أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، البلوجرز واليوتيوبرز فرصة جيدة كى يعبر المواطنون عن أنفسهم وبالفعل نجحوا فى ذلك، فكل شخص لديه مهارة أو خبرة فى مجال ما، نجح فى إظهاره للمواطنين من خلال تلك المنصات.
وأضاف: وإذا استغل البعض تلك الوسائط فى النصب، فهذا لا يقلل من قيمتهم، لكن لا يمكن الاكتفاء بفرض الأخبار على المواطنين من خلال وسائل الإعلام فقط، ولكن لا بد من وجود متنفس للمواطنين، وإعطاء الناس فرصة للتعبير عن أنفسهم.
واستطرد قائلا: تلك المنصات خلقت فرصا للمجتمع، للابتكار والتفكير وإخراج أفكار خارج الصندوق، وخاصة أن المجتمع المصرى يفتقد الابتكار، وليس لديه قدرة على التخيل، وهذا أحد أسباب فشل البحث العلمى فى مصر لأنه معتمد على النقل فقط.
ومن جانبه، يقول جمال فرويز أستاذ علم النفس: لا يمكن اعتبار أن جميع البلوجرز عصابات أو شخصيات مضطربة، أى مجال يوجد به شخصيات مضطربة وأصحاب نفوس ضعيفة يستغلونه بشكل غير سليم.
وشدد فرويز على أهمية تقنين الأوضاع لليوتيوبرز والبلوجرز، لتستطيع الدولة فرض رقابة عليهم، موضحا لا يوجد دولة، السوق الموازى فيها أكبر من السوق الأساسى، منوها السوق الموازى غير قانونى لأنه تهرب ضريبى، فالجميع ملزم بسداد حق الدولة فى الضرائب، فكل شخص يحقق أرباحا لا بد أن يدفع حق الدولة فى الضرائب.
وأشار الطبيب النفسى إلى أن تحقيق الشباب لأرباح كثيرة من مواقع التواصل الاجتماعى، شجع الكثير للعمل فى هذا المجال وفق اهتمامات وقدرات كل شخص، ولكن هذا المجال سوق غير قانونى، قائلا: «فى ناس كتير بتغنى ومش بتدفع ضرائب، لذلك لا بد من تقنين أوضاعه».
تغليظ العقوبة
برلمانيًا..أوضحت مها عبد الناصر عضو مجلس النواب، أن استخدام مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعى فى النصب على المواطنين أمر سيئ جدا، يتطلب المواجهة من عدة محاور، أولها التشريعات مثل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية والذى يتضمن عقوبات حالية لمواجهة تلك الجرائم، كما توجد مقترحات حاليا لتغليظ تلك العقوبات.
وتابعت النائبة مها عبد الناصر، أن الأهم من تغليظ العقوبات هو أن يكون هناك توعية المواطنين بمثل هذه الوقائع والمشكلات، من خلال فيديوهات توعية قصيرة يتم تداولها على منصات السوشيال ميديا.
وجددت عبد الناصر طلبها واقتراحها السابق بإنشاء منصة إلكترونية لاستقبال بلاغات وشكاوى المواطنين من مثل تلك الوقائع والتعديات على المواطنين، حيث ستكون أكثر سهولة ويسر وسرعة فى استقبال بلاغات المواطنين والتعامل معها بشكل سريع وأفضل.
ضوابط الاستخدام
فيما أكد حسانين توفيق، عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس الشيوخ، أهمية التوعية بضوابط استخدام التطبيقات الإلكترونية، مشيرا إلى أن التطبيقات الإلكترونية لها سلبيات مثلما لها إيجابيات.
وقال توفيق، إن أى سلوكيات خاطئة يرتكبها البعض عبر منصات التواصل الاجتماعى أو التطبيقات الإلكترونية تأتى نتيجة عدم وعى بالاستخدام الأفضل لتلك الوسائل الاتصالية الحديثة.
وشدد عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس الشيوخ، على أهمية محو الأمية الرقمية للمواطنين، بحيث يكونون على وعى كامل بكيفية التعامل مع التكنولوجيا فى الإطار الذى يحافظ على حقوقهم وخصوصيتهم.
وأوضح أنه فى الوقت الذى نستهدف فيه محو الأمية الرقمية نجد أن هناك ما يقرب من 28% لا يجيدون القراءة والكتابة، مشددا على ضرورة أن تولى الدولة اهتماما بهذا الملف، فى ظل الاتجاه القوى الذى تستهدفه الدولة نحو التحول الرقمى.
واتفق معه النائب مكرم رضوان عضو مجلس النواب، مشيرا إلى أن الوعى التكنولوجى يحد بشكل كبير من الآثار السلبية التى تنتج عن استخدام مثل تلك المواقع أو التطبيقات، مطالبًا بضرورة التطبيق الحازم للقانون فى تلك الوقائع التى يرفضها المجتمع.
الأزهر على خط الأزمة
مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بدوره حذر من الاندفاع وراء البريق المزيف لحياة بعض مدونى السوشيال ميديا، وهو الغطاء المتعمد من قبلهم لإظهار ما يريدون بعيدًا عن حقيقة حياتهم وشخصيتهم، ليصطدم رواد صفحاتهم بعد ذلك بما يتكشف لهم من حقائق ووقائع، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا الحديثة فرضت نوعًا جديدًا من أساليب النصب والاحتيال المغلفة بغطاء براق جاذب للعين ومغيب للعقل، وهو ما يستلزم التوعية المستمرة من هذه الصفحات والشخصيات المزيفة التى تظهر عكس حقيقتها على مواقع التواصل المختلفة والتى باتت لا تطرق أبوابنا بل تقتحم حياة الناس فى البيوت والمدارس والشوارع وفى كل مكان، فهى لا تعترف بالحدود ولا بالقواعد الأخلاقية أو المسئولية المجتمعية.
وأكد مرصد الأزهر أنه من الواجب عليه توعية الآباء والأسر المصرية من ما وصفهم بالمصائد البشرية لرواد مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، لافتا إلى أن من نماذج الاحتيال والنصب على رواد السوشيال ميديا، مشاركة بعض «البلوجرز» فى حملات دعائية، حيث يطلب هؤلاء من متابعيهم متابعة عدد من الحسابات خلال وقت محدد مع وعد بالفوز بجوائز قيمة تتراوح بين الأموال والهواتف المحمولة وغيرها، ولا يحمل «البلوجرز» أو المدونون أصحاب تلك الحملات همًّا سوى جمع الأموال من الحسابات التى تطلب منهم المشاركة فى الحملة، مستغلين فى ذلك ثقة البعض وسذاجة البعض الآخر من الباحثين عن المكسب السريع دون بذل أدنى جهد.
وشدد المرصد على أن هذا الانتشار الواسع لتلك المواقع فى حياتنا دون وجود رقابة مجتمعية حقيقية يجعلنا ندرك مدى خطورة توغلها فى حياتنا، وعلى أكثر من صعيد، ودعا المرصد إلى مكافحة إدمان مواقع التواصل الاجتماعى، وتحرير الأجيال القادمة من سيطرة الميديا، من خلال تأسيس مواقع تفاعلية فى الجامعات والمؤسسات التربوية، يقوم عليها مختصون من أجل تبنى أفكار الشباب وتوجيهها وفق أسس سليمة لمعالجة ما يطرأ من أفكار تطرفية خاطئة، تنتهى فى بعض الأمور بقتل البعض أو هتك أعراضهم.
إرهاب من نوع جديد
ومن جانبه قال الدكتور أحمد البصيلى، عضو هيئة التدريس فى كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن المجتمعات تعانى فى بعض الأحيان من الإرهاب باسم الدين أو الفن أو الشهرة، وأن هناك قاعدة فى الشريعة الإسلامية وهى كلما كانت الجريمة وأثرها على نطاق واسع كلما كانت عقوبتها أضعاف العقوبة المقررة شرعًا، وعلى سبيل المثال السرقة عقوبتها معروفة ولو تطورت هذه الجريمة وتحولت إلى قطع طريق فهنا تكون عليه أضعاف العقوبة المقررة شرعًا وهو حد الحرابة، والذى كان له علاقة بفكرة أن صاحبها تدخل فى الحياة الاجتماعية للناس من خلال بث الرعب فى قلوب الآمنين وتعكير صفو الحياة عليهم حتى وإن لم يقع ضرر على الناس إلا الترويع فقط فيتم تطبيق العقوبة عليه لأنه أفسد الحياة الاجتماعية على الناس.
وكذلك الحال بالنسبة لبعض الأشخاص الذين يتعمدون التشويش على حياة الناس، وهؤلاء العقوبة المفترض تطبقيها عليهم شرعًا أقسى بكثير من العقوبة التى يعتمد عليها القانون، وذلك لأنهم يستغلون شهرتهم من خلال السوشيال ميديا من خلال القاعدة الجماهيرية لهم على تلك المواقع من أجل السطو على أموال الجماهير، وهو أمر يمكن وصفه بأنه يتخطى فكرة النصب أو النهب على المواطنين.
وأشار إلى أن المجتمع المصرى أبتلى مؤخرًا بانتشار ظاهرة «البلوجرز» وهو بمنزلة «المصائب» التى لا نعلم أولها من آخرها، موضحا أن هناك حديثا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول فيه» من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»، وعند عرض المادة الإعلامية التى تطرح على صفحات «البلوجرز» نجد أنه لا يكاد أن تكون هناك جمل مفيدة بل نجد الكثير من الجمل الضارة، وذلك لأن البعض يقلدهم دون وعى، بجانب تضييع الأوقات للناس، مؤكدًا أنهم يستهدفون الإثارة وليس الإنارة، وزيادة عدد المشاهدات لا أكثر وهو الغرض الأساسى لهم من أجل زيادة عدد الإعلانات على صفحاتهم وبالتالى زيادة دخلهم، وهم يرتكبون فى سبيل تحقيق هذه الغاية كل غالى ونفيس، ويدسون على كل المبادئ ويقتحمون كل العادات والتقاليد.
وأضاف «البصيلي» فى تصريحات خاصة لـ «فيتو» أنه بصرف النظر عن البعد الدينى أو التوجه، فإنه لا يوجد أى محتوى أو رسالة مفيدة من وراء المحتوى الذى يقدمه هؤلاء «البلوجرز»، ولو نظرنا للقرآن الكريم نجد أن المولى عز وجل قال: «والذين هم عن اللغو معرضون» فقدم الإعراض عن اللغو عن الزكاة أو حفظ العورات والعهود، والسبب فى ذلك أن العلماء قالوا من يدمن اللغو يوشك أن يقع فى جميع المحرمات، لافتا إلى أن المتتبع لنشاط بعض «البلوجرز» يجد أنهم فى بدايتهم يتحدثون عن نفس العادات والتقاليد الخاصة بنا، ثم ينحرف مسارهم بعد ذلك، من أجل جلب مزيد من المشاهدات فبدا الأمر فى رحلتهم باللغو ثم انقلب الحال إلى النصب والاستيلاء وتعكير صفو المجتمع وتكدير الأمن المجتمعى.
وأوضح أستاذ الدعوة فى جامعة الأزهر أنه لا يمكن الحكم على جميع «البلوجرز» أو الأشخاص المؤثرين على السوشيال ميديا أن عملهم محرم وذلك لوجود أشخاص كثيرين يستخدمون قنواتهم والمواقع التابعة لهم من أجل نشر قيم صالحة للمجتمع، وهم فى نفس الوقت يستفيدون، وبالتالى يصعب تعميم حكم شرعى عليهم وإنما تكون كل حالة بمفردها أو طبعها الخاص، الأمر ليس فى الخطأ الذى قد يقع فيه بعض هؤلاء وإنما الخطورة كلها فى الجهر بهذا الخطأ بل ومحاولة فرضه على الواقع وتقنينة وجعله بمنزلة الواقع نفسه.
نقلًا عن العدد الورقي…