الحوثيون العصا السحرية لأمريكا فى ابتزاز الخليج..الولايات المتحدة تتغاضى عن جرائم
لا تستطيع أمريكا العيش دون منغصات للحلفاء، ومن تعتبرهم أمناء على مصالحها ولاسيما فى الشرق الأوسط وإفريقيا، إذ تشتهر الولايات المتحدة باستراتيجية خلق الأعداء للدول، طوال تاريخها كانت تستخدم هذه الورقة كوسيلة للضغط على كل من يتجرأ على الدوران فى فلك خارجى عنها، أو يعارض السياسة والمصالح الأمريكية.
يمكن معرفة ذلك ببساطة من خلال قراءة الملف اليمنى الذى استخدمته الولايات المتحدة الأمريكية كشوكة فى ظهر دول الخليج والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، فمن ناحية تزعم أمريكا أنها تدعم دول الخليج والمملكة فى حربهم ضد المتمردين الحوثيين والذى تستخدمه إيران كوسيلة لتهديد أمن دول الخليج، وعلى الناحية الأخرى توجه الانتقاد الشديد من خلال لجانها المختلفة لعاصفة الحزم وترميها باتهامات تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان فى اليمنk وعلى الرغم من معارضة دول الخليج العربى للاعتراف بالمتمردين الحوثيين، إلا ان الولايات المتحدة الأمريكية وبالأخص مبعوثها إلى اليمن، تيم ليندركينج، يصر على وضع الحوثيين على طاولة المفاوضات، ويعتبرهم جزءا من الحل فى الأزمة اليمنية، متجاهلا المخاوف الخليجية من خطورة هذه الجماعة على أمن المنطقة، باعتبارها أحد أذرع إيران التى تستخدمها فى استهداف المملكة العربية السعودية.
مناورات أمريكية باستخدام الحوثيين
تلتزم الحكومة الشرعية فى اليمن بالهدنة التى تم إبرامها برعاية من الأمم المتحدة، إلا أن الحوثيين دائما ما يقومون بنقضها، ومع ذلك لا يظهر أى دور أمريكى جدى للحد من الانتهاكات الحوثية لحقوق الإنسان فى اليمن، أو أعمالهم العدائية ضد المملكة العربية السعودية، وتعرف أمريكا جيدا استمرار جماعة الحوثى فى استخدام الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة التى تحصل عليها من إيران وتدرك كيف تشكل خطورة بالغة على المناطق الحدودية للمملكة العربية السعودية، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تصر على الاعتراف بهذه الجماعة واعتبارها جزأ من الحل.
واستغلت الولايات المتحدة الأمريكية أيضا أزمة نقص صواريخ الباتريوت التى تستخدمها المملكة العربية السعودية ضمن أنظمتها الدفاعية الحساسة للدفاع عن حدودها ضد هجمات الحوثى من أجل الضغط على المملكة، ورفضت واشنطن تسليم الرياض شحنات جديدة من هذه الصواريخ، الأمر الذى دفع السعودية إلى التفكير فى استبدال منظومة الدفاع الجوى الأمريكية ببديلتها الروسية والمعروفة باسم إس -400، وليس ذلك فحسب، إذ بلغ الأمر بأمريكا إلى السعى لإلغاء التعاون مع المملكة العربية السعودية فى حربها ضد المتمرديين الحوثيين فى اليمن، لولا تدخل الرئيس بايدن.
قانون أمريكى لإنهاء التعاون مع السعودية
كانت صحيفة واشنطن بوست كشفت فى تقرير جديد أن الإدارة الأميركية عرقلت مشروع قرار لمجلس الشيوخ بعنوان «سلطات الحرب» كان سينهى الدعم العسكرى الأميركى للحرب السعودية فى اليمن، والتى استمرت لأكثر من سبع سنوات، ومن المفترض أن يعرض مشروع القرار للتصويت، إلا أن مجلس الشيوخ أعلن سحب التصويت لإجراء مباحثات مع البيت الأبيض.
المحلل السياسى الأميركي، باولو فان شيراك، يرى أنه لا توجد علاقة مباشرة بين مشروع قرار ساندرز المناوئ للسعودية، والحرب فى أوكرانيا، إلا أن للقرار تبعات غير مباشرة ليس فقط فى أوكرانيا ولكن فى باقى أنحاء العالم حيث تعمل واشنطن على دعم هذه الدولة أو تلك منذ عقود، وفى حديث لموقع «الحرة»، أشار شيراك إلى أن النتائج غير المباشرة لمثل هذه القوانين التى تدين «حليفا للولايات المتحدة» من شأنها أن تثير الشكوك فى قدرة واشنطن على الوفاء بالتزاماتها تجاه حلفائها، بمن فيهم أوكرانيا.
الحوثيون يستخدمون الشعارات الإيرانية
يذكر أن تقرير الصحيفة الأميركية كشف أن البيت الأبيض وزع نقاط حوار على أعضاء مجلس الشيوخ قبل التصويت، ، قال فيها إن القرار من شأنه أن يعرض الهدنة اليمنية الهشة للخطر.
وفى هذا السياق قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمؤتمر الشعبى العام فى اليمن، الدكتور عبد الحفيظ النهاري، إنه منذ نشأة الجماعة الحوثية المسلحة وهى تتخذ من عبارة: الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل، شعارا مستنسخا من شعارات إيرانية مماثلة، وجزءا من خطابها الأيديولوجي، وأضاف الدكتور عبد الحفيظ النهاري، أنه عند اجتياح الميليشيا الحوثية المسلحة للعاصمة صنعاء فى 21 سبتمبر 2014م كانت السفارة الأمريكية من أول المواقع التى اعتدت عليها الميليشيات واقتحمتها ونهبت بعض سياراتها المصفحة ومستلزماتها، ثم قامت فى السنوات الأخيرة باعتقال الموظفين المحليين العاملين فى السفارة الأمريكية، والذين ما يزالون محتجزين، واعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية استمرار احتجازهم إهانة للمجتمع الدولي.
وبعد أن سيطرت الجماعة الحوثية المسلحة على صنعاء وتمددها وسطا وجنوبا نحو بقية المحافطات، كان هناك تعاون وتنسيق معروف بين الأمريكيين والحركة الحوثية المسلحة فى محافظة البيضاء ومحيطها فى عمليات لملاحقة تنظيم القاعدة والتنظيمات المشابهة التى كانت محل ملاحقة إمريكية فى اليمن، وكان الحوثيون يعتبرون أنفسهم محاربين وملاحقين للجماعات التكفيرية ـ حسب تعبير الحوثيين ـ ويبدو أن تنسيقا ميدانيا كان قائما آنذاك وأن الأمريكيين كانوا مقتنعين بأن الحوثيين كخصم عقائدى ومذهبى وطائفى للمتطرفين السنة، سيكونون الأقدر على ملاحقتهم.
وأوضح عبد الحفيظ النهارى ، أن الولايات المتحدة الأمريكية أطلقت يد التطرف الشيعى فى المنطقة العربية فى العراق وفى سوريا لملاحقة داعش وشكلت تحالفا دوليا لم تكن إيران وأذرعها المسلحة بعيدة عن التوظيف المرحلي، ولكن على حساب الأمن الإقليمى فى المنطقة، أى التخلص من إرهاب وخلق إرهاب آخر لتظل المنطقة فى دوامة الصراع السنى الشيعى وأشار النهارى إلى أن المعركة الإقليمية والوطنية من أجل استعادة الحكومة الشرعية من يد الإنقلابيين الحوثيين، قد فتح شهية الولايات المتحدة الأمريكية لبيع الأسلحة لدول الخليج لتغطية حاجتها فى الدفاع عن نفسها إزاء الهجمات الحوثية الصاروخية والمسيرة والاعتداءات على الحدود البرية، ولعل واشنطن قد وظفت هذا الوضع لتحقيق هدفين على الأقل: الأول: تحقيق صفقات كبيرة لبيع الأسلحة، والثاني: الحفاظ على استمرار التهديد الإيرانى والحوثى للمنطقة وإبقائها فى مرمى التهديد، للاستفادة الأمريكية من ذلك وإبقاء المنطقة تحت ضغط الأولويات الأمنية والحاجة المستمرة لأمريكا، وهى حسابات خاطئة واستراتيجيات غير موفقة، ومضرة ليس بمصالح الخليج والأمة العربية فحسب بل بمصالح الولايات المتحدة ذاتها على المدى الاستراتيجي.
نقل الأسلحة من إيران للحوثيين
وفيما يتعلق بالأسلحة التى تصل إلى جماعة الحوثي، أوضح عبدالحفيظ النهارى أن قرار مجلس الأمن رقم 2216 الصادر فى 14 أبريل 2015 منع توريد الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الحوثيين وخول التحالف العربى بالتفتيش على المنافذ والممرات البحرية والبرية والجوية لذلك الغرض، واستطرد: لكن ضعف قدرات وآليات التحالف العربي، جعل من الطبيعى الاستعانة بقوات دولية وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية للمساعدة فى ضبط تدفق الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الجماعة الحوثية المسلحة، وخاصة مع التواجد الإيرانى الكثيف فى الخليج وبحر العرب وفى اتجاه مضيق باب المندب والمياه الإقليمية اليمنية لغرض المساندة اللوجستية والعسكرية للحوثيين.
وأشار النهارى إلى أن هذا الوضع جعل الولايات المتحدة ودول أخرى فى مواجهة الإرهاب الإيرانى البحرى وعمليات تزويد الحوثيين بالأسلحة عبر عدة منافذ بحرية وبرية من جهة المحيط الهندى والبحر الأحمر، إلا أن التراخى الأمريكى البريطانى مع الحوثيين يسمح بوصول شحنات أسلحة ذات تأثير كبير إلى الحوثيين عبر مسارات ومنافذ أصبحت معلومة لأجهزة الاستخبارات، وبتواطؤ بعض الجماعات والدول المجاورة، وتشكلت شبكات تهريب للأسلحة، وللأموال، والمخدرات.
مصر وحفظ أمن الخليج والمضيق
وأضاف النهارى أن اليمن يعول على تولى القوات البحرية المصرية قيادة قوة المهام المشتركة 153 فى مناطق البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، وبالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، والدول الشقيقة والصديقة لمواجهة التهديدات والتحديات التى تستهدف أم واستقرار المنطقة وتفعيل القوة البحرية المشتركة CMF ، بما يساعد على منع تدفق الأسلحة إلى الحوثيين، وحماية طرق وممرات التجارة الدولية وحماية الأمن القومى العربي.
وفى السياق ذاته، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير جمال بيومي، إنه يعتقد أن هناك صفقة ما تم عقدها بين الولايات المتحدة الأمريكية والحوثيين فى اليمن، وهى كانت السبب وراء إزالة الحوثيين من قائمة الإرهاب، على الرغم من إدارجها على القائمة بواسطة إدارة الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب.
وأوضح جمال بيومى أنه يعتقد أن هناك ثمة تقارب بين أمريكا والحوثيين بما يصب فى مصلحة واشنطن الخاصة على الرغم من أن ذلك يتعارض مع أمن ومصالح دول الخليج، مما يؤكد أن السياسة الأمريكية تسعى دائما خلف مصالحها الشخصية فقط.
ونوه بيومى إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تتغافل شحنات الأسلحة المتجهه من إيران إلى الحوثيين، وذلك نظرا لتعارض وجهات النظر بين واشنطن وطهران.
وأكد بيومى أن السعودية حليف قوى لأمريكا، ولكن واشنطن تسعى إلى مصالحها الشخصية فى المقام الأول، موضحا أن الأخيرة لا تستطيع بمفردها إنهاء الأزمة اليمنية.
نقلًا عن العدد الورقي…،