رئيس التحرير
عصام كامل

أفريقيا‭ ‬الأرض‭ ‬الموعودة.. حرب‭ ‬تكسير‭ ‬عظام‭ ‬بين‭ ‬الأمريكان‭ ‬والروس‭ ‬والصينيين‭ ‬على‭ ‬القارة‭ ‬السمراء

أرشيفية.. فيتو
أرشيفية.. فيتو

‮«‬لقاء‭ ‬الحصاد‮»‬،‭ ‬العنوان‭ ‬الذى‭ ‬اختير‭ ‬للقمة‭ ‬المرتقبة‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسى‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين،‭ ‬ونظيره‭ ‬الصينى‭ ‬شى‭ ‬جين‭ ‬بينج،‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬الجارى‭ ‬لعقد‭ ‬مباحثات‭ ‬ثنائية‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬دون‭ ‬ذكر‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التفاصيل‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭ ‬الاجتماع‭.‬


لكن‭ ‬الكواليس‭ ‬المسربة،‭ ‬بل‭ ‬الملفت‭ ‬فى‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬اللقاء‭ ‬المرتقب‭ ‬أعلن‭ ‬عنه‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬التى‭ ‬شهدت‭ ‬فيها‭ ‬العاصمة‭ ‬واشنطن‭ ‬لقاء‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬جوبايدن‭ ‬و50‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬الأفارقة،‭ ‬بزعم‭ ‬إظهار‭ ‬التزام‭ ‬أمريكا‭ ‬الدائم‭ ‬تجاه‭ ‬أفريقيا‭ ‬وبناء‭ ‬شراكة‭ ‬وعلاقات‭ ‬قوية‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬الإملاءات‭.‬


كانت‭ ‬القمة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأفريقية‭ ‬قد‭ ‬جرت‭ ‬محادثاتها‭ ‬الأسبوع قبل‭ ‬الماضى‭ ‬وركزت‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬الصينى‭ ‬فى‭ ‬القارة‭ ‬السمراء،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬الوجود‭ ‬العسكرى‭ ‬والأمنى‭ ‬الأمريكى‭ ‬للمنطقة،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬مقارنته‭ ‬بحجم‭ ‬التجارة‭ ‬الصينية‭ ‬الهائلة‭ ‬مع‭ ‬أفريقيا،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬حرص‭ ‬المسئولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬ذكر‭ ‬بكين‭ ‬صراحة‭ ‬خلال‭ ‬اجتماعهم‭ ‬مع‭ ‬القادة‭ ‬الأفارقة‭.‬

الصراع على أفريقيا

وأصبحت‭ ‬أفريقيا‭ ‬كلمة‭ ‬السر‭ ‬فى‭ ‬حلقة‭ ‬التنافس‭ ‬الصينى‭ ‬الأمريكى‭ ‬الروسى‭ ‬سواء‭ ‬لأنها‭ ‬تعد‭ ‬ثانى‭ ‬أكبر‭ ‬قارة‭ ‬يتخطى‭ ‬تعداد‭ ‬سكانها‭ ‬مليارا‭ ‬و400‭ ‬نسمة،‭ ‬أو‭ ‬لأنها‭ ‬القارة‭ ‬الأكثر‭ ‬نموًا‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬والتى‭ ‬تعنى‭ ‬قوة‭ ‬شرائية‭ ‬ضخمة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمى‭ ‬بسبب‭ ‬حاجتها‭ ‬المستمرة‭ ‬للتعليم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭.‬


لم‭ ‬تصمت‭ ‬الصين‭ ‬كثيرا‭ ‬وردت‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬قبل‭ ‬انتهاء‭ ‬القمة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأفريقية‭ ‬بالإعلان‭ ‬عن‭ ‬قمة‭ ‬مرتقبة‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬روسيا‭ ‬دون‭ ‬ذكر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التفاصيل،‭ ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬كأنها‭ ‬تخطط‭ ‬لإرسال‭ ‬رسالة‭ ‬خفية‭ ‬لأمريكا‭ ‬خشية‭ ‬من‭ ‬تعاونها‭ ‬التجارى‭ ‬والاستثمارى‭ ‬وتبنى‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‭ ‬لعلاقات‭ ‬قوية‭ ‬ومستمرة‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬التى‭ ‬شكت‭ ‬طويلًا‭ ‬من‭ ‬تجاهل‭ ‬واشنطن،‭ ‬فالأولوية‭ ‬لدى‭ ‬الصين‭ ‬مصالحها‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والمواد‭ ‬الخام‭.‬


وبعد‭ ‬انتهاء‭ ‬القمة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأفريقية‭ ‬وترقب‭ ‬الصينية‭ ‬الروسية،‭ ‬باتت‭ ‬التساؤلات‭ ‬تكثر‭ ‬حول‭ ‬الأسباب‭ ‬الخفية‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬اللقاءات‭ ‬التى‭ ‬جاءت‭ ‬بنتائج‭ ‬غير‭ ‬مجزية‭ ‬ولم‭ ‬تعكس‭ ‬رؤية‭ ‬حقيقية‭ ‬للدور‭ ‬الأمريكى‭ ‬فى‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وفى‭ ‬المقابل‭ ‬ما‭ ‬الذى‭ ‬تخطط‭ ‬له‭ ‬الصين‭ ‬وهل‭ ‬تسعى‭ ‬لإجهاض‭ ‬أى‭ ‬نتائج‭ ‬مترتبة‭ ‬على‭ ‬القمة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأفريقية‭ ‬بالإعلان‭ ‬عن‭ ‬قمتها‭ ‬المرتقبة‭ ‬مع‭ ‬موسكو‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الأوضاع‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬أمريكا‭ ‬شهدت‭ ‬تراشقًا‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬حول‭ ‬أفريقيا؟


الدكتورة‭ ‬تمارا‭ ‬برو‭ ‬الأكاديمية‭ ‬اللبنانية‭ ‬والباحثة‭ ‬فى‭ ‬الشأن‭ ‬الصينى،‭ ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬تزايد‭ ‬النفوذ‭ ‬الصينى‭ ‬والروسى‭ ‬فى‭ ‬أفريقيا‭ ‬مؤخرًا‭ ‬أثار‭ ‬قلق‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التى‭ ‬تحاول‭ ‬استدراك‭ ‬الأمر‭ ‬واللحاق‭ ‬بركب‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الصاعدة‭ ‬وترميم‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬أفريقيا‭.‬


وتابعت‭: ‬عمل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬استمالة‭ ‬القارة‭ ‬نحو‭ ‬واشنطن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ابتعدت‭ ‬أمريكا‭ ‬عنها‭ ‬خلال‭ ‬عهد‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تخصيص‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬لدعم‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭ ‬خلال‭ ‬القمة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأفريقية‭ ‬التى‭ ‬عقدت‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إعلان‭ ‬دعم‭ ‬القارة‭ ‬سياسيًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬تمثيل‭ ‬دائم‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬بما‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولى‭.‬


وتابعت‭: ‬الصين‭ ‬هى‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجارى‭ ‬للقارة‭ ‬السمراء‭ ‬بنحو‭ ‬261‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬حتى‭ ‬2021،‭ ‬بينما‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجارى‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأفريقيا‭ ‬64‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬حتى‭ ‬2021،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الثقة‭ ‬المتزايدة‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬التى‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬فى‭ ‬القارة‭ ‬بوقت‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬فيه‭ ‬محط‭ ‬اهتمام‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬حيث‭ ‬أقامت‭ ‬مشروعات‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭ ‬من‭ ‬بنى‭ ‬تحتية‭ ‬ومطارات‭ ‬وموانئ‭ ‬واستثمارات‭ ‬وجسور‭ ‬وطرق‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬التى‭ ‬سهلت‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الشعب‭ ‬الأفريقى‭.‬


وبالنسبة‭ ‬للقمة‭ ‬المرتقبة‭ ‬وموعدها،‭ ‬أضافت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اتصالا‭ ‬دائما‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الصينى‭ ‬ونظيره‭ ‬الروسى،‭ ‬إذ‭ ‬التقيا‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬فى‭ ‬بكين‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬افتتاح‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬الشتوية،‭ ‬والتقيا‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬أعمال‭ ‬قمة‭ ‬منظمة‭ ‬شنجهاى‭ ‬للتعاون،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تواصلهم‭ ‬المستمر‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬والفيديو،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يزور‭ ‬الرئيس‭ ‬الصينى‭ ‬روسيا‭ ‬فى‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬المقبل‭ ‬بعد‭ ‬جلسة‭ ‬البرلمان‭ ‬الصينى‭.‬

روسيا والصين
ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يجرى‭ ‬الرئيس‭ ‬الصينى‭ ‬ونظيره‭ ‬الروسى‭ ‬مباحثات‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بينهم‭ ‬فى‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الطاقة،‭ ‬وسيطرقا‭ ‬إلى‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬وزيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الصينى‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والسعودية‭ ‬فى‭ ‬الـ‭(‬أوبك‭ +)‬،‭ ‬وأسعار‭ ‬النفط،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬القمة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأفريقية،‭ ‬لكن‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬مستمر‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وبكين‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬هيمنة‭ ‬القطب‭ ‬الواحد‭ ‬والسعى‭ ‬نحو‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭.‬


تقول‭ ‬الدكتورة‭ ‬نادية‭ ‬حلمى،‭ ‬الخبيرة‭ ‬فى‭ ‬الشئون‭ ‬السياسية‭ ‬الصينية‭ ‬والآسيوية‭ - ‬أستاذ‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬جامعة‭ ‬بنى‭ ‬سويف‭: ‬القمة‭ ‬الصينية‭ ‬الروسية‭ ‬المرتقبة‭ ‬بمنزلة‭ ‬قمة‭ ‬استثنائية‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬توقيتها‭ ‬أو‭ ‬مضامينها‭ ‬وما‭ ‬ترمى‭ ‬إليه،‭ ‬حيث‭ ‬يرتدى‭ ‬الاجتماع‭ ‬الصينى‭ ‬الروسى‭ ‬طابع‭ ‬تحد‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التى‭ ‬تقود‭ ‬حملة‭ ‬العقوبات‭ ‬ضد‭ ‬موسكو‭ ‬والدعم‭ ‬العسكرى‭ ‬لكييف،‭ ‬وإثارة‭ ‬واشنطن‭ ‬لغضب‭ ‬بكين‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬تلك‭ ‬الزيارات‭ ‬التى‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬مسئولون‭ ‬أمريكيون‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬إلى‭ ‬تايوان،‭ ‬فضلًا‭ ‬عما‭ ‬تشير‭ ‬إليه‭ ‬تلك‭ ‬القمة‭ ‬بين‭ ‬الرئيسين‭ ‬شى‭ ‬وبوتين‭ ‬بتبلور‭ ‬معسكر‭ ‬شرقى‭ ‬بقيادة‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬فى‭ ‬مقابل‭ ‬معسكر‭ ‬غربى‭ ‬استعمارى‭ ‬تقوده‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحلفاؤها‭.‬


وتعد‭ ‬تلك‭ ‬القمة‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬بمنزلة‭ ‬تأييد‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬بكين‭ ‬لموسكو‭ ‬المعزولة‭ ‬من‭ ‬الغرب،‭ ‬وهو‭ ‬النهج‭ ‬الذى‭ ‬أكدته‭ ‬الصين‭ ‬بالمشاركة‭ ‬فى‭ ‬عدة‭ ‬مناورات‭ ‬عسكرية‭ ‬مشتركة‭ ‬فى‭ ‬روسيا،‭ ‬والاتفاق‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬على‭ ‬تسوية‭ ‬عقود‭ ‬الغاز‭ ‬بالروبل‭ ‬واليوان،‭ ‬وليس‭ ‬بالعملات‭ ‬الغربية‭.‬


وأدت‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬اليوان‭ ‬الصينى‭ ‬فى‭ ‬روسيا،‭ ‬حيث‭ ‬قادت‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬عزل‭ ‬موسكو‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬المالى‭ ‬العالمى‭ ‬الجديد‭ ‬وتقييد‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬الدولار‭ ‬واليورو،‭ ‬كما‭ ‬ارتفعت‭ ‬نسبة‭ ‬تجارة‭ ‬اليوان‭ ‬فى‭ ‬بورصة‭ ‬موسكو‭ ‬بنسبة‭ ‬‮٢٠‬‭% ‬من‭ ‬إجمالى‭ ‬أحجام‭ ‬التداول‭ ‬للعملات‭ ‬الرئيسية‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭.‬


وستكون‭ ‬القمة‭ ‬الروسية‭ ‬الصينية‭ ‬المرتقبة‭ ‬بمنزلة‭ ‬فرصة‭ ‬لملء‭ ‬فراع‭ ‬الشركات‭ ‬الصينية‭ ‬بعد‭ ‬مغادرة‭ ‬العلامات‭ ‬التجارية‭ ‬الغربية‭ ‬لروسيا،‭ ‬واستحواذ‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬ثلثى‭ ‬مجموع‭ ‬المبيعات‭ ‬الجديدة‭ ‬فى‭ ‬روسيا،‭ ‬كذلك‭ ‬غمرت‭ ‬السيارات‭ ‬الصينية‭ ‬روسيا،‭ ‬وشكلت‭ ‬سيارات‭ ‬الركاب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشركات‭ ‬المصنعة‭ ‬الصينية‭ ‬فى‭ ‬السوق‭ ‬الروسية‭.‬

صفقات استراتيجية
ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬الإعلان‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬القمة‭ ‬الروسية‭ ‬الصينية‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصفقات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬فى‭ ‬عدة‭ ‬مجالات‭ ‬حيوية،‭ ‬كالطاقة‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬الفضاء،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬تنسيق‭ ‬مواقف‭ ‬الطرفين‭ ‬الصينى‭ ‬والروسى‭ ‬تجاه‭ ‬قضايا‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمى‭ ‬الراهنة‭ ‬والمستقبلية‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا،‭ ‬وتنسيق‭ ‬التعاون‭ ‬الصينى‭ ‬الروسى‭ ‬المشترك‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬الإندو‭ ‬باسيفيك‭ ‬بالمفهوم‭ ‬الأمريكى‭ ‬أو‭ ‬آسيا‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬بالمفهوم‭ ‬الصينى‭.‬


كما‭ ‬ستناقش‭ ‬قمة‭ ‬بوتين‭ ‬وشى‭ ‬جين‭ ‬بينج‭ ‬المرتقبة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬والإشارات‭ ‬حول‭ ‬مرتكزات‭ ‬النظام‭ ‬العالمى‭ ‬الجديد‭ ‬ومستقبله،‭ ‬وذلك‭ ‬طبقًا‭ ‬للرؤيتين‭ ‬الصينية‭ ‬والروسية،‭ ‬كما‭ ‬سينتهز‭ ‬الجانب‭ ‬الروسى‭ ‬الفرصة‭ ‬للإعلان‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬التدخل‭ ‬الأمريكى‭ ‬والغربى‭ ‬فى‭ ‬تايوان‭ ‬وتأييد‭ ‬مبدأ‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬واحدة‭ ‬ونظامين،‭ ‬وستؤكد‭ ‬الدولتين‭ ‬رفضهما‭ ‬لمساعى‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسى‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬للتوسع‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬المخاوف‭ ‬الأمنية‭ ‬الروسية‭ ‬والصينية‭ ‬المشتركة‭.‬


وستكون‭ ‬تلك‭ ‬القمة‭ ‬الروسية‭ ‬الصينية‭ ‬المرتقبة‭ ‬فرصة‭ ‬سانحة‭ ‬لتنسيق‭ ‬مواقف‭ ‬البلدين‭ ‬المشتركة‭ ‬تجاه‭ ‬قضايا‭ ‬أمنية‭ ‬أساسية‭ ‬أخرى‭ ‬تهمهما‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬الإندو‭ ‬باسيفيك‭ ‬وآسيا‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬بالمفهوم‭ ‬الصينى‭ ‬والقارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬كالمواقف‭ ‬من‭ ‬حلف‭ ‬‮«‬أوكوس‮»‬‭ ‬الدفاعى‭ ‬النووى‭ ‬بقيادة‭ ‬أمريكا‭ ‬مع‭ ‬أستراليا‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الحوار‭ ‬الأمنى‭ ‬الرباعى‭ ‬المسمى‭ ‬‮«‬كواد‮»‬‭ ‬بقيادة‭ ‬واشنطن‭ ‬مع‭ ‬الهند‭ ‬واليابان‭ ‬وأستراليا،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الأخرى‭.‬


وأهم‭ ‬ما‭ ‬ستسفر‭ ‬عنه‭ ‬تلك‭ ‬القمة‭ ‬الروسية‭ ‬الصينية‭ ‬المشتركة،‭ ‬هى‭ ‬تأكيد‭ ‬رؤيتهما‭ ‬للنظام‭ ‬العالمى‭ ‬الجديد،‭ ‬والذى‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬إخراج‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأحادية‭ ‬الجانب‭ ‬وتسلط‭ ‬فكر‭ ‬العولمة‭ ‬الليبرالية‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬ليدخل‭ ‬مرحلة‭ ‬التعددية‭ ‬القطبية،‭ ‬واحترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدول،‭ ‬وحقها‭ ‬فى‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرها‭ ‬وصياغة‭ ‬نظمها‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وذلك‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬ظروفها‭ ‬الخاصة،‭ ‬إذ‭ ‬ترى‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬تدخل‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬تعددية‭ ‬الأقطاب‭ ‬الدولية‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬هيمنة‭ ‬واشنطن‭.‬
 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية