92 عامًا على ميلاد صلاح جاهين، شاعر الشعب، ترك الحقوق حبًّا في الكتابة والرسم
مثقف موهوب بطبيعته وفنان شامل، رسام كاريكاتير وصحفي وشاعر وكاتب سيناريو وحوار وممثل، هو ظاهرة شعبية مصرية تشع عبقريةً ووطنيةً، خفيف الظل في كتاباته عميق التأثير في رسوماته الكاريكاتيرية، مبدع متميز، عشق الجماهير فعشقته.
لُقِّبَ بشاعر الشعب ابن المستشار، هو ملك ملوك الضحك في كتاباته ورسوماته، وحتى فى حواراته، وكانت رباعياته من أشهر ما أبدع شعرًا، هو الفنان الراحل صلاح جاهين.
ولد محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي، الشهير بصلاح جاهين في مثل هذا اليوم 25 ديسمبرعام 1930، في المنزل رقم 12 بشارع جميل باشا بشبرا، وجده المجاهد الوطني أحمد حلمي رفيق الزعيم مصطفى كامل ومحمد فريد في كفاحه، الذي عمل وكيلا للنيابة وقاضيًا، واعتقل عدة مرات، وكرمته الدولة بأن أطلقت اسمه على أحد شوارع القاهرة “شارع أحمد حلمي”، أُعجب بجده الذى عشق سيرته منذ كان طفلا، وعمل والده بالقضاء أيضًا، ومن هنا التحق صلاح جاهين بكلية الحقوق تنفيذًا لرغبة والده.
محطات صحفية فى حياة جاهين
علمته والدته أمينة المصرية، الحاصلة على التوجيهية، الرسم منذ صغره، وولَّدت فيه عادة القراءة، وكانت تحكي له القصص والحواديت حتى اتسعت مداركه.
ترك الدراسة بالحقوق حبًّا في الرسم والكتابة وإيمانا بلغة القلم، التحق بكلية الفنون الجميلة، وعمل خلال الدراسة مصمما لجريدة “بنت النيل” لصاحبتها درية شفيق، وانتقل إلى مجلة “التحرير”، ومنها إلى الجمهورية، ثم كانت مجلة “روز اليوسف” هي المحطة الأساسية في حياته، حيث ترك الدراسة بالكلية نهائيًّا، وأصبحت روزا اليوسف هي بيته ومرسمه وملتقى أصدقائه مثل أحمد بهاء الدين، روزا اليوسف، إحسان عبد القدوس، فتحي غانم، صلاح حافظ، حسن فؤاد، وكامل زهيري، ومحمد عودة والرسامين حجازي وناجي وحاكم وعبد السميع.
وسام العلوم والفنون
تولى الفنان صلاح جاهين رئاسة تحرير مجلة “صباح الخير” عام 1966، واشتهر كرسام وشاعر وكاتب أغنية، ومنحه الرئيس جمال عبد الناصر وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى تقديرا لرسوماته وأشعاره الوطنية التي أثرت في الجماهير في مراحل مختلفة.
انتقل صلاح جاهين الى العمل بالاهرام لرسم الكاريكاتير يوميًّا بناء على طلب محمد حسنين هيكل رئيس التحرير، ودخل فى صراعات مع الإسلاميين، مثل الشيخ محمد الغزالي، وصلت الى المحاكم، واستمر في الأهرام حتى الرحيل.
قصيدة "الشاي واللبن"
بدأ جاهين مشواره الشعري عام 1955 بقصيدة "الشاي واللبن"، ثم واصل رحلته الشعرية التى أثمرت ستة دواوين، منها: كلمة سلام، موال عشاق القنال،عن القمر والطين، وفى عام 1962 أصدر الرباعيات وتضم 100 رباعية يتحدث فيها عن الميلاد والحياة والحزن والموت والصبر والخوف، وغيرها من الأمور الحياتية، كما أصدر عام 1966 ديوان "أنغام سبتمبرية"، وتبلغ 28 قصيدة.
آمن بالثورة وعشق الرئيس جمال عبد الناصر، فكتب أروع الأغنيات الوطنية التي غناها عبد الحليم حافظ.
قدم للسينما سيناريوهات ثلاثة أفلام وقام بالتمثيل في أربعة أفلام، كما قدم للمسرح مجموعة من الأوبريتات، أشهرها: الليلة الكبيرة، إلى جانب العديد من الأغنيات الوطنية والعاطفية، وكان أولها أغنية "أنا هنا يابن الحلال"، التى غنتها صباح كما قدم مجموعة من الفوازير التي قدمتها نيللى منها الخاطبة، عروستى واللعبة وغيرها.
عن عمله بالرسم والكتابة يقول صلاح جاهين: إلى جانب الرسم كنت أحب الصحافة وكنت عايش وسط الصحفيين والرسامين وكنت أعمل في توضيب الصفحات ورسمها، ولأنى كنت دارس فنون بدأت أزين الصفحات التي أوضبها ببعض الرسوم، ولأنى كسول كنت أرسم الصفحات والرسومات في آخر لحظة بسرعة فطلعت كاريكاتير وبدات سلسلة قهوة النشاط، درش، قيس وليلى.
إصابته بالحزن والاكتئاب
أصاب الاكتئاب الفنان صلاح جاهين نتيجة لنكسة 67 حتى أنه انفصل عن رفيقة عمره الأولى، وعبر عن ذلك بقوله: "هذا الانفصال المؤلم كلفني فشل حياة زوجية كاملة راح ضحيتها الأطفال، والمرض هو الذي كان يقف في طريقي وليس زوجتي، وتزوج صلاح جاهين من الكاتبة منى قطان بعد النكسة، وتصف زوجته الحالة التي مر بها في كتابها "أيامي مع صلاح جاهين"، قائلة: كنا في حالة اكتئاب رهيب، هذا الاكتئاب ساعده على أن يكون شاعرًا، ثم انتابته حالة من الحزن الشديد بعد وفاة عبد الناصر.