الهيموفيليا، العلاج المستحيل.. عقار جيني جديد سعره ٣.٥ مليون دولار للجرعة ويحقق الشفاء الكامل
العلاج المستحيل، عبارة تناسب تماما مرضى الهيموفيليا، الذين استبشروا خيرا باعتماد هيئة الدواء الأمريكية حلا سحريا يحقق الشفاء لهم ويسمى العلاج الجيني، لكنهم صدموا فى تكلفته، إذ أنه أغلى علاج فى العالم حتى الآن ، حيث تبلغ سعر الجرعة الواحدة منه ٣.٥ مليون دولار، ويحقق العلاج الجديد للمرضى شفاء كاملا، ويتحول إلى إنسان سليم ومنتج، إذ أن الموافقة على ذلك الدواء خلقت أملا لدى المرضى بإمكانية توفيره والحصول عليه.
مرض الهيموفيليا
مرض الهيموفيليا هو أحد أمراض النزف، ويسبب النزيف المستمر للمريض، كما يسبب إعاقات للمريض مع الوقت، إذ يوجد فى مصر ما يقرب من 7 آلاف مريض هيموفيليا، يواجهون مشكلات منها نقص الفاكتور العلاج المخصص لهم، وعدم توافره بالكميات الكافية لهم.
وعلى الرغم من توفير التأمين الصحى للأطفال المصابين بالهيموفيليا أحدث دواء فى مصر ويسمى الهيميلبرا، إلا أن المرضى يطالبون بالتوسع فى استخدامه لجميع المصابين، لكن أهم الأسئلة التى تواجه المرضى ومشكلاتهم، هو كيف يمكن للعلاج الجديد أن يكون طوق نجاة لهؤلاء المرضى من الإعاقة.
من جانبها قالت الدكتورة ماجدة رخا استشارى أمراض الدم ورئيس جمعية أصدقاء مرضى الهيموفيليا: إن مرض الهيموفيليا أحد أمراض النزف الوراثية، يعانى فيه المريض من نقص عوامل التجلط وتنقسم إلى هيموفيليا أ وهيموفيليا ب، لافتة إلى أنه وفقا لآخر إحصائية عن عدد المصابين بالهيموفيليا بمصر فى أكتوبر ٢٠٢٢يبلغ عدد المصابين بالهيموفيليا أ ٥٤٩٢ مريضا، والنوع بـ ١٢٦٠ مريضا.
وأضافت لـ «فيتو» إن ذلك الرقم ليس العدد الحقيقي، نظرا لوجود مرضى آخرين لم يكتشفوا المرض، أو ليس لديهم فكرة عن تسجيل أنفسهم فى السجل القومى لمرضى الهيموفيليا، موضحة أن المعدل العالمى وفقا لعدد السكان فى مصر يوجد ما يقرب من 01آلاف مريض هيموفيليا.
وأشارت إلى أنه يوجد ٣ درجات من المرض بسيطة ومتوسطة وشديدة، و٦٠% من عدد المرضى إصابات شديدة، ويتعرض المريض الى تلف فى المفاصل والعضلات والإعاقة إذا لم يحصل على علاجه فى الحال.
وأكدت أن الحالات البسيطة والمتوسطة يكون النزف بسبب الجروح أو العمليات، بينما الإصابات الشديدة يحصل النزف فيها تلقائيا، موضحة أن المرض يكتشف فى مرحلة الطفولة خاصة فى حالة وجود تاريخ وراثى للعائلة، ويصيب المرض الذكور أكثر من الإناث، وتنقله الأم الحاملة للمرض للمولود.
وتابعت حديثها: يكتشف المرض فى حالة النزف أطول من الطبيعى أو زيادة الكدمات فى الجسم مع الفحص المعملى لصورة الدم ونسبة السيولة ودرجة عامل التجلط يتم تأكيد الإصابة، ويتعرض المريض لمضاعفات متعددة منها النزف الخارجى بمجرد اللعب للأطفال وأى ألعاب رياضية عنيفة، ويمكن أن يتعرض المريض إلى نزيف فى الجهاز البولى أو الهضمي، كما أن بعض الأطفال يمكن أن تتعرض لنزيف فى الرأس ولا يتم الانتباه لها.
العلاج المستحيل
وكشفت عن علاج مرضى الهيموفيليا فى مصر، موضحة أنه يتوافر إما بالتأمين الصحى للأطفال من عمر الولادة حتى نهاية السن المدرسى والمؤمن عليهم أو إصدار قرارات نفقة الدولة لهم، بجانب توفير الاتحاد العالمى للهيموفيليا معونات مجانا من أدوية الفاكتور، لمن ليس له مصدر للعلاج أو استخدام الفاكتور فى عمليات جراحية لتغيير المفاصل.
وأشارت استشارى أمراض الدم إلى أن علاج مرضى الهيموفيليا بدأ منذ سنوات بنقل الدم، ثم توفر البلازما والكرايو، وهى من أنواع مشتقات الدم، يتم استخلاصها من عمليات التبرع بالدم ، ويحتاج المريض لكميات كبيرة ثم تطور العلاج إلى إعطاء المريض الفاكتور أحد عوامل التجلط ثم أدوية منها دواء الهيميلبرا وأخيرا العلاج الجيني.
وأضافت: فى مصر علاج مرضى الهيموفيليا تعويضى عند النزف، ولكن دول العالم تعتمد على العلاج الوقائى لمنع التعرض للنزف، وتقلل نسبة حدوثه من خلال إعطاء جرعات من الفاكتور طوال الأسبوع لمنع حدوث أى نزيف.
ولفتت إلى ظهور عدد من المشكلات لمرضى الهيموفيليا، لافتة إلى أن من 02إلى 53% من المرضى يتكون لديهم أجسام مضادة ضد الفاكتور الذى يحصلون عليه كعلاج، ولا يستجيب له الجسم، ويحصلون على أنواع أخرى من العلاج، منها فاكتور 7 وتكلفته مرتفعة، مؤكدة أن المريض لا يمكنه تحمل تكلفة العلاج على نفقته الخاصة، لأن الحقنة الواحدة يتراوح سعرها من 0081إلى ٦ آلاف جنيه.
وأوضحت انه تم اكتشاف علاج دوائى لمرضى الهيموفيليا خاصة مرضى الأجسام المضادة يحصل المريض عليه كعلاج وقائى للحماية من النزف «هيميلبرا» ويبلغ سعره ١٤ ألف جنيه، ومعتمد فى وزارة الصحة يؤخذ تحت الجلد، مرة كل أسبوع حسب البروتوكول العلاجي، ويوفره التأمين الصحى للأطفال من عمر ٢ إلى ٦ سنوات.
وأكدت استشارى امراض الدم أن المرضى يطالبون بتطبيق العلاج الوقائى لمنع الإعاقة وعدم حدوث نزيف وزيادة أعداد المرضى الذين يصرف لهم دواء الهيميلبرا فى التأمين الصحي.
وأضافت أن المرضى الخاضعين لنفقة الدولة لديهم مشكلات بسبب قلة القيم المالية المخصصة لهم، سواء فى صرف الفاكتور المخصص له قرار علاج بـ ٦ آلاف جنيه أو دعم أى عملية صغرى واحدة فى حياته بمبلغ ١١ ألف جنيه 30ألف جنيه لو عملية كبري، مطالبة بضرورة توفر الدواء على نفقة الدولة.
وكشفت عن أهمية العلاج الجينى الجديد الذى يعتبر أملا لمرضى الهيموفيليا، ويجعل المريض شخصا طبيعيا ينتج كميات الفاكتور التى يحتاج إليها ونسبة الهيموفيليا تقل فى جسمه.
وأكدت أن العلاج آمن وفعال خاصة بعد حصوله على موافقة هيئة الدواء الأمريكية، ويعتمد فى طبيعة عمله على إعطاء الجين السليم للكبد للمريض لإنتاج الفاكتور، واستبدال الجين المصاب بآخر سليم، وقد خضع العلاج لجميع التجارب السريرية والتأكد من عدم وجود أى مضاعفات.
وأوضحت استشارى أمراض الدم أن العلاج يجب معه متابعة المريض على مدار عام، كما أنه يحتاج لمراكز متخصصة وتدريب للفرق الطبية، وأضافت أن الجرعة الواحدة سعرها ٣.٥ مليون دولار للعلاج الجينى الجديد، لن يستطيع المريض والدولة توفيره، ولكن مع مرور الوقت ربما ينخفض سعره ويتم توفيره، مثلما حدث مع الأدوية الأخرى المتوفرة حاليا لمرضى الهيموفيليا.
وتابعت: جميع مراكز علاج الهيموفيليا حاليا لديها نقص فى فاكتور 9 المخصص لهيموفيليا B خلال ٦ شهور مضت، ويعانى المرضى حاليا من نقصه، مؤكدة أن كميات الفاكتور التى تتوفر من الخارج قليلة، ولا تكفى المرضى حاليا بسبب ارتفاع أسعار الدولار، موضحة أن شركة واحدة فقط هى المسجلة بوزارة الصحة لتوريد الفاكتور، مشيرة إلى أنه يوجد شركات متعددة تنتج الفاكتور يمكن أن تسجل وزارة الصحة أوراقها، وأكدت أن شحنات توريد الفاكتور تتأخر فى الإفراج الجمركى نتيجة معوقات روتينية تنعكس على المريض، ولا يجد علاجه.
فيما يقول الدكتور على الخولى استشارى أمراض الدم والمناعة، أن الهيموفيليا أو الناعور، هو أحد أمراض النزف والتجلط ، مشيرا إلى أن هناك جزءا فى دم الإنسان به مجموعة من البروتينات المسئولة عن منع حدوث نزيف أو تجلط، وفى مرض الهيموفيليا، تنقص تلك العناصر الخاصة بالتجلط التى توقف النزيف عندما يتعرض الإنسان لأى جرح، وأشار الخولى إلى أن المشكلة الكبرى فى مرض الهيموفيليا الوراثية، هى أن النزيف لا يقف بمفرده مما يؤدى إلى مضاعفات خطيرة تصل إلى حدوث نزيف فى المخ والوفاة ، وأوضح استشارى امراض الدم والمناعة أن هناك نوعا آخر من مرض الهيموفيليا لكنه مكتسب، وليس وراثيًا ويحدث نتيجة وجود خلل فى جهاز المناعة الذى ينتج أجساما مضادة تقوم بتكسير معامل التجلط، وبالتالى تؤدى لنفس أعراض الهيموفيليا وتسبب نزيفا متكررا.
وكشف الدكتور محسن الألفى أستاذ أمراض الدم بجامعة عين شمس عن أن علاجات الهيموفيليا الأكثر شيوعا الموجودة بدأت منذ سنوات طويلة على مدى 50 سنة، وكان العلاج ببدائل عامل التجلط فى مجرى الدم عن طريق التسريب الوريدي، وهذه العلاجات مطلوبة طوال فترة حياة الشخص بأكملها لمنع وعلاج النزيف، ومع ذلك يمكن أن يستخدم العلاج الجينى المكتشف حديثا لمرة واحدة فقط، لافتا إلى أن هذا العلاج الجينى يمكن أن يعالج 90 % من مرضى الهيموفيليا ب.
وأشار أستاذ أمراض الدم إلى أن هذا العلاج الجينى وافقت عليه هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج هيموفيليا B، ويعطى للبالغين مرة واحدة عن طريق الحقن الوريدى وقد يحتاج بعض الأشخاص الى جرعة إضافية، ويخفض عدد حالات النزيف المتوقعة على مدار العام أكثر من النصف، وأثبتت التجارب حتى الآن أنه يحقق نتائج إيجابية على مدار 7 سنوات كاملة لكن لم تصل التجارب إلى ما سيحدث بعد هذه المدة.
تكلفة العلاج
ولفت الدكتور محسن الألفى إلى أن سبب ارتفاع سعر هذا الدواء أنه يستخدم لأعداد قليلة حتى الآن لكن مع توفره وتسويقه وزيادة الطلب عليه سيقل سعره، مشيرا إلى أنه كان هناك علاج آخر للهيموفيليا المكتسبة منذ سنوات، كان سعره فى البداية ٤٤ ألف جنيه، وحاليا أصبح سعره ١٤ ألف جنيه فقط، وهذا العلاج وفرته الدولة المصرية لأكثر من ٤٠٠ شخص مصاب بهذا النوع من الهيموفيليا، وأشار الألفى إلى أن هناك طفرة كبيرة فى اهتمام الدولة المصرية بمرضى الهيموفيليا فى آخر خمس سنوات، لافتا إلى أن العلاج الجينى سيكون متاحا للمريض المصرى من خلال تجارب إكلينيكية ستكون موجودة قريبا فى مصر، أو من خلال تبنى الدولة لهذا العلاج مثلما حدث مع أدوية مرض ضمور العضلات الشوكى التى كانت بسعر مقارب لهذا العلاج الجيني.
وتوقع أستاذ امراض الدم أن سعر العلاج الجديد لمرض الهيموفيليا سينخفض مع الوقت وسيكون متاحا لجميع المرضى، مختتما أنه تم إثبات نجاح هذا العلاج فى الشفاء لكن غير معروف حتى الآن، وهل يتم ثبات الجرعة إلى بعد ٧ سنوات أم لا.
نقلًا عن العدد الورقي…،