الباحثة الشابة نورهان حسن: توصلت لأسباب جينية تؤثر في استجابة المريض للعلاج الإشعاعي (حوار)
باحثة فى الخارج، وقيادة فى العمل المدنى والتطوع، كانت تحلم منذ نعومة أظافرها بالالتحاق بكلية الصيدلة، ولكن نصف درجة منعتها من تحقيق حلم الطفولة، فالتحقت بكلية العلوم ولم تكن تعلم أن هناك مستقبلًا باهرًا ونجاحا كبيرًا ينتظرها، أثبتت أن مجموع الثانوية العامة ليس نهاية الطريق كما يعتقد البعض، فقد استطاعت تحقيق أهدافها وأصبحت وجهة مشرفة لمصر في الخارج، حيث توصلت من خلال أبحاثها في ألمانيا إلى الأسباب الجينية التي تؤثر على استجابة المريض للعلاج الإشعاعي..
هذا ما يمكن قوله عن نورهان حسن، الباحثة المصرية فى مستشفى جامعة مونستر الألمانية، ورئيس جمعية جسر الألمانية، وأخيرا من المتطوعات لتوثيق محاضرات مؤتمر المناخ الذى عقد مؤخرًا فى شرم الشيخ، والتى أجرينا معها الحوار على هامشه لتحدثنا عن رحلتها العلمية والثقافية بمصر وألمانيا ودورها فى نجاح مؤتمر المناخ COP27.
*بداية.. حدثينا عن نشأتك ودور الأسرة فى تفوقك الدراسى وتشجيعك؟
لدى شقيقة وحيدة صغرى وتخرّجت من كلية الطب، ووالدى طوال عمره يعمل طبيبا فى ليبيا، فأمى هى من ربتنا وعلمتنا وكانت بمنزلة الأب والأم لنا، فالفضل يرجع لها فى كل ما وصلنا له، وهى الداعم الأساسى لنا فى الدراسة وأيضا الرياضة فحرصت على تعليمى السباحة وكرة السلة، وأيضا جعلتنى أتم حفظ القرآن الكريم كاملا منذ نحو سبع سنوات.
*منذ متى بدأ حبك للعلوم وكيف حوّلتِ هذا الشغف إلى نجاح على أرض الواقع وتأثير فى المجتمع؟
فى الحقيقة كان حلمى منذ الصغر أن التحق بكلية الصيدلة، لكن شاء القدر أن يفرق مجموعى عنها بأقل من نصف درجة، فالتحقت بكلية العلوم، لكن لو عاد بى الزمن مرة أخرى لاخترت كلية العلوم بمحض إرادتى حينها، فترتيب الله بالفعل هو الأفضل.
بعد التحاقى بكلية العلوم كان هناك برنامج جديد بها لدراسة البيوتكنولوجى ففكرت فى أنه مجال جديد وفرصة جيدة فقدمت للالتحاق به وأكرمنى الله فيه على مدار الأربع سنوات كنت أحصل على المركز الأول أو الثانى فى الترتيب على الدفعة، حتى تم تعيينى معيدة فى الكلية.
بعدها قمت بتحضير الماجستير من خلال برنامج مشترك مع معهد الأورام فى سرطان الكبد، وبعدها قدمت على منحة مشتركة بين وزارة التعليم العالى وبين الهيئة الألمانية للتبادل العلمى والثقافى وكانت منحة ممولة بالكامل لدراسة الدكتوراه وكان موضوعها عن سرطان الثدى.
*ما سبب اختيارك للعمل في مجال سرطان الكبد ؟
لكونه سرطان الكبد ثالث أكثر الأسباب للوفاة بالسرطان شيوعا، ولشغفي لمعرفة السبب الهرموني والجيني وراء الاختلاف الجنسي في الإصابة بالمرض.
*هل كنت تخططين لحياتك المهنية والأكاديمية أن تسير فى هذا الدرب أم كانت هناك خطط أخرى؟
فى الحقيقة لم أخطط لأى شيء، فتدبير الله كان دائمًا يُسلمنى من مرحلة إلى المرحلة التى تليها، فلم أخطط أبدا إلى الدراسة فى الخارج والسفر إلى ألمانيا، لكن الشيء الوحيد الذى كنت أخطط له بفضل ربنا ثم أمى هى أن ابذل أقصى جهد ممكن فى كل مرحلة أمر بها.
وقد تم قبولي في منحة مشتركة ممولة من قبل وزارة التعليم العالى والهيئة الألمانية للتبادل العلمى للحصول على درجة الدكتوراه بعد مخاطبة مشرفى فى جامعة مونستر الألمانية ضمن ٢٥٠ متقدمًا على مستوى الجمهورية.
من هنا بدأت الرحلة في الأراضي الألمانية بعد ما قضيت ٦ شهور أتعلم اللغة الألمانية، وكان موضوع بحث الدكتوراه الخاص بي عن تأثير بعض البروتينات على العلاج الإشعاعي على مرضى سرطان الثدي وفي البحث استطعت الوصول إلى أسباب جينية تؤثر على استجابة المريض للعلاج الاشعاعي وتوصلت من خلال أبحاثى في ألمانيا إلى الأسباب الجينية التي تؤثر على استجابة المريض للعلاج الإشعاعي وهذه النتائج شجعتنا في المجموعة البحثية في ألمانيا أن نبدأ العمل على هذه الأسباب لزيادة كفاءة العلاج للمرضى.
وأثناء الخمس سنوات الماضية حصلت على جائزة أفضل بحث بمؤتمر دولي فى فرانكفورت عرضت فيه جزء من شغل الدكتوراه وجائزة الجمعية الألمانية لمرضى سرطان الثدى لشباب الباحثين؛ وجائزة شباب العلماء المقدمة من اتحاد الجمعيات البيوكيميائية الأوروبية.
*كل حلم وله صعوباته وعقباته.. ما العقبات التى واجهتك خلال رحلتك العلمية؟
العقبات كانت كثيرة بالفعل بداية من فكرة السفر إلى ألمانيا، كونى بنت بمفردها فى دولة أجنبية أمر ليس بالسهل على الإطلاق، والأمر الثانى أننى كنت دائمًا احمل على عاتقى فكرة أننى هنا فى ألمانيا ليس فقط لنفسى بل عنوان لوطنى ودينى.
فأنا هنا فتاة عربية مسلمة وهذه مسئولية كبيرة لذا كنت أحرص دائمًا على الظهور بأفضل صورة
الأمر الثالث الذى واجهنى خلال فترة سفرى أن الألمان شعب دقيق جدا فى التعامل ومختلفين عنا تماما فى الاجتماعيات والتعامل بالعاطفة فهم أشبه بالآلات وكل شيء بمواعيد والاجتماعيات هناك نادرة جدا، فالعمل فقط هو الأساس.
والعقبة الأخيرة هى اللغة، فكانت اللغة الأجنبية الثانية خلال فترة دراستى هى الفرنسية، وعند سفرى لألمانيا ظللت لمدة 6 شهور أدرس اللغة الألمانية فقط، لكن حتى الآن هناك بعض العوائق فى اللغة لا يستطيع تجاوزها سوى المتحدثين الأصليين بها.
وكان البعد عن أهلى وتحمل مسئولية نفسى فى كل شيء من ضمن العوائق أيضًا فخلال فترة سفرى تمت خطبتى وزواجى، فأنا متزوجة منذ ثلاثة أعوام وزوجى يعيش فى مصر، فكان هذا أيضًا أمر صعب بالنسبة لى أن يكون أهلى وزوجى فى مصر وأنا هنا بمفردى.
*حدثينا عن مشاركتك فى مؤتمر المناخ COP27 وتطوعك لتسجيل المحاضرات والفعاليات فيه على الرغم من أنه بعيد شيء ما عن تخصصك العلمى؟
الأمر بدأ بعد إعلان وزارة التضامن الاجتماعى والأمم المتحدة عن طلب شباب متطوعين للمشاركة فى مؤتمر المناخ، وبالفعل قدمت طلب التطوع ولم أكن حينها على دراية فى ماذا سأفعل هناك
فكان كل ما يدور فى ذهنى أن حدثا كبيرا مثل هذا أريد المشاركة فيه حتى لو بدور صغير جدا لا يعلم عنه أحد شيئا، لكنه سيساعد فى نجاحه النهائى، وبالفعل مررت أنا والمتطوعين الآخرين باختبارات كثيرة جدا حتى تم قبولى فى النهاية.
وهناك تم تقسيمنا حسب التخصصات بمهام عمل وكانت مهمتى هى تسجيل المحاضرات والمناقشات والفعاليات التى تحدث خلال فترة انعقاد المؤتمر.
*ما أبرز ما لاحظتيه خلال فترة تواجدك بمؤتمر المناخ وقصص النجاح التى أثرت فيكِ؟
أكثر شيء كان ملهما وأسعدنى روح الفريق هناك، فطوال ٢٥ يوما كنا فيها هناك كمتطوعين لم يفكر أحد فى نفسه بل كنا دائمًا نفكر بروح الجماعة للخروج بالمؤتمر فى أحسن صورة تشرف بلدنا مصر.
ومن ضمن الأمور المهمة أيضًا هى خروج كل دولة بمجموعة من التوصيات بخلاف التوصيات الرسمية للرؤساء والقادة، وهذه التوصيات حتى لو كانت صغيرة فكانت تحمل مبادرات مهمة جدا للحفاظ على البيئة والمناخ، وهناك أيضًا اكتشفت العلاقة الوثيقة بين مجالى وبين المناخ والبيئة فالكثير من الأمراض تكون مرتبطة بتغير المناخ.
*حدثينا عن جمعية جسر الألمانية التى توليتِ رئاستها مؤخرًا ودورها فى التبادل العلمى والثقافى بين مصر وألمانيا؟
هى جمعية غير هادفة للربح تم تأسيسها منذ نحو عامين ونصف من خلال العلماء المصريين المقيمين فى ألمانيا وهدفها نقل الخبرة العلمية التى نكتسبها من ألمانيا إلى مصر، فكنا ننظم محاضرات أون لاين يحضرها أطباء من جامعة الأزهر، وعلماء فى مجال المصريات، وعلماء فى مجالات أخرى، وقمنا بعمل بروتوكول تعاون مع نقابة الأطباء وكلية الطب جامعة الأزهر بأن يقوم الأطباء المصريين والألمان المقيمين فى ألمانيا بإعطاء محاضرات علمية للأطباء المقيمين فى مصر للتعرف على أحدث سبل العلاجات المختلفة فى مجالات متعددة
*أخيرا ما هى أمنياتك؟
أتمنى عندما أعود إلى مصر أن أصمم معمل بحثي في الكلية، حتى أنقل فيه الخبرة المعملية التي تعلمتها في ألمانيا وافتح فرص للتعاون بين كليتي وأكثر من مجموعة بحثية في ألمانيا في صورة أبحاث مشتركة، كما أنني عندي حلم كبير أن أكون في يوم من الايام، شخص يساعد المجتمع في الاستفادة من نتائج البحث العلمي بشكل أقوى وأساهم في زيادة فرص التمويل المقدمة للبحث العلمي.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو".