دورات تأهيل المقبلين على الزواج.. سلاح الأزهر للحد من زيادة نسب الطلاق
ارتفاع فى حالات الطلاق، وتفكك أسرى أصبح يمثل خطرًا حقيقيا على استقرار الأسر المصرية.. هكذا يمكن وصف وضع العلاقات الزوجية فى المجتمع المصرى خلال الفترة الماضية، والذى أصبح يعانى زيادة فى نسب معدلات الطلاق خاصة بين الشباب المتزوجين حديثًا، للحد الذى دفع كافة أجهزة الدولة للتحرك من أجل القيام بدورها للتصدى لتنامى تلك الظاهرة بين الشباب.
ولم تكن المؤسسات الدينية بعيدة عن تلك الجهود التى تقوم بها أجهزة الدولية، وعلى رأسها الأزهر الشريف الذى أطلق خلال الفترة الماضية العديد من الإجراءات والبرامج التى تعمل على الحد من تلك الظاهرة، ربما كان أبرزها هو إطلاق وحدة “لم الشمل” وبرنامج “التوعية الأسرية والمجتمعية”، وكان آخر تلك الجهود هو إطلاق دورات تأهيل المقبلين على الزواج والتى أطلقتها المشيخة مؤخرًا من أجل تأهيل وتدريب الشباب المقبلين على الزواج فى كافة المحافظات من أجل التوعية بأهم الموضوعات والعناوين التى يحتاج إليها الشباب قبل بدء الحياة الزوجية.
داخل التجربة
«فيتو» بدورها خاضت التجربة، وحضرت دورة تأهيل المقبلين على الزواج التى يقدمها مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية فى مقره داخل مشيخة الأزهر، حيث اتسمت المحاضرات بتنوع الموضوعات والعناوين المقدمة من قبل أعضاء مركز الفتوى، والتى لم تقتصر فقط على معايير اختيار شريك الحياة، بل شملت قيمة الأسرة فى الإسلام وأسس الحياة الزوجية وطرق حل النزاعات بين الزوجين، وغيرها من الموضوعات المهمة التى تهم كل شاب مقبل على الزواج، وتهدف هذه الدورات إلى رفع الوعى الدينى والنفسى والاجتماعى لدى المتدربين المقبلين على الزواج، وصقل مهاراتهم الحياتية.
ومن جانبه أوضح الدكتور أسامة الحديدى، المشرف على مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أنه فى الفترة الأخيرة من عمر وطننا يحاول أبناؤه أن يدفعوا عنه كل ما يساء إليه أو يعبث بأمنه واستقراره وسلامه العام وسلامة أفراده، والأزهر الشريف له دور كبير فى دعم وتعزيز الهوية والفكرية للمجتمع كله عامة والأفراد والأسرة المصرية بصفة خاصة، مشيرًا إلى أن مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية لاحظ خلال الفترة الماضية من خلال الفتاوى التى ترد إليه أن النسبة الأكبر فى الفتاوى التى ترد إليه متعلقة بالأحوال الشخصية، والتى كانت النسبة الأكبر منها تتعلق بأحكام الطلاق.
وكان لا بد من الأزهر الشريف أن يتخذ إجراءات عاجلة وناجزة لحل هذه المشكلة المعضلة التى انتشرت فى المجتمع، وينعكس هذا الخطر على الوطن كله، وذلك لأن ركيزة هذا الوطن هى الأسرة وحجر الزاوية فيه، والتى إذا سلمت واستقرت سلم المجتمع واستقر، والعكس صحيح.
وأشار «الحديدي» أن المركز أطلق وحدة «لم الشمل» فى السادس عشر من شهر أبريل لعام 2018، كإجراء أولى حتى يتم لم شمل الأسر التى فككت ومواجهة حدة تلك الظاهرة، ووجد فى تلك المرحلة صور مختلفة من صور النزاع بين أفراد الأسرة، فتم العمل على رصد تلك المشكلات وأسبابها، وتم جمعها والاتفاق على منح المجتمع جرعة تحصينية، ولسد منابع الخلاف بين الأسر، من خلال حصر المشكلات ثم تنطلق إلى المجتمع بهذا المحتوى التعليمى المفيد كجرعة تحصينية للمجتمع كله، وبعدها تم إطلاق برنامج «التوعية الأسرية» فى أكتوبر من عام 2018، حتى يتم تقديم حلول اجتماعية ناجزة للمشكلات الأسرية التى تواجه الأزواج، ولتوضيح الحقوق والواجبات التى تقوم عليها الأسر والمعايير الصحيحة لاختيار شريك الحياة.
وأضاف «الحديدي» فى تصريحات خاصة لـ»فيتو» أن المركز عمل على تشكيل لجنة عملية من كبار الأساتذة والمتخصصين فى العلوم المختلفة منها الشريعة وعلم النفس والاجتماع، حتى نخرج بمحتوى علمى ندرسه نحن كمدربين قبل نزولنا للمجتمع حتى يتجنب الناس هذه المشكلات الأسرية، لافتا إلى أنه من انطلاق برنامج «التوعية الأسرية والمجتمعية» فى 2018 وحتى منتصف العام الجارى، تم مقابلة أكثر من 4 ملايين شخص فيما يقرب من 55 ألف محاضرة أو ورشة عمل أول لقاء، فى كافة المحافظات، وهو جزء لا يتجزأ من رسالة الأزهر الشريف.
محاور البرنامج
وشمل البرنامج عدة محاور منها لقاءات جماهيرية موسعة فى المحافظات والتنسيق مع المحافظ الذى تولى إدارة المحافظة ورؤساء الجامعات الموجودة فيها، وهناك جامعات عقدنا فيها أكثر من 70 محاضرة ولقاء فى الأسبوع الواحد مثل جامعة العريش فى شمال سيناء، ولمسنا خلال تلك اللقاءات فى المحافظات المختلفة أن الشارع المصرى متعطش لمثل هذه اللقاءات، ولاحظنا أن هناك ثلاثة أنواع لرد فعل الشباب الأول هو رد الفعل الطبيعى بعدم الاهتمام الكامل، ثم الاهتمام بالمحتوى الذى يقدم، ثم الاهتمام الكامل بما يقدم.
وأوضح المشرف على مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أن المركز عقد عددا من اللقاءات والندوات المكثفة فى عدد كبير من محافظات الجمهورية، بجانب الدورات الخاصة بتأهيل المقبلين على الزواج فى مشيخة الأزهر وفى المحافظات، بجانب المشاركة فى مبادرة حياة كريمة من خلال تدريب الشباب المقبلين على الزواج فى عدد من المحافظات، والتى لاقت إقبالا كبيرا من قِبل الشباب، وكذلك عمل المركز على استقبال رواد برنامجين على مدار اليوم فى فترة صباحية ومسائية، بإجمالى 125 فردا خلال اليوم، بشكل مجانى كامل، مع توفير كافة المتطلبات الخاصة بنجاح الدورة، وهو ما يعد جزءًا من نشاط المركز، والذى يأتى انطلاقا من دور المركز، وإيمانًا منه برسالة الأزهر الشريف فى المجتمع كله.
إقبال شديد
وشدد «الحديدي» على إقبال الشباب على دورات تأهيل المقبلين على الزواج تعكس عدة أمور، أبرزها حاجة الناس إلى هذا المحتوى المقدم، بجانب أنه يعكس ثقة الناس وحبهم للأزهر الشريف وعلمائه، ورغبتهم فى الاطلاع على الأنشطة العلمية المختلفة التى تقدمها المشيخة، كما أن الشباب يجدون فى المحتوى المعروض ما يتعلق بحياتهم الأسرية، والتى تهمهم جميعًا، خاصة فى ظل الظروف التى نعانى منها من التفكك الأسرى، لافتا إلى وحدة لم الشمل استقبلت منذ إنشائها فى أبريل 2018، وحتى منتصف العام الحالى استقبلت 88 ألف حالة نزاع أسرى، تم لم شمل 77 ألف أسرة حتى منتصف العام فقط، وهذه المشكلات ما كان منها فى درجات التقاضى المتنوعة، ومنها ما هو عالق فى المحاكم ومنها ما تم الانفصال، أو التراضى بين الطرفين لكن بصورة تلائم قيمة وهوية المجتمع المصرى.
وختم «الحديدي» تصريحاته برسالة خاصة إلى الشباب، مؤكدا أن الدور الذى يقوم به الأزهر فى الوقت الحالى وعلى مر التاريخ هو جزء لا يتجزأ من إيمان المشيخة وعلمائها فى خدمة الإسلام والمسلمين والدنيا كلها، قائلا: «أريد أن أؤكد فى رسالتى للشباب أن الحياة بها العديد من المشكلات، والتغلب على هذه المشكلات يتطلب صبرًا وإيمانًا وحسن إدارة للمواقف التى تمر بها، وعليك أن تستشير أمينًا فى المواقف الصعبة، والمولى عز وجل أرشدنا إلى سؤال أهل الذكر.
نقلًا عن العدد الورقي…،