عودة الجيشين الألماني والياباني وتغيرات عسكرية عالمية
يشهد العالم تغيرات جيوسياسية كبيرة، جراء حرب روسيا وأوكرانيا، والتي من ضمنها عودة الدول التي يحظر عليها امتلاك جيوش منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلى سباق التسلح من جديد.
الحرب العالمية الثانية
فمنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، صدرت قرارات دولية بمنع ألمانيا واليابان، من امتلاك جيوش نظامية، وذلك بعد هزيمتهما أمام قوات الحلفاء.
وتتولى القوات الأمريكية، المتواجدة في قواعد داخل اليابان مهمة الدفاع عن طوكيو، بموجب اتفاقيات بين البلدين، في حين يتكفل حلف شمال الأطلسي "الناتو"، بالدفاع عن ألمانيا.
الجيش الياباني
وأدخلت الحكومة اليابانية بعض التعديلات على قدراتها العسكرية، وتطوير جيشها، في ظل تصاعد التوتر في شرق أسيا، خاصة مع أنشطة كوريا الشمالية.
وأعلنت الحكومة اليابانية في بيان لها، عن إدخال تعديلات جذرية لسياستها الدفاعية في محاولة لما أسمته "التصدي للنفوذ العسكري الصيني"، الذي وصفته طوكيو بأنه "تحدٍ إستراتيجي غير مسبوق" لأمن الأرخبيل.
وتتضمن خطة اليابان لتطوير جيشها وزيادة قدرتها العسكرية، من خلال مضاعفة ميزانيتها الدفاعية السنوية وتوحيد قيادتها العسكرية وزيادة مدى صواريخها.
وتخطط طوكيو لمضاعفة ميزانيتها الدفاعية، التي تبلغ في الوقت الحالي 1% لتصبح بذلك 2%، بحلول عام 2027.
وأشارت السياسة الدفاعية اليابانية، التي جاءت في 3 وثائق، بوضوح إلى الصين وكوريا الشمالية وروسيا، وهي تعتمد لهجة أكثر صرامة ما كانت عليه عند نشر إستراتيجية الأمن القومي لليابان للمرة الأولى في 2013.
ووصفت اليابان الصين بأنها مصدر قلقل لطوكيو والأسرة الدولية، إذ تشكل بكين "تحديًا إستراتيجيا غير مسبوق لسلام اليابان واستقرارها".
الجيش الألماني
في السياق ذاته أعلنت ألمانيا عن زيادة ميزانيتها العسكرية، والسعي من أجل زيادة عدد جنودها، من اجل التصدي للتهديد القادم من روسيا.
وقال ستيفن هيبيستريت ممثل مجلس الوزراء الألماني، أن البرلمان الألماني يعتزم إنفاق 20 مليار يورو من الميزانية لتجديد مخزون الأسلحة لدى الجيش.
ذخيرة الجيش الألماني
ومن المقرر أن يعقد المستشار الألماني أولاف شولتس، اجتماعا مع الوزارات والمستشارين، لمعالجة النقص في الذخيرة لدى الجيش الألماني، على خلفية الإمدادات العسكرية لأوكرانيا والمشاكل المتعلقة بتوزيع الميزانية.
وعلق ستيفن هيبيستريت على هذه الرسائل في مؤتمر صحفي حكومي، قائلا: "هذا أكثر من مجرد اجتماع روتيني على مستوى المسؤولين"، ولم ينف أن يكون موضوع الاجتماعات هو العجز في البوندسفير "الجيش الألماني".
وأضاف: "بالطبع سيكون محور النقاش هو الذخيرة.. النقطة المهمة هي أن الحكومة الفدرالية والبوندستاج يريدان إنفاق 20 مليار يورو من الميزانية لتجديد المخزونات".
وأفادت مجلة "دير شبيجل" الألمانية أن الجنرال إبرهارد زورن، المفتش العام للقوات المسلحة الألمانية، توقّع في ورقة استراتيجية سرية أن تواجه هذه القوات سنوات صعبة.
ولفت زورن إلى أن احتمال اندلاع نزاع مسلح بين بلاده وروسيا تتزايد، وحض على تعزيز تركيز القوات الألمانية على الدفاع عن نفسها في مواجهة أي هجوم عسكري.
وأوردت المجلة الألمانية في موقعها على الإنترنت، أن الجيش الألماني يفكر في تغيير جذري في استراتيجيته، ويعتبر أن ذلك بات ضروريًا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
ورقة الجنرال السرية
وفي الورقة الموضوعة في سبتمبر الماضى، وحصلت عليها المجلة، أمر زورن الجيش الألماني بالاستعداد "في شكل أكثر فاعلية" لحرب داهمة مع روسيا.
وفي الورقة نفسها، كتب زورن، "يمكن أن تحصل هجمات ضد ألمانيا من دون إنذار وأن تتسبب بضرر كبير قد يكون وجوديًا"، بحسب "دير شبيجل".
وتُعَد قدرة القوات المسلحة الألمانية (بوندسفييار) في الدفاع عن نفسها واستعدادها العملاني، "عاملين أساسيين لبقاء" البلاد ككل. وفي الورقة المؤلفة من 68 صفحة والمعنونة "أدلة عملانية للقوات المسلحة"، يضع زورن خطة لإصلاح واسع النطاق لجيش بلاده، ويشير إلى أن التركيز على التعاون مع قوات أجنبية في مهمات خارجية، على غرار ما حصل في أفغانستان، "لم يعد مفيدًا في الوضع الحالي بمفاجآته التي تهدد النظام".
ويضيف زورن أنه "بدلًا من ذلك، سيهيمن الدفاع على أعمال الجيش الألماني، بما في ذلك القدرة على توفير ردع مرئي وموثوق". ويحض زورن قوات الـ"بوندسفييار" على تسليح نفسه استعدادًا لـ"حرب مفروضة". ووفق الموقع الإلكتروني، تتكرر عبارة "الردع" بكثرة في تلك الورقة التي تلفت إلى أن نزاعًا مباشرًا يهدد أكثر من ذي قبل البلدان الأعضاء في حلف شمال الأطلسي الواقعة في أوروبا الشرقية.
بالتالي، تستنج الورقة أنه يجب على ألمانيا أن تؤدي دورًا رائدًا في أوروبا وتجعل قواتها أكثر متانة، "ذلك أن قوات منتشرة، مكثفة ومتوائمة مع هذا السيناريو ومدربة، تشكل العمود الفقري لهذا الردع".
نشر قوات ألمانية
وفي حين أن إرسال قوات صغيرة متخصصة في مهمات خارجية لم يعد كافيًا، فقد بات المطلوب الآن نشر قوات كبيرة جاهزة للقتال تكون مستعدة لأي حرب يخوضها الحلف.