أموال الحرب.. خبراء يكشفون مصير مليارات الدعم الغربى المفتوح لأوكرانيا: منح لا ترد
الخروج من عباءة الدب الروسى وإضافة دولة جديدة للخريطة الأوروبية فى الجغرافيا والثقافة ليس سهلا، لهذا تدفع البلدان الغربية بسخاء على رعاية أوكرانيا فى الحرب مع روسيا، وتحاصر الأخيرة بكل الطرق الممكنة، فهذه الفرصة لن تعوض لتطويق بوتين وإجهاض خطته للتوسع فى بلدان الاتحاد الروسى القديمة، والتى يعمل القيصر على تحقيقها منذ بدء حكمه ورغبته فى استعادة مجد القيصرية من جديد.
الحرب الروسية الأوكرانية على مشارف دخول عامها الأول، وسط استمرار الدول الغربية فى الدعم العسكرى لأوكرانيا بما تحتاج إليه من أموال وعتاد ومعدات طبية وغذاء وتكاليف استقبال اللاجئين وتعويضات للشركات المتضررة جراء الحرب، وذلك لمواجهة الجيش الروسى.
الدعم الغربي
العواصم الغربية رغم كل ما حدث من انعكاسات من أزمات اقتصادية وسياسية إلا أنها تصمم على دعم كييف بل كلما طالت مدة الحرب فتح الغرب خزائنه لتقديم المال والسلاح وكافة أشكال الدعم الذى تخطى حاجز الـ100 مليار دولار منذ أن أعلن الاتحاد الأوروبى عن مساعدة أوكرانيا.
يقدم الاتحاد القروض والتمويل ويساعد الشركات الأوكرانية على إنقاذها من الإفلاس عن طريق البنك الأوروبى للاستثمار، لكن لم يوضح حتى الآن مصير تلك الأموال وكيفية استردادها بعد انتهاء الأزمة الأوكرانية.
ويبقى السؤال هنا: إلى متى ستصمد الدول المانحة لأوكرانيا فى هذا الدعم، وماذا عن الأموال والأسلحة التى تحصل عليها كييف كدعم دولى، هل يجب ردها مرًة أخرى بعد انتهاء أزمتها، أم أن الأمر سينتهى وفقًا لسياسة المصالح المتبادلة الخاصة بإنتاجية كل دولة سواء فى المحاصيل أو الغاز، أم سيصبح كل الدعم بمنزلة ديون تتراكم على أوكرانيا ترد بفوائد بعد انتهاء الأزمة؟
هناك تساؤل آخر، لماذا يستمر الغرب فى دعم أوكرانيا وينفق أموالا طائلة وما الفائدة من ذلك، وما هو دور البنك العالمى وصندوق النقد الدولى، هل تتمثل مهمته فقط فى توزيع المساعدات المخصصة لأوكرانيا؟، أم سيكون بمنزلة مشرف على استرداد تلك الأموال بعد انتهاء الحرب؟ ردا على تلك الأسئلة المطروحة قال مهدى عفيفى عضو الحزب الديمقراطى الأمريكى، أن الدعم الذى حصلت عليه أوكرانيا بأشكال مختلفة والذى تعدى الـ100 مليار دولار ليس بديون، لكنه بمنزلة منح مقدمه من الغرب والحكومة الأمريكية الممثلة فى الكونجرس الأمريكى وبموافقة البيت الأبيض ودعم شعبى كبير من الأمريكان والسياسيين الجمهوريين والديمقراطيين الذين أعلنوا استعدادهم لتحمل عقبات مثل ارتفاع أسعار البترول وكافة أنواع السلع لمساعدة أوكرانيا بالطرق الممكنة فى مواجهة الغزو الروسى.
وتابع: الحالة الأوكرانية والدعم الذى ينهال عليها من الغرب أمر مختلف عن الدعم الدولى بشكل عام، وله أسباب عديدة، فأوكرانيا دولة حليفة للدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وما حدث معها كان يهدد الديمقراطية العالمية الأمر الذى اعتبرته الدول الداعمة بمنزلة فرد عضلات وأمرًا غير مقبول وهو ما شاهدناه من خلال بلدان ليس لها علاقة بالصراعات السياسية والحروب مثل الدول الإسكندنافية واليابان وغيرها.
منح لا ترد
أضاف: أى دولة تحصل على دعم يكون حسب نوعه وشروطه، فدعم أوكرانيا بالذات ليس مشروطًا بشيء للرد بل على العكس يختلف قلبا وقالبا فهذه منح غير قابلة للرد سواء فى السلاح أو المال أو المستلزمات الطبية، بل هدفه عودة الدولة إلى طبيعتها ودعمها ضد دولة غاشمة تمثل الاتحاد السوفييتى، وتعتبر هذه البلدان أن من حق أوكرانيا تقرير مصيرها لذا فهى غير مجبره على رد المعونات، ولن يتم توقف تلك الدعم فى القريب العاجل حال عدم انتهاء الغزو الروسى.
أما عن وجود اتفاقيات تحكم ذلك الأمر، قال عفيفى إن الأوضاع هى التى تحكم الأمر فالولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية والدول الأخرى وسويسرا والنمسا وبريطانيا والسويد وغيرها من الدول المانحة رأت أن من واجبها أن تدعم أوكرانيا التى تسعى للتقدم وتحاول الابتعاد عن الدوران فى فلك النظام الروسى الذى يعادى القيم الغربية، ويهدد الأمن القومى العالمى، ما دفع عددا من الدول لطلب الانضمام للناتو بعد الخطأ الذى قامت به روسيا لفرض سطوتها على العالم.
وبدوره قال اللواء أركان حرب دكتور محمد الشهاوى مستشار كلية القادة والأركان وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن الدعم الذى حصلت عليه أوكرانيا من دول الغرب والولايات المتحدة بمنزلة ديون ستدفعها لاحقا بعد انتهاء تلك الحرب.
وأضاف: الأموال والسلاح تسجل ديونا على الدولة بعد إعادة إعمارها واسترداد قواها، وليس شرطًا أن يرد السلاح بسلاح والمال بمال، وإنما يرد بأسلوب تبادل المنفعة فمثلًا عملية التبادل السلعى من أهم العمليات التى يتم من خلالها سداد الديون فتلك الدول تسترد دعمها من أوكرانيا من خلال الحصول على الحبوب والمحاصيل الزراعية بدلًا من السلاح والمال فمساعداتها لأوكرانيا دعم وليس منحة، فهناك فرق بين دعم ومنحة وهبة وقرض.
ومن جانبه قال توم حرب مدير التحالف الأمريكى الشرق أوسطى للديمقراطية، أن نسبة 90% من المساعدات الدولية التى ذهبت إلى أوكرانيا منذ بدء الحرب الروسية والمتمثلة فى السلاح والأجهزة الطبية والأموال والمواد الغذائية ليست قروضا وإنما مساعدات لضمان صيانة الوضع فى أوكرانيا بعد أن دمرها الغزو الروسى.
وتابع: الغرب يعتبرون تلك المساعدات بمنزلة ضمان لتقييد روسيا عن التوسع خارج أوكرانيا، موضحا أنها عملية استنزاف للروس، لافتا إلى أن معظم الأموال التى ذهبت إلى أوكرانيا تقريبا بنسبة 70% من الولايات المتحدة الأمريكية وبقيتها من الجانب الأوروبى.
واستطرد حرب مؤكدا أن الدول المانحة للمساعدات فى أوقات خاصة كالأزمات أو الحروب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، تدرج هذه الأموال كمساعدات خاصة وليست كقروض، فالقروض تمنح من عدة بلدان وترسل عبر البنك الدولى، بينما المساعدات ترسل مباشرة من قبل الدول لبعضها بعضا، وتتمثل فى السلاح والمساعدات الطبية والغذاء، أو حتى الأموال لمساعدتهم فى التقدم، ومن بين أكبر الدول التى تمنح مساعدات فى الوطن العربى هى مصر.
نقلًا عن العدد الورقي..،