24 عاما على عملية ثعلب الصحراء وغزو العراق، جريمة تمت تحت مزاعم أسلحة الدمار الشامل
غزو العراق، في مثل هذا اليوم منذ 24 عامًا، بدأت عملية "ثعلب الصحراء" في 16 ديسمبر عام 1998، واستمرت 4 أيام، وجاءت بذريعة عدم تعاون النظام العراقي مع اللجان الدولية للتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل.
في تلك الفترة كانت هناك مشكلة أساسية بين العراق ولجان التفتيش، فيما يتعلق بزيارة أو تفتيش بعض المواقع، ولاسيما المواقع الحساسة جدًّا، ضمن الدولة العراقية، مثل أبنية ديوان الرئاسة، والقصور الرئاسية، ومجمعات القصور التي كانت موجودة في كل المحافظات العراقية.
الأساس في تلك العملية، محاولة إيجاد متنفس للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، والذي كان يمر بفضيحة داخل البيت الأبيض، من خلال إشغال الإعلام الأمريكي، عبر إعلان قصف العراق، والانشغال بموضوع الأسلحة البيولوجية والكيميائية، وبرامجهما في العراق.
فضائح كلينتون مع مونيكا لوينسكي
كلينتون كان يتعرض لضغوط كبيرة من الكونجرس الأمريكي، بسبب علاقته بالمتدربة في المكتب البيضاوي مونيكا لوينسكي، إضافة إلى الهدف الآخر وهو إعادة العراق ليكون تحت المطرقة الأمريكية، بالضغوط المستمرة عليه في حينها.
أيضًا كانت هناك شكوى عراقية بأن هيئة المفتشين الدولية مخترقة من قبل المخابرات الأمريكية، عندما أنشأت ما يسمى بالصندوق الأسود، داخل بغداد، للتنصت على المكالمات العراقية وتحديد المواقع، وعندما أدرك العراق ذلك، قام بطرد مفتشي أسلحة الدمار الشامل.
في ثعلب الصحراء، نفّذت الطائرات الحربية الأمريكية 623 طلعة، ضد 100 هدف، وألقت 540 قنبلة، والبريطانيون نفذوا 28 طلعة جوية، ضد 11 هدفًا، وأدى القصف لمقتل ما يقارب 62 جنديًّا عراقيًّا، وجرح ضعفي هذا العدد، وكذلك مقتل 82 مدنيًّا.
كما دمر القصف مدرسة زراعية وخرّب 12 مدرسة أخرى، ما بين ابتدائية وإعدادية، ودمر خزانات ماء كان يستفيد منها نحو 300 ألف عراقي في بغداد، وأدى كذلك إلى قصف أحد مصافي النفط في البصرة، على اعتبار أن هذا المصفى يقوم بعمليات تهريب النفط وكسر العقوبات الأمريكية والغربية على العراق، في حين أن أمريكا وبريطانيا كانتا قد أعلنتا أن العمليات تستهدف المنشآت العسكرية فقط.
تدمير مواقع عسكرية ومحطات رادارات
كما جرى تدمير مواقع عسكرية ومحطات رادارات، ومواقع الصواريخ أرض- جو، حيث إن صواريخ أرض- أرض دمّرت بعد عام 1991، ودمرت كافة المنشآت التي كانت تحوز هذه الصواريخ، حيث كان العراق يمتلك صواريخ سكود يصل بعضها إلى 650 كيلومترًا.
الطائرات الأمريكية قامت أيضا بقصف بطاريات صواريخ مضادة للسفن في شبه جزيرة الفاو (أقصى جنوبي العراق)، بذريعة أنها تهدد الملاحة في الخليج.
أصيب أكثر من 70 موقعًا عسكريًّا ومقرات للقيادة العراقية، وعدد من قصور الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ومقر رئيسي لحزب البعث آنذاك، فضلا عن استهداف آبار النفط جنوب العراق.
وينقل عن مستشار الأمن القومي الأمريكي ساندي بيرجر تصريحه آنذاك، أن هذه العملية كانت استهدافا للرئيس العراقي صدام حسين بصورة مباشرة، وأن الهدف الأساسي هو القضاء على برنامج التسليح الكيميائي البيولوجي النووي العراقي.
قصف عنيف بصواريخ توماهوك
بدأ الهجوم بقصف عنيف جدا بصواريخ توماهوك، نحو 400 صاروخ (وهي أكثر من الصواريخ التي ضربتها القوات الأمريكية في 1991)، وشاركت في العملية طائرات "بي52" (B52) الأمريكية القادرة على حمل قنابل من زنة 7 أطنان، والتي استهدفت مطارات ومواقع استراتيجية في العراق.
الحملة استهدفت مراكز تدريب الصواريخ ومناطق أخرى في معسكر التاجي شمال بغداد، ولكن في الحسابات العسكرية مثل هذه الخسائر لم تحسب، ولم تكن مؤثرة بشكل قوي.
ويعتقد أن الهجوم كان من المفترض أن يستمر لحين استسلام الرئيس صدام، لكن لم يستطيعوا الوصول إلى الهدف، بسبب اعتراض دول العالم، وبالذات فرنسا والصين وروسيا على هذا الإجراء.
الغاية من هذه العملية هي محاولة إنهاك البنى التحتية العراقية والتمهيد لمرحلة جديدة تتمثل في الإطاحة بالنظام السياسي القائم آنذاك، كما أن الضربات التي وجهت كانت تستهدف القضاء على ما تبقى من قدرة الجيش العراقي التي مازالت تتمتع بنوع من القوة بعد إعادة تشكيل قسم من ألوية الحرس الجمهوري بعد عام 1991 والذي يعده الأميركان الركيزة الأساسية للجيش العراقي.
محاولات تجنب الضربة
حاول العراق أن يتجنب هذه الضربات، حيث نجح مع فرنسا والصين وروسيا، للتحدث مع الجانب الآخر لمنعهم من شن الهجوم.
ويرى أن المخططات مرسومة من قبل، لأن أمريكا تريد أن تشعل حربا في المنطقة، لتدمر الجيش العراقي وتأتي بالمعارضة.
منتسبو منشآت التصنيع العسكري بقوا بأماكنهم كدروع بشرية، حيث إن ذلك حمى نحو 50% من المنشآت المتعلقة بالتصنيع العسكري كي لا توجه لها ضربات.
وبعد احتلال العراق وقتل نحو مليون عراقي اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بخلو العراق من أسلحة "الدمار الشامل".