غراب البين يكتب: السيستم واقع ( ساخرون)

بعد يوم طويل من اللف والدوران والمرازيه فى خلق الله وقفت فوق سور بلكونة عم محمد أبو الواد الرزل اللى إسمه مروان اللى دايما بيحدفنى بالطوب فى الرايحه والجايه.. وهذه كانت أول ليلة منذ زمن أنام خلالها نوما عميقا ولم يوقظنى سوى صوت بعض المسنين من البنى آدمين الذين تجمعوا أسفل البلكونة منذ السادسة صباحا حيث يوجد مكتب بريد شارع المساكن بفيصل بجوار مدخل العمارة
 

وأنا لا أدرى لماذا ينتظرون مجئ موظفى البريد من السادسة صباحا رغم أن المكتب يفتح أبوابه فى التاسعة.. إلا أننى علمت من حواراتهم أنهم جاءوا مبكرا ليحجز كل منهما دوره قبل الزحام
 

يعنى انت كبنى آدم لو عايز تبعت حوالة بريدية أو تستقبل حوالة أو كنت تريد الحصول على معاشك الشهرى أو حتى عايز تدفع مصاريف التابلت أو رسوم استمارة امتحانات إبنك فعليك أن تستيقظ فى حدود الخامسة صباحا والأفضل إنك متنامش خالص وتفضل صاحى للصبح خاصة لو عايز تقبض معاشك أو معاش أبو اللى جاب أبوك
 

انتظرت أتابع المشهد خاصة أن الأمطار هطلت وبسبب إنسداد البلاعات والشارع الغير مرصوف امتلأت الأرض بالمياة وراح العجائز يقفزون على الحجارة والطوب الذى ألقوه فى الشارع كى يمروا عليه من الجهة المقابلة للوصول لمكتب البريد
 

مسرحية هزلية لا تخلوا من مهانة للبنى آدمين الذين تجمعوا بالعشرات أمام المكتب ليفاجئوا بالموظف يخرج عليهم قائلا: معلش يا جماعة السيستم واقع من امبارح ومش عارفين هيفوق إمتى.. فمفيش داعى للزحام وممكن تروحوا أى مكتب تانى
 

وهنا لم أستطع السكوت فوقفت على قدمى ونفشت ريشى وأخذت أنعق بأعلى صوتى "قاق قاق" فراح كل الموجودون أسفل البلكونة من عجائز وشباب وموظفين نساءا ورجال ينظرون إلى أعلى ويهشوننى صائحين فى صوت واحد: غور من هنا يا غراب البين جبتلنا النكد والفقر.. فهربت مسرعا قبل أن يحدفوننى بالطوب كعادتهم ولسان حالى يقول: بقا أنا اللى جبتلكم النكد والفقر يا شوية بنى آدمين غرقانين فى شبر ميه أم أنكم من تنكدون على بعضكم البعض.. مش كفايه إنكم  بتستيقظوا من نومكم فجرا لانتظار سيستم بيشتغل يومين وباقى الإسبوع واقع.. ياخى جاتها ستين ألف نيله اللى عايزه تخلف بنى آدمين زيكم!