ترسانة أسلحة ومتفجرات.. معلومات استخباراتية جديدة عن انقلاب ألمانيا
كشفت صحيفة أمريكية تفاصيل جديدة عن محاولة انقلاب ألمانيا التي تعرضت لها البلاد الأسبوع الماضى، وفق لروايات مسئولين فى جهاز الاستخبارات الألمانية.
تفاصيل جديدة عن انقلاب ألمانيا
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقرير إخباري مطول من برلين عن وكلاء نيابة ومسؤولين في المخابرات الألمانية، أن هاينريش الـ13 - الذي يسمي نفسه أميرا ويُعتقد أنه العقل المدبر للانقلاب الفاشل- استخدم منزله الريفي في منطقة باد لوبنشتاين بولاية تورينجيا على بعد 3 ساعات إلى الجنوب من العاصمة برلين، لاستضافة اجتماعات ضمته مع مجموعة من "المتآمرين المتطرفين" للإطاحة بالحكومة وإعدام المستشار شولتز، حسب وصف الصحيفة.
واستخدمت المجموعة قبو المنزل في تخزين ترسانة من الأسلحة والمتفجرات، بحسب التقرير الذي أعدته كاترين بينهولد مديرة مكتب نيويورك تايمز في برلين، والمراسلة الصحفية إيريكا سولومون.
وقد يبدو أن هاينريش الـ13 (71 عاما) -وهو سليل ميسور الحال لعائلة نبيلة عمرها 700 عام- زعيم غير متوقع لهذا النوع من المؤامرات. لكن وكلاء النيابة يقولون إنه عُيّن من قبل المتآمرين معه ليصبح رئيسا للدولة في نظام ما بعد الانقلاب.
وبدافع الحنين إلى زمن الإمبراطورية الألمانية قبل عام 1918 عندما كان أسلافه يحكمون دولة في ألمانيا الشرقية، تبنى الأمير المنحدر من عائلة رويس علانية نظرية المؤامرة، التي اكتسبت زخما في دوائر اليمين المتطرف، زاعمة أن جمهورية ألمانيا ما بعد الحرب ليست دولة ذات سيادة بل هي شركة أسسها الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية.
مواطنو الرايخ أتباع نظرية المؤامرة
ويطلق أتباع نظرية المؤامرة هذه على أنفسهم اسم "مواطنو الرايخ"، وهناك الكثير منهم في جنوب شرق تورينجيا، الولاية التي فاز فيها النازيون بالسلطة المحلية لأول مرة منذ أكثر من 90 عاما، قبل أن يمضوا قدما في تأسيس الرايخ الثالث.
ويعد حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليوم أكبر قوة سياسية في الولاية، والذي اعتقلت السلطات أحد نوابه في البرلمان الأسبوع الماضي في إطار حملتها ضد مدبري المؤامرة المزعومة بقيادة الأمير هاينريش الـ13.
وتعتقد الصحيفة الأمريكية أن مواطني الرايخ هم من جلبوا السمعة السيئة لباد لوبنشتاين، مما أثار استياء أصحاب الفنادق والتجار المحليين الذين يسعون إلى جذب السياح إلى المنطقة، حيث تنتشر المباني الحجرية وأبراج الكنائس التي تعود للقرون الوسطى وسط المناظر الطبيعية الخلابة لغابات الصنوبر والبحيرات.
ويحكي أندريه بوركهارت عضو المجلس المحلي في المنطقة لنيويورك تايمز كيف أنهم فوجئوا بوجود الجماعة اليمينية في بلدتهم، قائلا إنه لم يكن ليتخيل قط أن يرى مشهدا بذلك القدر من التشدد.
وكلما أقام بوركهارت وزملاؤه من أعضاء المجلس مقصورة في السوق المحلية للاستماع لشكاوى السكان المحليين، ينتهي بهم الأمر لمواجهة سيل من الإساءات اللفظية من أشخاص يصرون على أنه يعمل لصالح دولة لا وجود لها، في إشارة إلى ألمانيا نفسها.
مجلس الانقلاب فى ألمانيا
ويتهم أولئك الأشخاص بوركهارت وأعضاء المجلس المحلي بأنهم ليسوا مواطنين ألمانا، وأنهم "لا يعيشون في دولة ألمانية حقيقية"
على أن مواطني الرايخ ظلوا مجرد مصدر إزعاج محلي حتى ظهر هاينريش الـ13 على الساحة. فقد سعى الأمير إلى تحقيق هدفه المتمثل في استعادة الرايخ الإمبراطوري لألمانيا على جبهات متعددة، وبطريقة بدا وكأنه يعتقد أن عالمه الخيالي موجود بالفعل.
وذكرت نيويورك تايمز في تقريرها أن رئيس تحرير صحيفة "باد لوبينشتاين" المحلية بيتر هاغن علم لأول مرة في أبريل 2021 أن للبلدة أميرا، وكان ذلك عندما بدأ السكان يخبرونه بملصقات الحملة الغريبة التي تم لصقها في الشوارع أسفل منزل الأمير الريفي الذي يُستخدم نُزُلا للصيد، مناشدة السكان الترشح للانتخابات التي تجريها "لجنة انتخابات رويس"، ولم تكن هناك انتخابات رسمية في ذلك الوقت.
وارتاب هاجن أكثر الصيف الماضي بعد أن تتبع هاينريش الـ13 وشخصية محلية أخرى من حركة "مواطنو الرايخ" أثناء إلقاء محاضرة بمكتب البلدية بعنوان: معلومات عن "شركة بي آر دي جي إم بي إتش" (BRD GmbH)، وهي اختصار لجمهورية ألمانيا الاتحادية.
وبدأ إحساس بعدم الارتياح يتسرب في نفوس سكان باد لوبنشتاين في يوليو/تموز الماضي عندما وصلت رسالة إلى صناديق بريدهم الشخصية تتخللها علامات تعجب وأحرف استهلالية كبيرة، وتحثهم على استخدام موقع على الإنترنت للتسجيل للحصول على جنسية "آل رويس".
وتوجهت الرسالة إلى السكان بالقول “هل لديك شعور بأن شيئا ما في هذا البلد ليس صحيحا؟ وهل تعلم أنك في الواقع لا تمتلك أي جنسية، وأنك في الواقع عديم الجنسية ولا تملك أي حقوق؟”.
وكانت المخابرات الألمانية تراقب الأمير منذ خريف عام 2021، وأشار مسؤولوها إلى أن المجموعة الانقلابية بدت جاهزة لتنفيذ مخططها مرتين هذا العام؛ واحدة في منتصف مارس وأخرى في سبتمبر. ووُضعت الأجهزة الأمنية في حالة تأهب قصوى، لكن في كل مرة كان يتم تأجيله.
وقال مسؤولون مطلعون إن الأمير سعى أيضا للحصول على حلفاء بين زملائه الأرستقراطيين، وسافر إلى النمسا وسويسرا للتودد إلى النبلاء الناطقين بالألمانية من أجل الحصول على تبرعاتهم لتمويل "مؤامرته".
واشترت مجموعته بالأموال التي جمعتها هواتف متصلة بالأقمار الصناعية للتواصل خارج الشبكة أثناء الانقلاب المخطط له وبعده. وقد عُثر على الهواتف في وقت لاحق في المنزل الريفي أثناء مداهمته.
كما أجرى هاينريش الـ13 اتصالات مع دبلوماسيين روس، بمساعدة صديقة روسية أصغر سنا أطلق عليها وكلاء النيابة اسم فيتاليا بي.
ووفقا لمسؤولي المخابرات، فإنه من غير الواضح متى وكيف أصبح هاينريش الـ13 متطرفا لأول مرة. فقد كان يعيش في ضاحية ويستيند الثرية في فرانكفورت، حيث كان يعمل سمسارا ومستشار عقارات.
وعندما بدأ يقضي عطلات نهاية الأسبوع بانتظام في باد لوبنشتاين العام الماضي، كان أمير رويس مستغرقا في حركة "مواطنو الرايخ"، إلا أن ميوله المعادية للسامية واهتمامه بنظريات المؤامرة خضعت للتوثيق بشكل جيد.