رئيس التحرير
عصام كامل

حسابات كوميدية وخيال سياسى سقيم!


نظرًا لأن قادة جماعة الإخوان المسلمين، استطاعوا باستخدام حيل سياسية متعددة السيطرة على مجمل الفضاء السياسي المصرى، وخصوصًا بعد نجاح رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور "محمد مرسي" في الانتخابات الرئاسية، فإنهم ظنوا وهمًا أنهم يستطيعون تحقيق مشروعهم الكبير في أخونة الدولة وأسلمة المجتمع.


وبدأ هؤلاء القادة السياسيون في مواقعهم المتعددة من أول "د. محمد مرسي" الرئيس المعزول، إلى الدكتور "الكتاتنى" رئيس مجلس الشعب المنحل، إلى الدكتور "أحمد فهمى" رئيس مجلس الشورى الباطل في ممارسة ما يمكن أن نطلق عليه "العربدة السياسية" بغير حدود ولا قيود!

ونعنى بذلك، أن المجالس النيابية التي سيطر عليها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والسلفيون أخذت تصدر عشرات التشريعات القانونية في غيبة الممثلين الحقيقيين للشعب والأحزاب السياسية المعارضة، وقد قضت المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الإدارية العليا ببطلان عديد من هذه التشريعات التي أعدت على عجل، ومن قبل أعضاء ليست لديهم الدراية القانونية الكافية، ومن بينهم قانونيون دفع بهم الهوى والتحزب المقيت إلى تعمد مخالفة القواعد القانونية المستقرة لإعلاء المصلحة السياسية لجماعة الإخوان لاستكمال مشروع التمكين.

وتمسكت جماعة الإخوان المسلمين بحبال الشرعية الدستورية، وكأن الحصول على الأكثرية في الانتخابات البرلمانية أو نجاح المرشح الإخوانى في انتخابات رئاسة الجمهورية يخول لها ممارسة الاستبداد السياسي، والذي تمثل في إقصاء كل القوى السياسية عن دائرة صنع القرار.

بل إن غرور القوة الإخوانية المزعومة، دفع "محمد مرسي" من موقعه كرئيس للجمهورية إلى أن يقوم بانقلاب سياسي صريح، وذلك بإصداره الإعلان الدستورى الشهير الذي نصب فيه نفسه ديكتاتورًا لا معقب على قراراته.

ولم تقنع هذه الجماعة الدينية المتطرفة بذلك، ولكنها – إمعان في ممارسة غرور القوة من ناحية والحكم الاستبدادى من ناحية أخرى- دخلت في صراعات عنيفة مع مؤسسات الدولة الرئيسية.

ووصل التوتر بين الحكم الإخوانى المستبد والعاجز والفاشل إلى مداه، واستجابت جماهير الشعب للمبادرة الثورية الرائعة لحركة "تمرد"، وخرجت عشرات الملايين لإسقاط جماعة الإخوان المسلمين.

غير أن قادة الجماعة زعموا بعد أن تلقوا الضربة القاصمة بعزل "محمد مرسي" ودعم القوات المسلحة للإرادة الشعبية، أن عدد من خرجوا للميادين لا يزيد على بضعة آلاف في مقابل الملايين التي خرجت لكى تؤيد "محمد مرسي"!

ونحن نفهم لجوء قادة الجماعة لإنكار الواقع الذي ظهر مجسدًا على شاشات التليفزيون وأمام العالم أجمع، لأنهم لم يتصوروا للحظة واحدة أن ينتهى حكمهم الذي حلموا به طوال أكثر من ثمانين عامًا في لحظة واحدة.

غير أن الذي أدهشنى حقًا، أن يلجأ بعض الكتاب المناصرين للإخوان المسلمين في مجال إنكار حقيقة عشرات الملايين التي نزلت إلى الميادين في القاهرة والإسكندرية وكل المحافظات، إلى حسابات هزلية لإثبات دعاوى الإخوان من أن الرافضين للإخوان بضعة آلاف فقط، بل إن مستشار "محمد مرسي" السابق صرح علانية بأن عددهم لا يتجاوز أربعة آلاف شخص!

غير أن هؤلاء الكتاب لجأوا إلى طريقة مضحكة لإثبات دعاواهم الكاذبة، وهى اللجوء إلى "جوجل إيرث" الذي يحدد الأماكن والمساحات على مستوى العالم. وزعموا أنهم حينما استشاروا "الشيخ" جوجل أفتى لهم أن ميدان التحرير لا يمكن أن يسع إلا عشرات الألوف فقط! واضطرت "إدارة جوجل" إلى أن تصدر بيانًا تؤكد فيه أن الاستناد إلى مقاييسها لا أساس له من الصحة، أو بعبارة أخرى مجرد "فبركة" لإنكار الواقع الذي شهد به العالم.

وبعيدًا عن التدريبات الحسابية المضحكة، التي تورط فيها هؤلاء الكتاب البؤساء الذين أطارت صوابهم الهبة الشعبية ضد حكم الإخوان، فإننا نتعجب من الخيال السياسي المريض لقادة الإخوان المسلمين.

فقد صرح "عصام العريان" بأنهم لا يقبلون بغير عودة الرئيس المخلوع "محمد مرسي" لممارسة مهامه وعودة مجلس الشورى الباطل بقيادة "أحمد فهمى" إياه، ووعد بأن الرئيس المخلوع سيقوم بإصلاحات سياسية بعد حوار وطنى ليس له جدول أعمال!

ولما بدا استحالة تحقيق هذه المطالب الجنونية، قرر قادة الإخوان المسلمين شن الحرب على الشعب المصرى وعلى قواته المسلحة، باستخدام العنف والإرهاب. وهكذا استبحيت ميادين رابعة العدوية والنهضة، وأصبحت بؤرًا إرهابية تتولى إرسال المسيرات الفوضوية للهجوم على الشرطة والقوات المسلحة بدعوى أنها مظاهرات سلمية.

وقد أدى هذا المسلك الغبى إلى تبلور الكراهية الشعبية للجماعة، وضغط الجماهير على القوات المسلحة والشرطة لوقف المعارك التصادمية التي يمارسها الإخوان ووقف نزيف الدم.

كتبت هذا المقال يوم 24 يوليو، وأنا أستمع إلى الخطاب التاريخى للفريق أول "عبد الفتاح السيسى" الذي دعا فيه الجماهير للنزول إلى الشوارع يوم الجمعة لإعطاء القوات المسلحة والشرطة التفويض الشعبى لفض الاعتصامات التخريبية والقبض على المحرضين وتقديمهم في محاكمات عادلة أمام القضاء.

وهكذا ينتهى هذا الفصل الكئيب من فصول المرحلة الانتقالية بعد ثورة 25 يناير وذلك بفضل الموجة الثورية في 30 يونيو 2013.
الجريدة الرسمية