المآذن عند الفاطميين والمماليك وفي العصر الحديث
في العصر الفاطمي شاع استخدام وبناء الشُرفات في المآذن، واستخدمت هي والشرائط التزيينية لتقطيع المآذن إلى ثلاثة أجزاء؛ حيث تكون محاكاة لفقرات إصبع السبابة، المخصص بالرفع عند النطق بـ "الشهادة"، التي هي أساس الأذان.
في العصر المملوكي
في العصر المملوكي ظهرت المآذن المزدوجة، ذات الرؤوس الثنائية والرباعية، والتي مثلت تعبيرًا عن التثنية والثنائيات، كثنائية الشهادتين، والتثنية والتكرار في جُمَل الأذان، وأما الرباعية فظهرت في عدد من الجوامع الكبرى، كتعبير عن الإيمان والاعتراف بالمذاهب الأربعة وتدريسها.
الناحية الجمالية
لم يتوقف التعامل مع المآذن عند حدود الأدوار والوظائف والدلالات؛ بل إنها كثيرًا ما عومِلت كغاية بحد ذاتها، وذلك من خلال الاهتمام بها من الناحية الجمالية، في محاولة لإضفاء الهيبة، والروحانية، والقداسة عليها، وقد تعددت الأنماط التزيينية والفنية؛ حيث امتازت العمارة السلجوقية، من أفغانستان إلى الأناضول، باستخدام التزجيج والخزف المُلوّن، مع الكتابة بالخط الكوفي، واستمر حضور التأثيرات السلجوقية في الأنماط المعمارية الخوارزمية والصفوية اللاحقة، كما اشتهرت العمارة الفاطمية والأيوبية ببناء المآذن الضخمة والشاهقة، وباستخدام العناصر التزيينية كالمقرنصات الزخرفية، في حين تميزت عمارة المساجد في الهند بكثافة التفاصيل والزخارف النباتية والهندسية، مع استخدام مميزة من الخطوط.
في العصر الحديث
أما في العصر الحديث فقد تأثرت المساجد عمومًا بالعمارة الحداثية، وما في ذلك من اتجاه نحو التجريد والتبسيط والابتعاد عن التفاصيل والتخفيف من الزينة.
وعلى مستوى المِئذنة، فقد أثر التطوّر التقني، في استبدال المؤذن بالاعتماد على مكبرات الصوت، من خلال الاستغناء عن الشرفات والنوافذ، وظهور المآذن ذات النهايات العُليا الدقيقة، بالإضافة إلى التحولات في مواد البناء المستخدمة، ودخول الإسمنت والمعادن كمكونات للبناء.
وفي الأعوام الأخيرة ظهرت اتجاهات نحو مواكبة ما بعد الحداثة في العمارة، من التفكيك، والإكثار من التلافيف والانحناءات.
وبالرغم من كل التحولات على مستوى؛ الشكل والمواد والوظيفة والمعنى، بقيت المئذنة ركنًا أساسيًا من المسجد، لا يمكن تخيله بدونها، ولا يتقبل المصلون غيابها عن الجامع.