رئيس التحرير
عصام كامل

حتى لا تُفقِدونا ما تبقى من إنسانيتنا


جاء مشهد مقتل ثلاث سيدات من مؤيدات الرئيس المعزول بالمنصورة، صادمًا بكل ما تحمله الكلمة من معني، سواء من حيث بشاعة الجريمة ذاتها، أو من حيث ردود الأفعال عليها، والتي انقسمت غالبيتها بين الشماتة، والصمت على هذه الجريمة، وتكرار العبارة المشهورة "إيه اللي وداهم هناك".


أدري جيدًا أن هناك الكثيرين ممن يرون أن جريمة قتل المتظاهرات السلميات بالمنصورة، لا يأتي شيئًا بجانب ما ارتكبته جماعة الإخوان ومؤيديها خلال الأسابيع القليلة الماضية في حق العديد من المواطنين الأبرياء، لكن هذا لا يعطي المبرر إلى التعامل مع هذا المشهد البشع بهذه الصورة، التي لو لم يتم معالجتها، والتخلص منها، سينتهي الحال بهذا الشعب إلي فقدان الجزء الصغير المتبقي من إنسانيته.

ولكن قبل البحث عن علاج للتخلص من هذه الصورة، لابد من التعرف على الأسباب التي أدت إليها، فعندما قرر الشعب التخلي عن جزء كبير من إنسانيته، والاستهانة بمشهد الدماء، وإدانة الضحايا، كان ذلك نتيجة لجرائم عدة، شارك وللأسف هؤلاء الضحايا بقصد أو بدون قصد فيها، إما بسكوتهم عنها، أو بمشاركتهم فيها.

وتتمثل أولى هذه الجرائم وأهمها في الوسائل التي يستخدمها مؤيدو المعزول، من أجل الدفاع عن قضيتهم، والتي تنحسر جميعها في تعذيب المعارضين لمرسي، وإلقاء الأطفال من فوق العقارات، واقتحام الأحياء السكنية، وقتل أهاليها بدون أي مبرر، وغيرها الكثير والكثير من المشاهد الدموية التي تسبب ومازال يتسبب فيها الإخوان، وستظل عالقة في أذهان المصريين لسنوات طويلة، وربما للأبد.

أما ثاني هذه الجرائم فتتمثل في الخطاب التحريضي الذي يتبناه قيادات الإخوان، ويروجون له كل يوم من منصة اعتصامهم برابعة العدوية، وتحريضهم العلني قبل 30 يونيو وبعده على قتل معارضي مرسي، وسحقهم، ورشهم بالدماء، بالإضافة إلى تصريحاتهم حول ما يحدث بسيناء من أعمال إرهابية.

أما ثالث هذه الجرائم والتي لم يستطع قطاع كبير من الشعب، وخاصة القوى الثورية نسيانها أو التغاضي عنها، فهي تتمثل في تخلي الإخوان من قبل، ولأكثر من مرة، عن الثوار، إما من خلال سكوتهم عن الجرائم التي ارتكبها المجلس العسكري في حقهم أثناء المرحلة الانتقالية، أو من خلال ارتكابهم جرائم أخرى في حق هؤلاء الثوار، بعد وصولهم إلى السلطة، وتسببهم في قتل أكثر من مائة متظاهر في عهد مرسي.

ولذلك فعلى مرتكبي هذه الجرائم أن يكفوا فورًا عنها، حتي لا تكون سببًا رئيسيًا لتبرير قتل الكثير من المواطنين الأبرياء، الذين في كثير من الأحيان يُؤخذون بذنب هذه الجرائم، وحتي لا تُتخذ إجراءات استثنائية ستكون وللأسف بمباركة وتأييد والشعب، وأخيرًا حتى لا يتم إنهاء اعتصام رابعة العدوية بكارثة إنسانية، سيقف أمامها الشعب وللأسف صامتًا، معلنًا عن فقدان ما تبقى من إنسانيته.
nour_rashwan@hotmail.com

الجريدة الرسمية