الأزهر في 2022.. الطيب يواصل جولاته الخارجية.. تجديد الثقة في الضويني.. وعودة الروح للكاتيب
ملفات هامة ومحاور متعددة، وقضايا تهم المسلمين في شتى بقاع الأرض تلك التي يقوم عليها الأزهر الشريف وشيخة الدكتور أحمد الطيب، والذي واصل السير خلال عام 2022 على درب إيصال رسالة الأزهر العالمية وتأكيد دوره المحوري ليس داخل مصر وحدها بل في العالم أجمع من خلال جولاته الخارجية في العديد من المحطات التي استغلها الطيب من أجل التأكيد على مكانة المشيخة الدولية.
وترصد "فيتو" خلال السطور التالية أبرز الملفات والقضايا التي عملت مشيخة الأزهر الشريف، والإمام الأكبر خلال عام 2022.
الجولات الخارجية للطيب
أحد أبرز الملفات التي عنى بها شيخ الأزهر الشريف هذا العام، كانت الجولات الخارجية التي قام بها شيخ الأزهر في عدد من المحطات الهامة، على مدار العام وكان آخرها مشاركته في حوار - الشرق والغرب- الذي استضافته مملكة البحرين في مطلع شهر نوفمبر الماضي بمشاركة بابا الفاتيكان وعدد من رموز الأديان.
وأجرى فضيلة الإمام الأكبر لقاءاتٍ رسميةً مع ملك البحرين وقداسة بابا الفاتيكان، ويعقد فضيلته لقاء مع بعض القادة والرموز الدينيين المشاركين في المؤتمر، كما توجَّه جلالة الملك البحريني وشيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين وبابا الفاتيكان لزراعة نخلة؛ تعبيرًا عن الصداقة والأخوة الإنسانية.
وعقد شيخ الأزهر في اليوم الثالث من رحلته إلى البحرين عدد من اللقاءات المهمة مع هيئات إسلامية ومسيحية بارزة، وعدد من القيادات الجامعية وشباب الجامعات.
الحوار الإسلامي الإسلامي
كما وجه فضيلـة الإمـام الأكبـر الدكتور أحــمَد الطَّـيِّب، شَـيْخ الأزهــر الشَّــريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، نداءً إلى عُلماءِ الدِّين الإسلامي في العالم كلِّه على اختلافِ مذاهبهم وطوائفهم ومدارسهم، إلى المسارعة بعقدِ حوارٍ (إسلامي إسلامي) جاد، من أجلِ إقرار الوحدة والتَّقارُب والتَّعارف، ومن أجل الأُخوَّة الدينيَّة والإنسانية، تُنبَذُ فيه أسباب الفُرقة والفتنة والنِّزاع الطَّائفي على وجْهِ الخصوص، ويُركَّز فيه على نقاطِ الاتِّفاق والتَّلاقي.
وشدد فضيلة الإمام الأكبر، خلال كلمته بالجلسة الختامية في ملتقى البحرين للحوار، في قصر الصخير بالمنامة بحضور ملك البحرين وبابا الفاتيكان، على أهمية أن يُنصَّ في قرارات هذا الحوار على القاعدةِ الذهبيَّة التي تقول: يَعْذُرُ بعضُنا بعضًا فيما نختلفُ فيه، كما يُنصُّ فيه على وقفِ خطابات الكراهية المتبادلة، وأساليب الاستفزاز والتَّكفير، وضرورة تجاوز الصِّراعات التاريخيَّة والمعاصرة بكلِّ إشكالاتِها ورواسبها السَّيْئة.
ووجه الإمام الطيب دعوة إلى المسلمين الشيعة للحوار بالقول: هذه الدَّعوة إذ أتوجَّهُ بها إلى إخوتِنا من المسلمين الشِّيعة، فإنَّني على استعدادٍ، ومعي كبارُ علماء ومجلس حكماء المسلمين، لعقدِ مثلِ هذا الاجتماع بقلوبٍ مفتوحةٍ وأيدٍ ممدودة للجلوسِ معًا على مائدة واحدة؛ لتجاوز صفحة الماضي وتعزيز الشأن الإسلامي ووحدة المواقف الإسلاميَّة، التي تتَّسِمُ بالواقعيَّة، وتُلبِّي مقاصد الإسلام وشريعته، وتُحرِّمُ على المسلمينَ الإصغاء لدعوات الفُرقة والشِّقاق، وأنْ يحذروا الوقوع في شَرَكِ العبث باستقرار الأوطان، واستغلال الدِّين في إثارةِ النَّعرات القوميَّة والمذهبيَّة، والتدخُّل في شؤونِ الدول والنَّيْلِ من سيادتها أو اغتصاب أراضيها.
مؤتمر زعماء الأديان
وقبل قمة البحرين اتجهت أنظار العالم الإسلامي إلى دولة كازاخستان، حيث احتضن مدينة "نور سلطان" في الفترة من 14 إلى 15 سبتمبر 2022م، أعمال الدورة السابعة لمؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية، بمشاركة مائة وفد من ستين دولة حول العالم، يمثلون جميع الأديان، لبحث دور قادة الأديان العالمية والتقليدية في التنمية الروحية والاجتماعية للبشرية في فترة ما بعد وباء كوفيد-19.
وشارك فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، على رأس وفد رفيع المستوى من علماء الأزهر وحكماء المسلمين، في أعمال المؤتمر، بعد تلقيه دعوة رسمية من الرئيس "قاسم جومارت توقايف"، حيث القى فضيلته كلمة في الجلسة الرئيسية للمؤتمر، كما يلتقي بكبار المسئولين الكازاخستانيين، وقادة وزعماء الأديان المشاركين في المؤتمر.
وأشار شيخ الأزهر خلال كلمته إلى أن البشرية الآن أصبحت تعاني من رعب وخوف بسبب التغير الفجائي في ظواهر الطبيعة والمناخ، والمتمثل في ارتفاع درجة الحرارة، وحرائق الغابات، وارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات، وتهديد المدن بالغرق والسيول، وجفاف بعض الأنهار، ونفوق كثير من الكائنات الحية، وغيرها مما حاق بالإنسانية في الآونة الأخيرة من ممارسات سياسية استعلائية هزت أركان الاقتصاد الدولي، وأصابت الدول الغنية والفقيرة بما لم يكن في الحسبان من أزمات طاحنة طالت لقمة الخـبز وجرعة الماء، فضلا عن ترويع الآمنين وقتلهم وتهجيرهم وإجلائهم عن ديارهم وأوطانهم.
وحذر شيخ الأزهر مما تبعثه هاتان الآفتان - الاجتراء على المُقدَّسات والإلحاد - من رذائل وتمذهب بالحُريَّة الفرديَّة والأثرة والأنانيَّة، وعبادَةِ اللذَّة والشَّهْوة، والتَّحَرُّر الجنسي وربطه بالتحرُّر العقليِّ والفكري وجودًا وعدمًا، والتعبُّد بثقافة السُّوق ووَفرة الإنتاج وجشع الاستهلاك.. وما صاحَب ذلك من حملاتٍ مَدْروسةٍ ومُمَوَّلةٍ تَصرُخ في عقول الشَّباب ليل نهار وتدعوهم لأنْ يَنفُضوا أيديهم من مؤسَّسة «الأُسْرَة»، والنظر إلى «الزَّواج» على النَّحْو الذي عرفَتْه البشريَّة منذ خَلَقَ الله الأرضَ ومَن عليها وإلى وقتِ الناس هذا –على أنه خُدعةٌ كُبرى لا تَليق بثقافة الأجيال الجديدة، وعلى الشَّباب أنْ يتحرَّر منه ومن قيوده التي سجنته فيها الأديان والأعراف الإنسانيَّة، وعلى المرأة ألَّا تخجل من أن تتزوَّج بامرأة مثلها، أو يكونَ لها أكثر من زوج، وعلى الرجل مثل ذلك، ولم تتورع هذه الدعوات أن تهبط ببدائلها الجديدة إلى مستوى تعفُّ عنه الحيوانات والدَّوابُّ فضلًا عن ذوي الفِطْرة النقيَّة والعقول السَّليمة.
مواصلة حوار السلام مع الفاتيكان
وشهد العام الحالي استكمال لقاءات وحوارات السلام بين شيخ الأزهر والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، حيث كان الرزمين الدينيين على موعدين خلال هذا العام الأول في مؤتمر قادة الأديان في كازاخستان والثاني ضمن حوار الشرق والغرب والذي استضافته العاصمة البحرينية المنامة في مطلع نوفمبر الماضي.
منذ عودة العلاقات بين الأزهر الشريف والفاتيكان، شهد الحوار بين الشرق والغرب تقدمًا كبيرًا وغير مسبوق، إذ عادت العلاقات على يد فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، بعد قطيعة استمرت عشر سنوات، وسافر شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب إلى الفاتيكان والتقى البابا فرانسيس في مايو 2016 معلنًا عودة العلاقات بعد خطوات إيجابية من كلا الجانبين، أعقب ذلك زيارة للبابا إلى مصر ولقاء شيخ الأزهر، وفي فبراير 2019م، شهدت الإمارات إعلان وثيقة «الأخوة الإنسانية» التاريخية المشتركة بين الأزهر والفاتيكان، ما حدا بالأمم المتحدة أن تعلن يوم توقيع هذه الوثيقة يومًا عالميا للأخوة الإنسانية.
وشهد الحوار بين حكماء الشرق والغرب خمس جولات على يد فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، وجابت مدن العالم بين فلورنسا وباريس وجنيف وأبو ظبي، والقاهرة، وأرسل مجلس حكماء 15 قافلة للسلام تجوب العالم شرقًا وغربًا، بهدف نشر ثقافة السلام والتسامح والتعايش المشترك، شملت العديد من الدول أبرزها: (إفريقيا الوسطى، كولومبيا، كينيا، إيطاليا، أمريكا، ألمانيا، إسبانيا، جنوب أفريقيا، باكستان، إندونيسيا، تشاد، نيجيريا، فرنسا).
كما عقد الأزهر ومجلس حكماء المسلمين العديد من المؤتمرات الدولية، لتعزيز قيم الخير والمحبة والسلام، من أبرزها: المؤتمرُ الدوليُّ «الحرية والمواطنة... تنوع وتكامل» 2017م، وذلك بمشاركةِ أكثرَ من 50 دولةً. والمؤتمر العالمي للسلام، 2017م، بحضور البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وقادة وزعماء الأديان حول العالم. كما أطلق مجلس الحكماء منتدى شباب صناع السلام التقى خلاله مجموعة مختارة من نخبة الشباب أصحاب المبادرات الخلَّاقة ليقودوا نقاشات مشتركة تعزز الحوار والتواصل بين الشرق والغرب.
تجديد الثقة في الضويني
وفي شهر أكتوبر الماضي صدر قرار رئيس الجمهورية رقم: ٤٨٨ لسنة ٢٠٢٢م، بتجديد تعيين الدكتور محمد عبد الرحمن محمد الضويني، وكيلًا للأزهر الشريف لمدة عام، اعتبارًا من ١٥ أكتوبر الجاري، ونص القرار المنشور في الجريدة الرسمية على أن يعامل "الضويني" معاملة الوزير من حيث الدرجة، والراتب، والبدلات.
رئيس جديد لجامعة الأزهر
وفي شهر أغسطس الماضي أصدر فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قرارا الدكتور سلامة داود، العميد السابق لكلية اللغة العربية بإيتاي البارود، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية الحالي، للقيام بمهام رئيس جامعة الأزهر، بعد أن بلغ فضيلة أ.د محمد المحرصاوي، سن المعاش القانوني اليوم الأربعاء.
عودة الروح لكتاتيب الأزهر
حالة من الاحتفاء شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، بعد إعلان الجامع الأزهر عن تلقيه أكثر من نصف مليون طلب من أجل الالتحاق في الدراسة برواق الطفل الأزهري لحفظ القرآن الكريم وعلومه، والذي أعلنت عنه المشيخة بعد توجيهات من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والمفارقة في الأمر أن هذا الإعلان تزامن مع خروج بعض الدعوات التى تستنكر تحفيظ الطلاب والنشء للقرآن الكريم، وهو الأمر الذي اعتبره البعض ردا عمليا وشهادة ثقة من قبل المصريين في المؤسسة الأزهرية وعلومها.
وكان من أبرز تصريحات شيخ الأزهر خلال العام الحالي والتي لاقت ردود فعل واسعة داخل مصر وخارجها هي ضرورة إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" من تراثنا الإسلامي، وذلك من أجل حفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهدا في تنمية ثروة زوجها، خاصة في ظل المستجدات العصرية.
وشدد الإمام الأكبر خلال لقائه مع وزير الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي في شهر فبراير الماضي على أن الحياة الزوجية لا تبنى على الحقوق والواجبات ولكن على الود والمحبة والمواقف التي يساند الزوج فيها زوجته وتكون الزوجة فيها سندا لزوجها، لبناء أسرة صالحة وقادرة على البناء والإسهام في رقي وتقدم مجتمعها، وتربية أجيال قادرة على البذل والعطاء.