انطلاق أولى جلسات المنتدى الفكري.. الجوهري يؤكد تعديل 85% من بنود وثيقة ملكية الدولة.. والمالية: نسعى لخفض مدفوعات الفوائد إلى 25% بحلول 2026
انطلقت فعاليات "المنتدى الفكري لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء"، اليوم الخميس، بهدف بحث ومناقشة المستجدات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتكنولوجية المحلية والإقليمية والدولية وانعكاساتها على الدولة المصرية، بما يدعم عملية صنع القرار في مصر على عدد كبير من الأصعدة.
وقال الدكتور أسامة الجوهري رئيس مجلس معلومات مجلس الوزراء: إن الانضباط المالي على رأس أولويات الحكومة لسد العجز في الموازنة العامة للدولة، مشيرًا إلى أن الأزمات العالمية تسببت في تدخل الحكومة في الاقتصاد لمواجهة الأزمات التي تعرضت لها.
بنود وثيقة ملكية الدولة
وأضاف الجوهري في كلمته خلال فعاليات "المنتدى الفكري لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء"، أن الدولة تكثف جهودها لمحاولة ضبط السياسة المالية للدولة، عبر القرارات المختلفة التي تعلن عنها لمواجهة التحديات التي يتعرض لها الاقتصاد.
وأوضح ان الحكومة تعمل على تلافي أي أخطاء في القرارات من خلال التشاور مع مختلف الجهات المتخصصة، مؤكدًا على أنه تم تعديل حوالي 85% من بنود وثيقة ملكية الدولة، بناءا على توجيهات خبراء الاقتصاد الذين شاركوا في إعدادها.
ومن جانبه كشف الدكتور أحمد كوجك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، إن هناك أهداف دائمة في السياسة المالية خلال الفترة المقبلة، تتمثل في الحفاظ على الأوضاع الاقتصادية والمالية واستدامة مؤشرات وأوضاع الاقتصاد الكلي، بالإضافة إلى العمل على تحقيق نمو مرتفع ومتوازن ومستدام، بجانب مساندة ودعم القطاعات الواعدة ذات قيمة مضافة عالية من خلال برنامج الاصلاحات الهيكلية.
أعباء خدمة الديون
وأضاف كوجك أنه من المستحيل خفض أعباء خدمة الديون بدون خفض تكلفة الاقتراض، موضحا أن أهم السياسات والإجراءات والتدابير الإصلاحية المستهدفة لإدارة الدين الحكومي حتى يونيو 2027، تتمثل في 5 مستهدفات: وضع سقف ملزم للأعباء المالية لا يزيد عن 1.5%، والتوقف عن إجراء أي تشابكات مالية، واستمرار جهود تطوير سوق الأوراق المالية الحكومية، وإصدار ادوات مالية ذات عائد متغير، والتوسع في استهداف إصدار أدوات تمويل جديدة ومتنوعة.
وعن مدفوعات الفوائد، أشار نائب وزير المالية للسياسات المالية، إلى أن مدفوعات الفوائد تعتبر الجزء الأكبر من جملة مصروفات الموازنة بنسبة 33% من الإجمالي، وتهدف وزارة المالية لخفض هذه النسبة الى 25% بحلول عام 2026.
وأكد أن الدولة تهدف إلى خفض متوسط عمر الدين ليصل إلى المتوسط 4.5 سنة بحلول يونيو 2027، من خلال توزيع مصادر تمويل محفظة الدين، مشيرا إلى أنه تم وضع خطة إصلاح شاملة يدعمها برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، تهدف إلى حماية استقرار الاقتصاد والقدرة على استدامة مستوى الدين العام، وتحسين المرونة في مواجهة الصدمات وتعزيز برنامج الحماية الاجتماعية، ودعم القطاع الخاص.
وأوضح، أنه بفضل الإصلاح المالي المتبع في السنوات الماضية، تمكنت الوزارة من خفض العجز الكلي من 16.5% من الناتج المحلي في 2013/2014 الى 6.1% من الناتج المحلي في عام 2021/2022 بدون المنح، مشيرًا إلى أن الحكومة تستهدف وصول العجز إلى 4%.
وتابع: الإصلاح هو عبارة عن عملية مستمرة، وفي حالة اختلافها سوف تحدث العديد من المشاكل التي قد لا تستطيع أي دولة مواجهتها والسيطرة عليها، موضحا أن الحكومة تمكنت من التحول من تحقيق عجز أولي قدره 8.4% من الناتج المحلي في 2013/2014 إلى تحقيق فائض خلال السنوات الخمسة الأخيرة بلغ نحو 1.3% من الناتج المحلي في 2021/2022.
التعامل مع رؤوس الأموال الساخنة
وفي كلمته، قال الدكتور جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن الدولة تمر بأزمة عملة كبيرة، مضيفًا أن الجنيه المصري تعرض لتخفيضات متتالية منذ مارس الماضي نتج عنها فقدان أكثر من 50% من قيمته، مؤكدًا أنه لن تحل مشكلة الجنيه بمزيد من التخفيض، مضيفا أنه يجب التعامل مع رؤوس الأموال الساخنة بما تستوجبه من مكانتها وأهميتها الكبيرة، وادعوا لإعادة التفكير في إعادة رؤوس الأموال الساخنة لدعم الاقتصاد وجذبها والتحوط من خسارتها.
وأشار عبد الخالق، إلى أن البديل في دعم العملة، يتمثل في إعادة النظر في الإنفاق الحكومي غير الضروري، ومراجعة قائمة المشروعات الكبرى وتأجيل بعضها وإلغاء البعض الآخر، بجانب العمل على تشغيل المصانع المعطلة التي تعد بالالاف، ومن المهم أن يتم الأخذ بنظام الضريبة التصاعدية بدلًا من ضريبة القيمة المضافة على الدخل، وإعادة العمل بالضريبة على الأرباح الناتجة عن معاملات البورصة، ووضع سقف معلن للدين العام، ومحاربة الفساد، ووضع حد اقصى لزيادة كمية النقود بمعدل يساوي زيادة الإنتاج لضمان الاستقرار المالي.
وتابع: بالإضافة إلى إعادة النظر في نظام دعم الخبز والقمح والسلع التموينية لمكافحة وردع المتلاعبين، ووضع قيود على الواردات، مضيفًا أن تغيير نظام سعر الصرف بربط الجنيه المصري بسلة العملات بدلا من الدولار الأمريكي، وإصدار تشريعات لتحقيق الكفاءة والعدالة، وبالتحديد تعديل قانون إيجارات العقارات القديمة.
وأوضح أن الدولة المصرية لا تمتلك الترف للاندماج في الاقتصاد العالمي، مؤكدًا على أنه بعد الحصول على قرض صندوق النقد الدولي سوف يحدث حالة من الانفراج في أسواق المال، ولكن من الممكن العودة للسابق في حالة ظهور أزمات عالمية جديدة.
وعن السياسات الاقتصادية، أكد على أنه لابد وأن ترتكز على فكر اقتصادي سواء كان بصورة صريحة او ضمنية، مضيفًا أنه يتم تطبيق هذا الأمر على مجموعة من السياسات التي تم الاتفاق عليها مؤخرًا مع صندوق النقد الدولي خصوصًا مرونة سعر الصرف ورفع سعر الفائدة.
وأضاف، أن السياسة الاقتصادية يجب أن يحكمها معيارين وهما الكفاءة والعدالة، مشيرًا إلى أن الحكومة تنوي تنفيذ برنامج للإصلاح من شقين، وهما إجراءات مالية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، وإجراءات للإصلاح الهيكلي، مؤكدا على أن مكونات برنامج الإصلاح طبقًا للاتفاق مع الصندوق، كان يستهدف تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة، وتقليل الدين العام المحلي من 98% الى 88% من الناتج في الفترة من 2015/2016 إلى 2018/2019، وتحسين عمل سوق صرف العملات الأجنبية، بالإضافة إلى رفع معدل النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن تخفيض سعر الصرف إذا لم تسانده سياسات ملائمة سوف ينتهي إلى ارتفاع قيمة العملة، وبالتالي تراجع معدلات التنافسية.
ومن جهته قال الدكتور هاني جنينة الخبير الاقتصادي، إن مصر لديها قدرة على للاستدامة على المستوى البعيد، ولكنها لديها أزمة سيولة على المستوى القريب، مضيفا أنه بالرغم من أن مصر تعتبر ثاني أكبر دولة مدينة من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين، إلا أنها لم تتخلف عن سداد أي قسط من أقساط وفوائد الديون على مدار تاريخها.
سعر لتر السولار
وأشار إلى أن الدولة تدعم السولار بقيمة 12.75 جنيه مقارنة بالاسعار عالميا، وهذا لأن سعر لتر السولار وصل عالميًا حوالي 20 جنيها بدون اي تكاليف اخرى، بينما في مصر يتم بيعه للمستهلك بحوالي 7.25 جنيه، مما يكلف الموازنة العامة للدولة حوالي 200 مليار جنيه سنويًا.
جهود تحقيق الانضباط المالي
وشارك في جلسات المنتدى نخبة من الخبراء تشمل ممثلين عن الجهات الرسمية، والأكاديميين، والخبراء المختصين، وممثلين عن المؤسسات الإقليمية والدولية المعنية، والبرلمانيين، واللجان المعنية في الحوار الوطني.
وناقشت أولى جلسات المنتدى، موضوع "جهود تحقيق الانضباط المالي والاستدامة المالية في مصر ومزيج السياسات الأمثل".
وشارك في الجلسة الأولى الدكتور أسامة الجوهري رئيس مجلس معلومات مجلس الوزراء، والدكتور أحمد كوجك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، والدكتورة كاثرين باير، نائب مدير دائرة السياسة المالية في صندوق النقد الدولي، والدكتور جودة عبد الخالق، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة وعضو اللجنة الاقتصادية- ممثل الحوار الوطني، والدكتور هاني جنينة الخبير الاقتصادي، مدرس الاقتصاد- الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية
وناقشت الجلسة عددًا من الموضوعات ذات الأولوية بما يشمل التداعيات التي فرضتها الأزمات الاقتصادية العالمية المتعاقبة على أوضاع السياسة المالية في العديد من دول العالم، لاسيما الدول النامية واقتصادات السوق الناشئة، إلى جانب الجهود المبذولة في مصر على صعيد تحقيق الانضباط المالي والاستدامة المالية، والأطر متوسطة المدى لإدارة السياسة المالية، علاوة على أولويات السياسة المالية في الفترة المقبلة، وأبرز الإصلاحات المطلوبة لتعزيز الانضباط المالي وضمان الاستدامة المالية، إضافة إلى إلقاء الضوء على أهمية وفعالية موازنة المواطن، ورؤية المواطن المصري لأداء السياسة المالية وطموحاته المستقبلية.
أبرز توصيات الخبراء
وسيقوم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، في أعقاب انتهاء كل جلسة، بإعداد وثيقة منبثقة تتضمن أبرز توصيات الخبراء في الموضوعات محل المناقشة، وتقديمها للسيد رئيس مجلس الوزراء؛ ما من شأنه التفعيل المتواصل لقنوات التفاعل بين الحكومة وعدد كبير من المعنيين والخبراء في المجالات ذات الأولوية بالنسبة للحكومة المصرية.