مفتي الجمهورية: الأزهر قائم على ثلاثة أعمدة في منهجه من يخالفها ليس أزهريا
أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أنه يجب علينا التمييز في علوم الفتوى ما بين علوم النص وعلم الواقع الذي هو متغير ونحتاج إلى أن نلجأ فيه إلى أهل الاختصاص الدقيق حتى يمكننا تصور المسألة تصورًا صحيحًا، وبالتالي إصدار الحكم الشرعي على بصيرة، مؤكدًا أن الشريعة صالحة لأن تكون حاكمة لأفعال المكلفين وأفعال الناس إلى يوم القيامة، والشريعة لم تأتِ لزمان النبي (صلى الله عليه وسلم) فقط، وإنما أتت لتناسب كل زمان ومكان.
كما أوضح أن الشريعة لكي تقوم بمهمتها تحتاج إلى عقول فذة ومؤهلة لضبط الخطاب الديني في العالم المتغير، وأول ركن لا بد من الاعتماد عليه النص الشرعي قرآنًا وسنَّة، وكل وحي من الله (تبارك وتعالى)، مع أهمية عدم فصل العقل والتفكير عن أي جزئية من جزئيات الفتوى.
وأشار إلى أنَّ الفتوى تتألف من ثلاثة أجزاء وعمادها العلم، والعلم لا يمكن أن يكون إلا في إطار عقل منضبط، مع ضرورة الربط بين التأهيل الإفتائي والفهم والتكوين، وكيف نجعل هذا النص والفهم الذي تكون من علوم النص الشرعي يتحرك في أرض الواقع تحركًا دقيقًا متفقًا مع مقاصد الشرع الشريف، مؤكدًا أن الفتوى لا بد أن تحقق هذا المقصود وتراعي كافة المقاصد الشرعية.
جاء ذلك خلال كلمة فضيلة المفتي في افتتاح فعاليات الدورة الدولية العلمية المتخصصة لأئمة دولة الجزائر، التي يستضيفها مسجد النور بالعباسية تحت رعاية وزارة الأوقاف، مشددًا على ضرورة مراعاة تطور الزمان والمتغيرات والتقدم الذي تعيشه البشرية، حيث إن التطور الإنساني والحضاري جاء نتاجًا لثمار فكرية عاد نفعها على العالم بأسره.
جهود دار الإفتاء لمواجهة الفكر المتطرف
وأشار إلى أن دار الإفتاء المصرية، أمام تحديات كبيرة في مواجهة الفكر المتطرف ورصد وتحليل ورد على كل ما يصدر عن الجماعات المتطرفة من فكر منحرف، لافتًا النظر إلى أن دار الإفتاء المصرية أصدرت كتاب التأسلم السياسي، وهو دراسة في أكثر من 500 صفحة تدور حول فكرة أساسية وهي تتبع استغلال الدين في السياسة على مر التاريخ، ومنها تفسير الإخوان على مر التاريخ لدليل المصلحة، وهو دليل شرعي كبير، مؤكدًا أنه من خلال هذه الكتاب استطعنا أن نخلص إلى نتيجة بأنَّ استغلال الدين للوصول للأغراض السياسية لم ينجح على مر التاريخ.
وأضاف أن دار الإفتاء، قامت أيضًا بتوزيع تقرير مهم وموثَّق باللغة الإنجليزية على جميع أعضاء مجلسَي العموم واللوردات البريطاني حول جماعة الإخوان المسلمين، وتم ترجمة هذا التقرير الذي يقع في ٢١ صفحة إلى اللغة الإنجليزية وتوزيعها خلال الزيارة الرسمية إلى المملكة المتحدة، مما اضطر قيادات الإخوان هناك إلى إصدار بيان يدافعون فيه عن أنفسهم.
وتابع: كل المجموعات الإرهابية الموجودة هي نتاج جماعة الإخوان، والأزهر الشريف على مدار تاريخه يتبرأ من جماعة الإخوان، وهو ما رصدناه، حتى إن الشيخ الحصافي شيخ حسن البنا لما تبين له فكره المنحرف تبرأ منه وقال له: أنا من طريق وأنت من طريق، وكذلك الشيخ عبد اللطيف السبكي رد على فكر سيد قطب في كتابه معالم على الطريق، وكذلك الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر أصدر بيانًا يتبرأ فيه من فكر جماعة الإخوان.
الأزهر الشريف
وقال المفتي: إن الأزهر الشريف قائم على ثلاثة أعمدة في منهجه كل من يتبعها فهو أزهري، ومن يخالفها فهو ليس أزهريًّا ولو ارتدى العمامة الأزهرية، وهي: العقيدة الأشعرية التي ارتضاها الأزهر وجمهور المسلمين، والركن الثاني وهو الانتساب إلى مذهب فقهي من المذاهب الأربعة، والركن الثالث وهو السلوك وتربية النفس، وهو ما يطلق عليه التصوف.
واختتم المفتي محاضرته مؤكدًا أننا بحاجة إلى عقل علمي وعقل تأهيلي، لذا علينا أن نكون عقولنا تكوينًا علميًّا وَفق منهجية منضبطة، وهذا لا يأتي في يوم وليلة، ولكن عبر الوقت والزمن، فلا يمكن بين يوم وليلة أن نتصدَّر للإفتاء، وكذلك نحتاج إلى إدراك الواقع المتغيِّر لأنَّ الفتوى تتغير بتغير الجهات الأربع: الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.