77 عامًا على إنشاء "الأونروا"، محاولات إسرائيلية لا تتوقف لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين
تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التابعة للأمم المتحدة، هدف إسرائيلي لم يتوقف عبر 77 عامًا مرت اليوم، 8 ديسمبر، على إنشاء المنظمة الدولية، ومن ثمَّ إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين تمامًا، وإضاعة حق نحو 6 ملايين لاجئ في العودة إلى ديارهم.
وتقدم "أونروا" التي تأسست في العام 1948، خدماتها لأكثر من 5.7 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لديها في كل من سوريا ولبنان والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة.
وتشتمل خدماتها على التعليم، والرعاية الصحية والإغاثة، والخدمات الاجتماعية، والبنية التحتية، وتحسين المخيمات، والحماية، والإقراض الصغير.
محاولات التصفية كشفت عنها الرسالة التي وجهها فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا إلى اللاجئين الفلسطينيين، بشأن اقتراح زيادة الشراكات مع هيئات دولية داخل منظومة الأمم المتحدة تقوم بتقديم خدمات نيابة عن الأونروا لحل أزمتها المالية، الأمر الذي رفضته منظمة التحرير وعدة فصائل فلسطينية واعتبروه مقدمة لتنفيذ خطة إنهاء عمل هذه المنظمة الدولية.
وتأسست الأونروا بقرار من الأمم المتحدة في العام 1949 لتقديم المساعدات للاجئين الفلسطينيين الذين يقدر عددهم الآن بحوالي خمسة ملايين و700 ألف لاجئ يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان.
وأثار اقتراح وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بتفويض بعض الخدمات لمنظمات دولية أخرى تابعة للأمم المتحدة غضب الفلسطينيين الذين حذروا من مؤامرة «لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين».
ويربط الفلسطينيون على الدوام ما بين بقاء وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين (أونروا) وبقاء حق العودة إلى ديارهم قائمًا.
وتأسست الوكالة في العام 1949 بقرار حمل رقم 302، وجاء بعد عام واحد على إنشاء دولة إسرائيل، التاريخ الذي يعتبره الفلسطينيون «يوم النكبة».
"أونروا"، "لا تتعلق فقط بتقديم الخدمات"، واستمرارها "تذكير بأن المجتمع الدولي يتحمّل مسؤولية حل قضية اللاجئين الفلسطينيين".
واجهت الوكالة وما زالت تواجه، أزمة تمويل، بعدما كانت تتلقى عشرات الملايين من الدولارات بشكل منتظم من جهات دولية عدة.
للوهلة الأولى، يبدو إعلان مدير الوكالة فيليب لازاريني الشهر الماضي، أن «أونروا» يمكنها أن تطلب من هيئات أخرى تابعة للأمم المتحدة المساعدة في تقديم الخدمات، وكأنه خطة لتقاسم التكاليف.
فقد قال في بيان: إن الاعتماد بشكل أساسي على «التمويل الطوعي من المانحين لن يكون معقولًا» للمضي قدمًا، مضيفًا: "أحد الخيارات التي يجري استكشافها حاليًا هو تعظيم الشراكات داخل منظومة الأمم المتحدة الأوسع".
ورأى الفلسطينيون في هذه التصريحات بمثابة صفعة مدمرة محتملة لمهمة "أونروا".
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية: إن الخطة "تنتهك" قرارات الأمم المتحدة التي أنشأت "أونروا"، في حين قالت منظمة التحرير الفلسطينية، إن تطبيق ذلك سيثير ردود فعل غاضبة بين الفلسطينيين.
ووصف المسؤول البارز في حركة "حماس" محمد المدهون الاقتراح بأنه "محاولة لتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين تمهيدًا لإنهاء عملها".
30 ألف موظف
ويقوم بهذه الخدمة نحو 30 ألف موظف بميزانية تقدر بنحو 1.6 مليار دولار هذا العام.
وإثر نشوب الأزمة بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسبب رفض الفلسطينيين الانضمام إلى خطة ترامب لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، أوقف ترامب مساهمة الولايات المتحدة في ميزانية الوكالة، والبالغة نحو 235 مليون دولار سنويًا.
لكن على الرغم من عودة المساهمة الأمريكية مع الرئيس جو بايدن، لا تزال الوكالة تعاني من نقص كبير في التمويل.
وحذّر لازاريني في نوفمبر من أن "أونروا" تواجه "تهديدًا وجوديًا" بسبب فجوات الميزانية.
وتعرضت «أونروا» مرارًا لانتقادات إسرائيلية، مع اتهامات بأنها أجّجت الصراع جزئيًا من خلال تدريس رسائل معادية للصهيونية في مدارسها في المخيمات.
وقد دافعت الوكالة بحزم عن مناهجها المدرسية، على الرغم من أن لازاريني أبلغ مشرعي الاتحاد الأوروبي العام الماضي، أنه تتم «معالجة» القضايا الإشكالية في المناهج.
دمج الوكالة
وفي خطوة وصفها مراقبون بـ "الخطيرة" ومن شأنها تقييد وتصفية عمل وكالة الأونروا، تداولت وسائل إعلام فلسطينية أخبارا عن مخططات غربية لدمج وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
ووفق الخطط المتداولة هناك عدة مسارات لدمج الوكالة، الأول بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والثاني لدمجها بمؤسسات الوكالة بالوزارات المعنية بالدول المضيفة، أما الثالث يتحدث عن وكالة مستقلة بإشراف البرامج الدولية مثل البنك الدولي لضبط الهدر والتوظيفات العشوائية، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "صفا".
ونقلت الوكالة عن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي قوله بإن الدول العربية المضيفة للاجئين ترفض نقل صلاحيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لحكوماتها أو لأي منظمة دولية.
وأكد أبو هولي أن موقف منظمة التحرير واضح ويرفض أي محاولات لوقف عمل الأونروا أو التحول في وظيفتها، أو نقل صلاحياتها للدول المضيفة أو للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والذي تم التأكيد عليه في جميع اجتماعات اللجنة الاستشارية لـ "الأونروا" ولقاءات وفدها مع المانحين على هامش اجتماعات اللجنة الاستشارية.
تصفية الأونروا
واعتبر محمود خلف، منسق اللجنة المشتركة للاجئين الفلسطينيين أن الحديث عن دمج وكالة الأونروا، مخطط يهدف إلى أضعاف وتقويض عمل الأونروا وصولا إلى تصفيتها بالكامل، وفي حال صحت هذه الأحاديث، فتعد هذه الخطوة تطبيقا لصفقة القرن التي نادت بها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لوضع قضية اللاجئين جانبا ويتم تحويلها إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وتجريدها من المضمون السياسي لها، وتصبح فقط مجرد قضية إغاثية إنسانية.
وبحسب حديثه: "هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا ولا يمكن أن يتم الموافقة عليه، ورغم عدم تأكيد هذه التصريحات حتى الآن، فإنه لا يمكن أخذ الأمور بحسن النوايا لأن هناك تصريحات وأخبار هدفها جس النبض، وقياس ردود أفعال بعينها، مضيفا: "ننظر بخطورة بالغة إذا ما صحت هذه الأخبار حول خطط دمج وكالة اللاجئين في الدول المختلفة، أو تحويل قضية اللاجئين للمفوضة السامية للأمم المتحدة، أو إلقاء العبء بالكامل على الدول المضيفة للاجئين".
وأكد أن هذا تضييع لحق العودة وإنهاء للقرار 194 بما يتنافى تماما مع قرارات الأمم المتحدة، وفلسطين تتعامل بخطورة مع هذه الأطروحات على قاعدة أن أي مساس بقضية اللاجئين وأي مساس باستمرار بقاء وكالة الأونروا لتقديم الخدمات للاجئين يعني المساس بالقضية الفلسطينية برمتها، وقضية اللاجئين التي تشكل جزءا رئيسيا من القضية الوطنية الفلسطينية، حتى عودة اللاجئين لديارهم التي هجروا منها، فالأونروا شاهد حي على التهجير الذي جرى في عام 1948.
استهداف اللاجئين
بدوره قال أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية والقيادي في حركة فتح، بعض الجهات الفلسطينية ودول من الاتحاد الأوروبي طالبت في السنوات الماضية بجعل موازنة "الأونروا" جزءا من موازنة الأمم المتحدة بصفتها إحدى مؤسساتها وليست كيانا مستقلا لتجاوز الأزمة المالية التي تمر بها الوكالة نتيجة وقف الولايات المتحدة الأمريكية دعمها، مضيفا: "لكن هذا الطلب لم يجد موافقة من الأمم المتحدة".
إن ما يدور الآن هو دمج وكالة غوث وتشغيل اللاجئين مع مؤسسات خدمية دولية أخرى وهذا يعني عدم استقلالية الوكالة، معتبرا إياها مرحلة لتصفية الوكالة.