رئيس التحرير
عصام كامل

غياب جلال عبدالقوى جريمة.. من يتحملها؟

الدراما المصرية إلى أين؟ كنا طوال العام ننتظر انتهاء المسلسل في انتظار آخر جديد، وفى شهر رمضان كانت الدراما أحد علامات الشهر الكريم، ومنذ السبعينيات تعود المشاهد على مسلسلات اجتماعية، ومسلسل تاريخى أو دينى، بجانب الوجبة الأخرى من فوازير وبرامج متنوعة، وبلا شك هناك أسماء رسخت اسمها في الدراما العربية، من هذه الأسماء الكاتب المبدع محمد جلال عبدالقوى، ولست هنا في صدد أن أذكر كل أعماله، ولكن على مدى ما يقرب من أربعين عاما قدم إبداعا متميزا راقيا من رحم الحارة المصرية، ومكتوبة بعرق ودماء تبن النيل العظيم..

 

من ينسى غوايش، أديب، الرجل والحصان، أولاد آدم، المال والبنون، نصف ربيع الآخر، سوق العصر، الليل وآخره،  قصة الأمس، وغيرها من الأعمال التى حققت تواصلا مع المشاهد وردودا إيجابية، وهذا أمر طبيعى طالما أن الكاتب من طمى النيل، ويعيش بين الناس، سألته من فترة من خلال صفحة التواصل الاجتماعى: أين إبداع محمد جلال عبدالقوى؟ قال: مكتوب وجاهز على المكتب!

 

تخيلوا أن الكاتب محمد جلال عبدالقوى يغيب عن الشاشة؟! بالاضافة إلى أنه ليس من زوار البرامج التليفزيونية، والحقيقة أنه آخر العمالقة في الدراما العربية، خاصة بعد رحيل أسامة انور عكاشة، محفوظ عبدالرحمن، يسرى الجندى، لم يتبق لنا من الكبار إلا جلال عبدالقوى، فكرت استضافته فى جمعية محبى الفنون الجميلة، للحوار مع الجمهور حول الدراما، ولكن للأسف اعتذر لأسباب كثيرة، قدرتها على وعد أن يكون لنا لقاء قريب عندما تتغير الظروف.

المبدع.. جلال عبدالقوى 

 

كان أول تواصل مع المبدع محمد جلال عبدالقوى منذ أربعة وعشرين عاما تقريبا، عندما كنت أتابع إعادة مسلسل نصف ربيع الآخر بعد عرضه الأول بسنوات، ولكن فكرت في استضافته وأسرة المسلسل وعلى رأسهم العملاق يحيى العلمى، ويومها حذرنى الأصدقاء كن فشل التجربة، لأن المسلسل قديم، ولكننى راهنت على نجاح الندوة، بل إننى بالإضافة إلى المائة وعشرين كرسيا قمت بتأجير ثمانية وأربعين كرسيا تحسبا لحضور جمهور كبير..

 

كنت أرى السخرية فى عيون من حولى، ويومها أرسل أحد الصحفيين رسالة عن طريق زميل ناصحا بعدم إقامة الندوة، خاب ظن الجميع وكان الجمهور الوقوف لا يقل عن الجمهور الجالس، وكان من أسرة المسلسل جلال عبدالقوى ويحيى العلمى، وإلهام شاهين، وفادية عبدالغنى، وكانت ندوة ولا أروع، واندهش العظيم يحيى العلمى من الجمهور ورقى الحوار، بالرغم أن مركز رامتان طه حسين الثقافى كان في بدايته، ولم يعلن الخبر إلا فى جريدة الأهرام والاخبار، والخبر لايزيد على سطرين، ثم توالت اللقاءات مع المبدع محمد جلال عبدالقوى في كل إبداعاته في رمضان.

 

من أعماله التى شاهدت منها حلقتين على الفضائية سوق العصر  فاتصلت بالكاتب الكبير، حتى يتم عمل ندوة حولها بعد رمضان فى موسم الدراما، رفض قائلا: المسلسل لم يشاهد بشكل جيد! وأضاف سيذاع على القناة الأولى بعد رمضان والمسلسل أربعين حلقة، ممكن بعدها نقيم ندوة!

 

قمت بحساب الأربعين حلقة ووضعت فى البرنامج المسلسل، على أساس أنه ينتهى السبت والندوة الأحد، ووضعت يدى على قلبى، لأنه أحيانا يتم تأجيل إذاعة المسلسل، ولو حدث هذا سيكون كارثة ولن أستطيع مناقشة المسلسل قبل انتهاءه، وكرم الله أن المسلسل أحدث ردود فعل رائعة وجاء من أسرة الفيلم من دعوتهم مثل القدير محمود مرسى، فادية عبدالغنى، واحمد عبدالعزيز، وكمال ابورية، والشاب أحمد صادق وآخرين لم ادعوهم مثل غادة عبدالرازق جاءت مع المخرج هانى إسماعيل.. 

 

وكانت من أجمل ليالى رامتان طه حسين، حوار على اعلى مستوى، واغيجابية من المنصة.. أما الجمهور فقد اقترب من أربعمائة، كان بعضهم يسمع فقط خارج القاعة، هذا محمد جلال عبدالقوى ابن مصر الذى كان دائما بين الناس، يسمع نقدهم الشديد ويحاورهم، ويعطيهم كل الاهتمام ويجيب بتواضع العلماء.. 

 

 

أعود لحوارى مع محمد جلال عبدالقوى، المبدع رفض أن يتنازل عن هويته فيما يكتب، متمسكا بثوابته الوطنية، وقيم وروح مصر العظيمة، رفض أن يكون النجم هو الذى يملى على المبدع اختراعاته، فهو يرفض ما يقدم من أعمال تهدم  القيم النبيلة والدينية للمجتمع، وكاد مبدعنا يصرخ عندما تذكر مسلسل فيه الخيانات بين الأسرة والأخوات بشكل مقزز، وذكرته بمسلسل جميع من بالعمل يخونون بعضهم البعض، وأكد أنه يكتب ولن يتوقف عسى أن يحدث تغيير ا فيما يقدم الآن، محذرا أن الدراما التى تقدم الآن تهدم كل ما هو نبيل من القيم الإنسانية والدينية.

الجريدة الرسمية