تصاعد النبرة العدائية.. أوروبا تتهم أمريكا بالتكسب من الحرب
كشف تقرير لمجلة "بوليتيكو" الأمريكية عن نذر تصدع الحلف الأمريكي-الأوروبي، وتصاعد النبرة العدائية من ناحية دول التكتل غربا باتجاه الأطلسي.
نبرة عدائية
اتهام وصل حدّ اتهام بروكسل لواشنطن بالتكسب من الحرب في أوكرانيا، التي تكاد "تقصم ظهر الأوروبيين"، وفق تعبير المجلة الأمريكية.
وقال تقرير المجلة إن كبار المسؤولين الأوروبيين غاضبون من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ويتهمون مسؤولين في الولايات المتحدة الآن بـ"جني ثروة من الصراع، بينما تعاني دول الاتحاد الأوروبي وتتألم".
ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤول أوروبي كبير قوله: "الحقيقة، إذا نظرت إليها بواقعية، فإن الدولة الأكثر استفادة من هذه الحرب هي الولايات المتحدة؛ لأنها تبيع المزيد من الغاز وبأسعار أعلى، ولأنها تبيع المزيد من الأسلحة".
وبعد تسعة أشهر من اندلاع حرب أوكرانيا، ترفض الولايات المتحدة شكاوى أوروبا، وتعتبر أن الارتفاع في أسعار الغاز في أوروبا ناتج عن الحرب.
وزادت صادرات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة إلى أوروبا بشكل كبير.
في المقابل تنتقد بروكسل بشكل خاص الإعانات والضرائب الخضراء، التي يقدمها بايدن، والتي تقول بروكسل إنها تهدد بتدمير الصناعات الأوروبية.
وعلى الرغم من الاعتراضات الرسمية من جانب أوروبا، لم تظهر واشنطن حتى الآن أي علامة على التراجع.
وفي الوقت نفسه، تدفع الاضطرابات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا إلى دفع الاقتصادات الأوروبية إلى الركود، مع تصاعد التضخم والضغط المدمر على إمدادات الطاقة مما يهدد بانقطاع التيار الكهربائي وتقنين هذا الشتاء.
الغاز الأمريكي
وفيما يسعى الأوروبيون لتقليل اعتمادهم على الطاقة الروسية، تتجه دول الاتحاد إلى الغاز الأمريكي لكن السعر الذي يدفعه الأوروبيون أعلى بأربعة أضعاف من نفس تكاليف الوقود في أمريكا.
كما أن هناك زيادة محتملة في الطلبات على الصناعات العسكرية الأمريكية، في وقت تنفد مخزونات الجيوش الأوروبية بعد إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا.
كل هذا يمثل، بحسب "بوليتيكو" الكثير بالنسبة لكبار المسؤولين في بروكسل وعواصم الاتحاد الأوروبي الأخرى.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق إن أسعار الغاز المرتفعة في الولايات المتحدة ليست "ودية"، كما دعا وزير الاقتصاد الألماني واشنطن لإظهار المزيد من "التضامن" والمساعدة في خفض تكاليف الطاقة.
وأعرب وزراء ودبلوماسيون مقيمون في أماكن مختلفة من الاتحاد الأوروبي عن إحباطهم من الطريقة التي تتجاهل بها حكومة بايدن تأثير سياساتها الاقتصادية المحلية على الحلفاء الأوروبيين.
أجواء سامة
ويتحدث مسؤول كبير للمجلة الأمريكية قائلا: "عندما تعامل قادة الاتحاد الأوروبي مع بايدن بشأن ارتفاع أسعار الغاز الأمريكية في اجتماع مجموعة العشرين في بالي قبل أيام، بدا الرئيس الأمريكي وكأنه غير مدرك للقضية"، واعتبر مسؤولون ودبلوماسيون آخرون في التكتل أن ذلك "مشكلة كبيرة."
ديفيد كليمان من مؤسسة "Bruegel" للأبحاث تحدث عما بات يصفه بـ"الأجواء السامة" المتزايدة على التحالف الغربي.
وقال المفوض الأوروبي للسوق الداخلية تيري بريتون للتليفزيون الفرنسي يوم الأربعاء "الولايات المتحدة تبيع لنا غازها بتأثير مضاعف أربعة مرات، عندما تعبر المحيط الأطلسي". "الأمريكيون هم حلفاؤنا بالطبع... ولكن عندما يحدث خطأ ما، من الضروري أيضًا أن يقول الحلفاء ذلك."
وأصبحت الطاقة الأرخص بسرعة ميزة تنافسية كبيرة للشركات الأمريكية أيضًا. إذ تخطط الشركات لاستثمارات جديدة في الولايات المتحدة أو حتى نقل أعمالها الحالية بعيدًا عن أوروبا إلى المصانع الأمريكية. وقبل أيام فقط، أعلنت شركة سولفاي الكيميائية متعددة الجنسيات أنها تختار الولايات المتحدة على أوروبا لاستثمارات جديدة، في أحدث سلسلة من الإعلانات المماثلة من عمالقة الصناعة في الاتحاد الأوروبي.