سيناريوهات إنقاذ العالم من الرؤوس النووية.. تفاصيل عرض القاهرة استضافة محادثات أمريكية روسية
كما كان متوقعا، لم يستفد أى من الأطراف التى انزلقت إلى الحرب الروسية الأوكرانية، لم تركع روسيا، فى المقابل لم تفلح وريثة الاتحاد السوفييتى فى إجبار أمريكا على الخضوع لخياراتها بينما دفعت أوكرانيا الثمن باهظا، وستدفع أكثر بعد أن بدأت أمريكا وروسيا فى الاستجابة للدعوات الدولية التى طالبت موسكو وواشنطن بالجلوس على طاولة المفاوضات منعا لتأجيج الصراع فى أوكرانيا وإشعال حرب عالمية ثالثة تستخدم فيها حتما الأسلحة النووية، ، ويزيد من احتمالية الحل احتضان القاهرة صاحبة الموقف المتوازن من الجميع لنقاشات الحل.
كانت حدة التوتر زادت بسرعة لافتة بين روسيا والغرب، خاصة مع انخراط أمريكا وبريطانيا على وجه الخصوص فى الحرب الأوكرانية، خاصة أن موسكو وجهت اتهامات صريحة للبحرية الملكية بتفجير خطى الغاز نورد ستريم 1و2، وليس ذلك فحسب بل اتهمت روسيا أيضا المملكة المتحدة بالاشتراك مع أوكرانيا فى حادث الهجوم على أسطول البحر الأسود، والذى تم تنفيذه باستخدام مسيرات وأسفر عن إصابة قطع بحرية روسية.
ثم جاء الحادث الأخطر، وهو الحريق الذى نشب فى الغواصة النووية البريطانية «إتش إم فيكتوريا»، والذى أجبرها على إيقاف مهمة سرية كانت مخططة.
صحيفة «ذا صن» البريطانية ذكرت أن الغواصة البحرية المسلحة نوويًا قطعت مهمة سرية للغاية بسبب اندلاع حريق كهربائى تحت الأمواج، مما اضطرها لأن تطفو على السطح فى شمال المحيط الأطلسى للتخلص من الدخان السام.
وأشارت تقارير إعلامية أخرى، إلى وجود احتمالية عمل روسى وراء حريق الغواصة النووية البريطانية، التى كانت تحمل صواريخ ترايدنت2 (صواريخ باليستية عابرة للقارة)، والتى تعتبر واحدة من 4 غواصات استراتيجية للبحرية الملكية.
مواجهات مباشرة
الأحداث المتسارعة أنذرت باقتراب مواجهة مباشرة بين انجلترا وروسيا، لهذا سارعت العديد من الأطراف الدولية للعب دور الوساطة بين القوى العظمى، وذلك من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات لإنقاذ البشرية من كارثة نووية محتملة.
هنا جاء الدور المصرى فى هذه الأزمة الكبيرة التى تهدد حياة مليارات البشر على وجه الأرض ووجهت مصر دعوة لكل من روسيا وأمريكا للجلوس على طاولة المفاوضات فى القاهرة، وذلك تجنبا لاندلاع مواجهة نووية تدمر الكوكب.
وفى هذا السياق أعلنت روسيا أنها ستجرى مفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية فى القاهرة، أواخر نوفمبر الجاري، أو أوائل ديسمبر المقبل بشأن تفتيش مواقع الأسلحة النووية بموجب معاهدة ستارت الجديدة.
دور القاهرة
ويشار إلى أن روسيا اتخذت قرارا بعدم السماح لواشنطن تفتيش منشآتها ومواقعها العسكرية، وفق معاهدة «ستارت 3»، مما أثار ضجة وتداعيات فى الأوساط الدولية ومخاوف من عودة سباق التسلح النووي، فى حال توقف هذه المعاهدة بين القوتين النوويتين الأكبر فى العالم.
وتعتبر اتفاقية ستارت 3، هى الأهم من بين معاهدات خفض التسلح النووي، إذ تعتبر الوحيدة التى ظلت صامدة فى مرحلة ما بعد الحرب الباردة.
وتعنى اتفاقية ستارت 3 بالحد من الأسلحة النووية، والتى تم تمديدها فى 2021 لمدة 5 سنوات بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، وتقيّد عدد الرؤوس النووية الاستراتيجية والصواريخ والقاذفات التى يمكن للبلدين نشرها.
يقول الخبير فى الشأن الروسى الدكتور محمد فراج إن سبب موافقة روسيا و وأمريكا على إجراء المفاوضات فى مصر، يرجع إلى أن هناك مشاكل فى الأماكن التقليدية المخصصة للمفاوضات مثل فيينا، لأن هذه الأماكن إما تنحاز إلى أمريكا أو روسيا بشكل كامل.
وأضاف محمد فراج أن مصر تحتفظ بموقف متوازن بين موسكو وواشنطن فيما يتعلق بالحرب الأوكرانية، وتربطها علاقة جيدة بالطرفين، كما أن لها ثقلا إقليميا فى المنطقة.
وأوضح فراج أن الولايات المتحدة الأمريكية غير راضية عن مواقف مصر بشكل كامل، وذلك على الرغم من أن القاهرة صوتت ضد العملية العسكرية، إلا أنها أعلنت رفضها العقوبات على روسيا وعدم الالتزام بها.
وأكد فراج أن مصر كانت قد قدمت مبادرة خلال افتتاح مؤتمر المناخ cop27 لعرض الوساطة بين روسيا و أمريكا، مشيرا إلى أن هذا الدور كان من المفترض أن تلعبه الصين لأنها هى الوحيدة القادرة على إنهاء الصراع.
وأما فيما يتعلق بالأسباب التى دفعت روسيا وأمريكا إلى المفاوضات، قال فراج إن الاتصالات بين واشنطن وموسكو لم تنقطع أبدا على الرغم من توتر العلاقات بينهما منذ اندلاع الحرب فى أوكرانيا.
وأضاف الخبير فى الشأن الروسى أن سبب استمرار الاتصالات بين موسكو وواشنطن هو اتفاقيات الحد من التسلح بين البلدين، خاصة اتفاقية ستارت 3 المتعلقة بالأسلحة الاستراتيجية التى تشمل الأسلحة النووية والصواريخ الفرط صوتية بينها.
ونوه محمد فراج إلى أن البلدين يخشيان اندلاع سباق تسليح، مؤكدا أن أمريكا تحاول أن توقف التطور الروسى فى مجال الأسلحة لإعادة التوازن لما كان عليه قبل الحرب.
وتابع فراج:» بدأت تظهر فى الولايات المتحدة أصوات تدعو إلى التفاوض، خاصة مع تزايد التأثيرات السلبية الناتجة عن العقوبات المفروضة على روسيا من قبل واشنطن وحلفائها، على الاقتصاد الأوروبى والأمريكى أيضا.
حل الأزمة
أما فيما يتعلق بالمحادثات بين روسيا و أوكرانيا، أكد فراج أنها لا ترقى لمصطلح مفاوضات، لأن هناك فرقا شاسعا بين المطالب الغربية والمطالب الروسية، فموسكو تطالب بنزع سلاح أوكرانيا وبقاءها على الحياد وعدم الانضمام لحلف شمال الأطلسى «الناتو» والغرب يرفض ذلك.
واستطرد مؤكدا أن المفاوضات الروسية الأمريكية المنتظر عقدها فى القاهرة هدفها الرئيسى يتعلق باتفاقية ستارت 3، ولكنها ستتطرق للحرب الأوكرانية منعا للتصعيد بين البلدين أو حدوث تصادم محتمل.
وقال فراج إنه لا يتوقع أن تحقق المفاوضات نجاحا فيما يخص الأزمة الأوكرانية، ولكن هناك تفاؤلا حذر فيما يتعلق بالمفاوضات حول معاهدة ستارت 3 للحد من سباق التسلح خاصة الصواريخ الإستراتيجية والفرط الصوتية، وذلك لأن سباق التسلح يرهق كلا البلدين.
ومن جانبه قال الخبير العسكرى اللواء سمير فرج إن مؤشر خطر استخدام الأسلحة النووية فى الأعمال القتالية، ارتفع فى الفترة الأخيرة الأمر الذى دفع أمريكا وروسيا إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وأشار سمير فرج إلى أن هناك أهدافا أخرى من المفاوضات المقرر عقدها فى القاهرة، بين أمريكا وروسيا، والتى يأتى من ضمنها إنشاء خط ساخن أو ما يطلق عليه الهاتف الأحمر بين البلدين لمنع وقوع حوادث، مثل حادث سقوط صواريخ على الأراضى البولندية، والذى من الممكن أن يتسبب فى إشعال حرب عالمية.
وأوضح فرج أن روسيا و أمريكا يسعيان إلى إعادة العمل بالاتفاقات النووية التى تم إيقاف العمل بها، بالإضافة إلى إعادة العمل باتفاقية ستارت 3، وذلك للحد من سباق التسلح النووى الذى يكلف البلدين أموالا طائلة.
وأكد سمير فرج أنه يتوقع نجاح المفاوضات بين روسيا و أمريكا فى القاهرة، لأن كلا الطرفين لديهم رغبة فى ذلك،.
ونوه فرج أن الهدف من المفاوضات أيضا منع روسيا من استخدام سلاح نووى تكتيكى فى أوكرانيا، خاصة بعد الهزائم المتلاحقة التى منى بها الجيش الروسي.
نقلًا عن العدد الورقي…،