ياسمين الخيام تتحدث عن والدها في ذكرى رحيله: أول من رتل القرآن في الحرمين الشريفين.. واكتشف تحريف المصحف من الصهاينة عام 1961
تحل اليوم ذكرى رحيل الشيخ محمود خليل الحصري الذي رحل في مثل هذا اليوم في 24 نوفمبر 1980، بعد أن امتدت رحلته مع كتاب الله الكريم ما يقرب من خمسة وخمسين عامًا، وكان رائدا لمدرسة الأداء والتلاوة لم يسبقه إليها أحد.. ولم يستطع أن يقلده فيها أحد.
ويعد الشيخ الحصري، أول من سجل المصحف الصوتى المرتل برواية حفص عن عاصم، وأول من نادى بإنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم، ترعى مصالحهم وتضمن لهم سبل العيش الكريم، ونادى بضرورة إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن في جميع المدن والقرى، وشيد مسجدا ومكتبا وجمعية للتحفيظ تتولى إدارة شئونها ابنته ياسمين الخيام التي تكشف لنا في السطور التالية جوانب من حياة علم من أعلام التلاوة المصرية.
سر اللقب
وقالت الخيام إن لقب الحصري، لأن جدي كان معلما ومحبا للقرآن الكريم، وحريصا على فرش كل زاوية أو مسجد بالحصير، ومن شدة تعلقه بالمساجد أُطلق عليه لقب الحصري، ورأى في رؤية تكررت أكثر من مرة أن سلسلة ظهره عبارة عن عنقود من العنب، ومن كل مكان يأتي الناس ليقطفوا من هذا العنقود، ويقولون "الله" ولا ينقص من العنقود حبة، وحينما عاودته الرؤية للتكرار ذهب لأحد مفسري الرؤى فقال له: هل عندك ابن؟ فقال: نعم.. فطلب منه أن يحفظه كتاب الله، وأن يهبه لعلوم القرآن، وقد كان وسيظل حتى قيام الساعة ينتفع به وبقراءته بإذن الله.
منافسة العظماء
ولأن جيل الشيخ الحصري، كان من عمالقة القراء فكان ولا بد من وجود منافسة كبيرة قالت عنها الخيام لـ"فيتو"، كان هناك تنافس في إتقان العمل؛ وأيضا هناك مودة ومحبة واحترام متبادل، وكان دائما ما يقول: «أنا خادم للقرآن الكريم» وأشرف بأداء تلك الرسالة، ولذلك اصطفاه الله لأن الله يصطفي الأوقات والأماكن والبشر، وربنا اصطفاه بأشياء كثيرة، فهو أول إنسان يحمل الجمع الصوتي في الدنيا من خلال المصحف المرتل، وبعد ذلك أخذت جميع البلاد العربية والإسلامية طريقة والدي للترتيل، واصطفاه الله بأنه أول من رتل القرآن في الحرمين الشريفين بمكة والمدينة مع تركيب مكبرات الصوت هناك، وكذلك طوافه حول العالم لكي ينشر القراءة الصحيحة السليمة فكان أول من قرأ القرآن الكريم في الكونجرس الأمريكي وفي البيت الأبيض، وقرأ القرآن في إنجلترا، وأول من شارك في مسابقة القرآن الدولية في ماليزيا، وانتخب هناك كأول رئيس لرابطة قراء العالم وكان رئيس للجنة مراجعة المصحف في مصر، وكان عضو مجمع البحوث الإسلامية لشئون القرآن، ومستشار وزارة الأوقاف لشئون القرآن.
تحريف المصحف
وفي عام 1961 أثناء سفريه للشيخ إلى الكويت اكتشف واقعه تحريف المصحف، وطلب من أهل هذه الدولة جمع تلك النسخ من المصحف وعدم تداولها حتى يتم إرسال نسخ أخرى معتمدة من الأزهر الشريف، وأكد ياسمين أن أيادي الصهاينة هي التي حرفتها وبحكم عمل الوالد وحبه ومراجعته للقرآن فتح أحد المصاحف المذهبة لمراجعتها، فوجد التحريف في قوله تعالى: "قَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا" فلاحظ حذف النقطة في قولة "غلت" وأصبحت "علت" وعند أي كلمة "لعنوا" وجدها "آمنوا" ومن هنا جاءت فكرته الجمع الصوتي للقرآن وهو«المصحف المرتل» وفتحت إذاعة القرآن الكريم الإذاعة بصوته منفردا لمدة سنوات عديدة، وبعد ذلك أخذت معظم المحطات التي فتحت للقرآن المصحف المرتل.
دور وطني
وأثناء حرب الاستنزاف أدى الشيخ الحصري واجبة الوطني فكان له خطاب في حرب الاستنزاف من خلال الإذاعة لتحميس جنودنا وجيشنا العظيم في الدفاع عن أرض الوطن، ووجه لهم عدة رسائل، وأكدت أنه كان حريصا على تهنئة الأقباط بكل سنة ميلادية جديدة؛ وكنت دائما ما أتعجب وأتساءل كيف يكون عنده متسع من الوقت لتغطية جميع المناصب المكلف بها.. فهو لم يكن أبدا يسعى لأي منصب، بل كانت المناصب هي التي تسعى إليه، وكان حريصا على أن يقوم بواجبه على أكمل وجه وصورة.