رئيس التحرير
عصام كامل

حرب الرقائق.. أهداف اقتصادية أمريكية وراء التقارب مع تايوان

تايوان
تايوان

تقارب أمريكي تايواني ظهر مؤخرا منذ زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي للعاصمة التيوانية تايبيه وهي الزيارة التي كادت ان تشعل حربا مع الصين، إلا ان العديد من التقارير الإخبارية ترى في هذا التقارب له اهداف اقتصادية  من خلف الستار.

و قال موريس تشانج مؤسس شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات إن نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس رحبت بقرار الشركة بفتح مصنع ثان في ولاية أريزونا وأكدت عزم حكومتها على مساعدة تايوان.

ونقلت اليوم الأحد وكالة بلومبرج للأنباء عن تشانج، الذي كان يتحدث أمس السبت كمبعوث خاص لتايوان في قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في بانكوك، قوله إنه أبلغ هاريس بدعوة وزير التجارة الأمريكي لحضور حفل لإنشاء المصنع الذي تبلغ تكلفته 12 مليار دولار الشهر المقبل.

تصنيع  رقائق في اريزونا


وأوضح تشانج أن تكلفة تصنيع رقائق في اريزونا ربما تكون أعلى بما لا يقل عن 50% عن تايوان، إلا أن هذا لم يمنع الشركة من نقل المزيد من إنتاجها إلى الولايات المتحدة.

وقد بدأت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات، والتي تحتفظ بمعظم انتاجها في تايوان، في تنويع أماكن الإنتاج خلال العام الماضي للمساعدة في تلبية الطلب في دول تسعى إلى تعزيز إنتاج أشباه الموصلات.

وقف إمداد الصين

وبحسب تقارير إخبارية أن  واشنطن اقترحت مؤخرًا أن تتوقف العاصمة تايبيه عن إمداد الصين بأشباه الموصلات المتقدمة، وفقا لالتزامات تحالف Chip 4، الذي يضم الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان. هذا يعني تقليص فرص انتعاش وتمدد الصناعة الأسرع نموًا في الجزيرة. فهي على مدى السنوات العشر الماضية، تمثل 60% من الصناعة التحويلية في تايوان. ومن المهم معرفة أن نمو الصناعة وقطاع الرقائق الالكترونية بشكل خاص يعتمد على السوق الصينية.

كما أن كوريا الجنوبية في القارب نفسه. فالعام الماضي، شكلت مبيعاتها من الرقائق إلى الصين حوالي 25% من إجمالي الصادرات، وحوالي 15% إلى الولايات المتحدة. لهذا السبب، تتأخر سيئول في التقيد بأوامر واشنطن، على الرغم من أنها عضو في تحالف Chip 4. بالطبع، إذا تم تنفيذ الأوامر، ستصبح الولايات المتحدة الشريك الأكثر أهمية لكوريا الجنوبية وتايوان في مجال أشباه الموصلات. وسوف يساعد ذلك في تنفيذ خطة بايدن لإعادة بناء صناعة التكنولوجيا الفائقة في أمريكا.

حرب الرقائق

وفي هذا الصدد، قال الأستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد، أليكسي بورتانسكي: "قررت الولايات المتحدة الآن تطوير إنتاج الرقائق الدقيقة لديها بحدة. الحقيقة هي أن الشركات الأمريكية الرائدة التي تنتج الرقائق تقع في تايوان. وهي تعمل بشكل وثيق مع الشركات التايوانية. أي أنهم يحصلون على منتجات وسيطة من هناك ثم يكملون إنتاجها بأنفسهم".

ووفقا لبوليانسكي، فإن العالم بأسره يدرك أن تايوان هي الرائدة في مجال الرقائق. وقال: "أظن أن الصين تريد إعادة توحيد تايوان مع البر الرئيس، ليس فقط لأن الحزب يريد ذلك، وربما الشعب".

النفط الثمين

لقد أصبحت الرقائق النفط الثمين الجديد والمصدر النادر الأكثر حيوية الذي يعتمد عليه العالم الحديث، والمعركة من أجله بدأت منذ عقد من الزمان، لكن الصراع فيها يحتدم حاليا بين طرفين لا ثالث لهما، هما الولايات المتحدة والصين، وتلعب تايوان دورا محوريا في هذا الصراع، بل تكاد تكون هي أساسه.

في الوقت الحالي، فإن القوى العسكرية والاقتصادية والجيوسياسية مبنية على أساس رقائق الحاسوب، ونظريا فإن كل شيء ابتداء من الهواتف الذكية وأفران المايكروويف إلى سوق الأسهم والسيارات وحتى الصواريخ والطائرات، كلها تعمل بالرقائق.

وإلى وقت قريب، كانت أمريكا تصمم وتصنع أسرع الرقائق، وحافظت على ريادتها باعتبارها القوة العظمى رقم 1. لكنها بدأت تتراجع، ويقوضها بذلك منافسون في تايوان وكوريا وأوروبا، وقبل كل أولئك الصين.

وتركت أمريكا المكونات الرئيسية لعملية بناء الرقائق تفلت من قبضتها، مما أسهم ليس فقط في نقص الرقائق في جميع أنحاء العالم، ولكن أيضا في حرب باردة جديدة مع خصم من القوى العظمى التي تعمل جاهدة لسد الفجوة.
وربما يكون التحكم في تصنيع الرقائق في القرن الـ21 بمثابة التحكم في إمدادات النفط في القرن الـ20. فيمكن للدولة التي تسيطر على هذا التصنيع أن تخنق القوة العسكرية والاقتصادية للدول الأخرى.

92 % من الإنتاج في يد تايوان

وحاليا، فإن تايوان تمثل نحو 92% من الإنتاج العالمي لصناعة أشباه الموصلات بدقة أقل من 10 نانومترات، مما يجعلها المزود الرئيسي للغالبية العظمى من الرقائق التي تشغل أكثر الأجهزة تقدما في العالم، بدءا من هواتف "آيفون" (iPhone) لشركة "آبل" (Apple) وحتى الطائرات المقاتلة "إف-35" (F-35)، وتعتبر شركة "تي إس إم سي" الأولى في العالم بهذا المجال.

خطة الصين

إعادة التوحيد الناجحة بين البر الرئيسي وتايوان من شأنها أن تمنح الصين احتكارا فعليا لأكثر صناعات مسابك الرقائق تقدما، لكن في المقابل فإن خسارة "تي إس إم سي" ستجعل الولايات المتحدة تتدافع للعثور على مصادر بديلة، مثل "إنتل أو سامسونج"، لكن التحول والتعافي سيستغرق سنوات ومعها عشرات المليارات من الدولارات. في غضون ذلك، سيكون للولايات المتحدة مكانة من الدرجة الثانية في مجال التكنولوجيا.

واليوم، تخطط شركة «أبل» للبدء في الحصول على رقائق إلكترونية لأجهزتها من مصنع قيد الإنشاء في ولاية أريزونا، ما يمثل خطوة رئيسية نحو تقليل اعتماد الشركة على الإنتاج الآسيوي.

ومن المقرر افتتاح مصنع أريزونا المشار إليه في عام 2024، كما تتطلع «تي إس إم سي» بالفعل إلى منشأة أمريكية ثانية، كجزء من دفعة أوسع لزيادة إنتاج الرقائق في البلاد.

 

غزو تايوان

 

وسبق وأن حذر رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي، من أن أي هجوم صيني على تايوان سيكون خطأ استراتيجيًا، مثل غزو روسيا لأوكرانيا، على حد تعبيره.

وقال الجنرال مارك ميلي: "أعتقد أن القرارسيكون غير حكيم، سيكون خطأ سياسيا، خطأ جيوسياسيا، خطأ استراتيجيا، على غرار الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا".

واعتبر ميلي في تصريحات للصحفيين أن الرئيس الصيني شي جينبينج  فاعل عقلاني، مضيفا: "أعتقد أنه يقيِّم الأمور على أساس الكلفة والفوائد والمخاطر، وأعتقد أنه سيخلص إلى أن هجوما على تايوان في المستقبل القريب يحمل قدرا مفرطا من المخاطرة، وسينتهي بفشل استراتيجي للجيش الصيني".

وقدّر المسؤول الدفاعي الأمريكي أن أي هجوم صيني من شأنه أن يعرقل مساعي بكين لأن تصبح أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم.

ولفت إلى ضرورة استخلاص العبر من الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في  فبراير واصطدم بمقاومة قوية غير متوقعة من كييف.

وأردف: "أحد الأشياء التي يتعلمها الناس هو أن الحرب على الورق تختلف كثيرا عن الحرب في الواقع.. عندما تراق الدماء ويموت الناس وتُفجّر الدبابات الحقيقية، تختلف الأمور قليلا".

وأشار الجنرال الأمريكي إلى أن الجيش الصيني لم يخض معارك منذ قتاله ضد الفيتناميين عام 1979.
 

الجريدة الرسمية