في ذكرى قدوم رأس الإمام الحسين إلى مصر.. اختلاف الروايات التاريخية يثير الجدل حول مكان دفنها.. ومؤرخون يحسمون نهاية الرحلة
تحتفل الطرق الصوفية، في تلك الأيام بذكرى قدوم الرأس الشريفة للإمام الحسين رضي الله إلى مدينة القاهرة بعد نقلها من مدينة عسقلان الفلسطينية، لتستقر بمقرها الكائن بين شارع المعز والجامع الأزهر الشريف بحي الجمالية، وذلك بحسب بعض الروايات التاريخية.
وبدأت احتفالات الصوفية يوم الإثنين 14 نوفمبر 2022، في محيط مسجد الحسين رضي الله عنه، حيث يتوافد على هذه الاحتفالات، الآلاف من محبي آل البيت مش جميع محافظات مصر على الرغم أنه لا توجد موافقة رسمية حتى الآن لإقامة الموالد والاحتفالات بناء على قرار اللجنة العليا لإدارة أزمة الأوبئة والجوائح الصحية بمجلس الوزراء.
المدينة المنورة
واختلفت الروايات التاريخية حول حقيقة وصول الرأس الشريفية للإمام الحسين إلى القاهرة، حيث ذهب فريق من الدارسين ومنهم ابن دحية فى (العلم المشهور) أن الرأس دفن بالمدينة كما ذكره الزبير بن بكار بأنه فى البقيع إلى جانب أمه فاطمة الزهراء، كما روى فى تذكرة الخواص لـ سبط ابن الجوزي، فعندما وصل المدينة كان عمرو بن سعيد بن العاص واليا عليها، فوضعه بين يديه وأخذ بأرنبة أنفه ثم أمر به، فكفن ودفن عند أمه فاطمة.
فى سوريا
وذهب جمهور من المؤرخين منهم "تاريخ المراقد.. الحسين وأهل بيته وأنصاره" للدكتور محمد صادق، إلى أن الرأس الشريف قد دفن فى دمشق بعد وصوله إليها من كربلاء، إلا أنهم اختلفوا فى تحديد المكان الذى دفن فيه، فمنهم من قال إنه دفن فى حائط بدمشق، ومنهم من قال فى دار الإمارة، ومنهم من قال فى المقبرة العامة لدفن المسلمين، وهناك قول بدفنه فى داخل باب الفراديس، وذلك المكان سمى بـ (مسجد الرأس)، وقولًا آخر إنه فى جامع دمشق، وسمى المكان بـ (رأس الحسين).
في القاهرة
وقال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب،، أن المؤرخون وكُتَّاب السيرة سوى المتمسلفة اجتمعوا على أنَّ جسد الحسين رضى الله عنه دفن مكان مقتله في كربلاء، أمَّا الرأس الشريف فقد طافوا به حتَّى استقر بـ (عسقلان) الميناء الفلسطيني، على البحر الأبيض، قريبًا من مواني مصر وبيت المقدس.
ولفت الدكتور علي جمعة، إلى أن جمهور كبير من المؤرخين أيَّد وجود الرأس الشريف بـ (عسقلان)، ونقله منها إلى مصر جمهور كبير من المؤرخين والرواد، منهم: ابن مُيَسَّرٍ، والْقَلْقَشَنْدِي، وعليّ ابن أبي بكر الشهير بالسايح الهروي، وابن إياس، وسبط ابن الجوزي، وممن ذهب إلى دفن الرأس الشريف بمشهد القاهرة المؤرِّخ العظيم (عثمان مدوخ).
وأشار إلى أن الرأس الشريف له ثلاثة مشاهد تزار، مشهد بدمشق دفن به الرأس أولًا، ومشهد بعسقلان بلد على البحر الأبيض، نقل إليه الرأس من دمشق، ثمَّ نقل إلى المشهد القاهري لمصر بين خان الخليلي والجامع الأزهر، ويقول المَقْرِيزِيُّ: إنَّ رأس الحسين رضى الله عنه نقلت من عسقلان إلى القاهرة في 8 جمادى الآخرة عام 548هـ، وبقيت عامًا مدفونة في قصر الزمرد حتى أنشئت له خصيصًا قبة هي المشهد الحالي، وكان ذلك عام 549هـ.
وتابع مفتي الجمهورية السابق:"َأّكَدَ استقرار الرأس بمصر أكبر عدد من المؤرخين، منهم: ابن إياس في كتابه، والْقَلْقَشَنْدِي في «صبح الأعشى»، والمقريزي الذي عقد فصلًا في خططه المسمى "المواعظ والاعتبار"، وص430 يؤكد رواية (ابن مُيَسَّرٍ) أن الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي، هو الذي حمل الرأس الشريف على صدره من عسقلان، وسعى به ماشيًا حيث وصل مصر يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة 548 هجرية، مشيرا إلى أن الرأس حلت في مثواها الحالي من القصر يوم الثلاثاء 10 من جمادى الآخرة سنة 548 هجرية عند قُبَّةِ باب الديلم، حيث الضريح المعروف الآن بمسجده المبارك، وكذا السَّخَاوِي - رحمه الله - قد أثبت رواية نقل رأس الحسين إلى مصر".
وتابع: "في الكتاب ذاته تقول عطيات الشطوي المفتِّشة الأثرية الثقة، والمشرِفة المقيمة على تجديد القبة الشريفة في عصرنا تؤكد وثائق هيئة الآثار أنَّ رأس الحسين رضى الله عنه نُقِلَ من عسقلان إلى القاهرة -كما يقول المقريزي- في يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمئة، الموافق (31 أغسطس سنة 1153م)، وكان الذي وصل بالرأس من عسقلان الأمير سيف المملكة تميم واليها، وحضر في القصر يوم الثلاثاء العاشر من جمادى الآخرة المذكور (الموافق 2 سبتمبر 1153م)".
وولد أبو عبد الله الحسين رضي الله تعالى عنه في الثالث من شعبان في السنة الرابعة من الهجرة، ومات شهيدًا عام 61 من الهجرة عن 57 عاما، وهو أحد الطرفين اللَّذين أراد الله لهما لنسل رسول الله وأهل بيته إلى يوم الدين.