رئيس التحرير
عصام كامل

العصمة في يد الزوجة.. تمنح المرأة الحق فى تطليق نفسها دون العودة للرجل ولا تسقط حقوقا أو التزامات

الطلاق - صوؤرو تعبيرية
الطلاق - صوؤرو تعبيرية

من الثقافات الغامضة فى المجتمع والتى ساهمت فى ترسيخها الدراما «العصمة» عندما تكون فى يد الزوجة، فالرجال قوامون على النساء، كما قال الذكر الحكيم، لكن ماذا عندما تكون العصمة فى يد الزوجة وأى حقوق وواجبات.. “فيتو” ترصد في السطور التالية قصصًا مأساوية بطلتها: الزوجة المسيطرة والمتحكمة من خلال استئثارها بالعصمة.

زواج صالونات

يقول زوج يبلغ من العمر 40 عاما: تزوجت فى عمر 32 عاما من فتاة من سكان المعادى “زواج صالونات”، وعندما ذهبت أنا ووالدتى لخطبتها، وافقوا على كل شروطنا مقابل أن تكون العصمة فى يد الزوجة كما كان الأمر مع والدتها قبل وفاة والدها.

يضيف الزوج: فى البداية صدمت أنا ووالدتى، وطلبنا منهم مهلة للتفكير، وخرجت أنا ووالدتى من المنزل بقرار شبه واضح، «عدم الموافقة نهائيا»، واستكمل: بعد عودتى لمنزلنا، بدأت التفكير فى القرار والبحث عن تفاصيله وعواقبه، خاصة أننى اتخذت قرارا بأن زوجتى إذا رفضت فى يوم من الأيام أن تستكمل حياتها معى، سأنفذ رغبتها فورا، فلا أريد أن أجبر أحدا على المعيشة معى رغما عنه.

وتابع: عرضت على والدتى وجهة نظرى، كانت معترضة فى البداية، ولكنها اقتنعت بعدما تأكدت من إصرارى على قرارى، وبالفعل وافقت، وتم الزواج.

وواصل حديثه قائلا: كانت حياتنا مستقرة أول عام من الزواج، حتى سمعت مكالمة دارت بينها وبين والدتها تتفقان فيها على تأجيل قرار الطلاق لحين إنجاب طفل لكى تستطيع التمكن من الشقة والحصول على النفقة، ولكن زوجتى رفضت كلام والدتها، وقالت لها: «إيه اللى هيخلينى ألخم نفسى بعيل»، واكتشفت أننى كنت ضحية سبوبة.

زوجتى أرادت الارتباط والطلاق بعد الحصول على كل مستحقاتها الزوجية، وكان هذا الغرض من ترك العصمة فى يدها، وبالفعل نجحتا فى تنفيذ مخططهما، وذهبت للمأذون، وقامت بتطليق نفسها، ورفع دعوى تبديد قائمة المنقولات ونفقة متعة وعدة ومؤخر.

حب جنون!

فى نفس السياق حالة أخرى قرر فيها زوج أن يثبت حبه لزوجته بتنفيذ كل طلباتها، فوافق على رغبتها بأن تكون العصمة فى يدها رغم صعوبة القرار، لأنه يحبها بجنون.

يضيف: تم الزواج منذ 5 أعوام، حياتى الزوجية كان مستقرة إلى حد ما، ولكن بقاء العصمة فى يدها كان شبحا يطاردنى ويطارد سمعتى وشكلى أمام الغريب والقريب، وكثيرا ما طلبت منها التنازل عن العصمة، ولكنها كانت ترفض وتتهمنى بأن نيتى غير سليمة، وأننى أريد الزواج من أخرى.

واستكمل: وجود العصمة فى يد زوجتى لم يؤثر على حياتنا الزوجية، ولكنه أثر بالسلب على حالتى النفسية، وشعرت دائمًا أنها انتقاص من رجولتى حسب نظرة المجتمع المصرى، رغم أن الأمر متعارف عليه جدا فى الدول العربية، وحتى الآن يبدو أن القرار غير مناسب.

عدد قليل من الأزواج يوافقون

يقول إيهاب معوض، استشارى علاقات أسرية، إن العصمة تعنى حق اتخاذ قرار إنهاء الحياة الزوجية، والتشريع الإسلامى يقول إن الرجل هو من يملك إنهاء العلاقة الزوجية، لكنه يجيز أن يتنازل الرجل للمرأة عن العصمة، موضحا أن الحالات التى يجوز للمرأة طلب العصمة مثلا إذا كانت فى حالة خوف أو تمييز نتيجة تجربة شخصية أو سمعية.

وأضاف: عدد قليل جدا من الرجال يوافق على أن تكون العصمة فى قبضة يد زوجته، فإما أنه ضعيف الشخصية أو يحب زوجته ويصر عليها بأى طريقة كانت، أو يحتاج إلى نفوذها أو مالها.

من ناحيتها، قالت للدكتورة منى درويش، باحثة فى مجال الصحة النفسية ومعالج نفسى، إن السيدة التى تطلب العصمة تتمرد على الفطرة الطبيعية للأنثى، التى ليس دورها القيادة فى المنزل، كما أن الأنثى تميل لأن تكون مع رجل يمنحها الأمان المادى والعاطفى.

وعن رأى القانون يقول المحامى خالد رجب، ان المفهوم الحقيقى للعصمة فى يد الزوجة، ليس كما يحدث فى الأفلام والمسلسلات بأن تقول الزوجة للزوج «أنت طالق»، ولكن العصمة فى يد الزوجة يعطيها فقط الحق فى تطليق نفسها عند المأذون، ويكون اللفظ «أنا طلقت نفسى من زوجى فلان».

وأوضح خالد: من مزايا وجود العصمة فى يد الزوجة، أن تقوم بتطليق نفسها بدون اللجوء للمحكمة أو انتظار أن يقوم الزوج بتطليقها، وتحصل على حقوقها كاملة من مؤخر وعدة ومتعة، إلا إذا أثبت الزوج أن الطلاق بسببها ولم تكن مضطرة له فتسقط عنها المتعة، وأكد على أنه من حق الزوج إثبات أن الطلاق بسببها، من خلال رفع دعوى طلاق للضرر، وإثبات ذلك من خلال دلائل أو شهادة الشهود.

اعتقاد خاطيء

من جانبه يقول المستشار محمد ميزار المحامى والمتخصص بالقضايا الأسرية، إن هناك اعتقادا خاطئا بأن معنى العصمة فى يد الزوجة تبديل للأدوار، فتصبح حين ذلك المرأة ملتزمة بالتزام الرجل ويصبح الرجل ملتزما بالتزامات المرأة، وهذه مغالطة كبيرة، فهذا الأمر لا يعطى المرأة سوى الحق أو التفويض فى تطليق نفسها، ولا يقيد الرجل أو يصير مانعًا له من طلاقها.

وأشار «ميزار» إلى أن الطلاق فى أصله هو حق للرجال لا للنساء، وجعله بيد النساء هو استثناء وخروج عن الأصل، وذهب الأحناف إلى جوازه إذا ابتدأت به المرأة، فقالت: زوجت نفسى منك على أن يكون أمرى بيدى أطلق نفسى كلما شئت، فقال الزوج: قبلت. يكون أمرها بيدها.

وأكد أنه لا يوجد فى القانون نص على أحقية الزوجة بالعصمة، فالإسلام أعطى حق القوامة للرجل لأنه المكلف شرعًا بالإنفاق على زوجته وأولاده منها.

والمراد والمعنى بمقولة العصمة بيد الزوجة فهى عبارة عن تفويض الزوج لزوجته فى تطليق نفسها، ولا يضيف لها شيئا سوى حق تطليق نفسها، وهذا الأمر لا يعنى بالضرورة انتزاع حق الرجل فى تطليق زوجته أو إلغاء قوامته.

 

الجريدة الرسمية