رئيس التحرير
عصام كامل

سلطان النغم.. وداعا!

حين تستمع لفايزة أحمد في تسجيل إذاعي نادر كيف تدافع بقوة -رغم اختلافهما وقتها- عن محمد سلطان وكيف ترد غيبته.. لن تندهش أبدا من قضائه بقية عمره مخلصا لذكراها! نقف -ويقف الفن العربي- أمام إحدى قصص الغرام لا تقل في تفاصيلها عن قصص شهيرة جدا من  ليلي مراد وأنور وجدي إلي مديحة يسري ومحمد فوزي إلى فاتن حمامة وعمر الشريف وغيرهم..


ربما ساهمت بعض العزلة التي فرضاها على نفسيهما في عدم التعاطي الدائم مع تفاصيلها لكن الثابت أن مدة عمر زواج فايزة أحمد من محمد سلطان تعادل ربما أكثر من ضعف عمر زيجاتها الأخرى كلها والثابت أن عمر زواجها منه يعادل أقل قليلا من نصف عمرها كله.. والثابت أيضا أنه عاد إليها عند الخطر.. وعند نداء القدر.. ليبقي حتى لحظات الوداع الأخير.. لحظات الدموع والألم.. 

حب العمر


الإشاعات لم تقتل الحب.. إنما اربكته.. عكرت صفوه.. فلا هو تزوج ميادة الحناوي ولا هي اصطدمت من أجله بصباح ولا غضبت من تعاونه مع وردة ولا الغيرة كانت سببا في انفلات أعصاب هنا وهناك.. مع هذه أو تلك.. كلها إشاعات ينفيها ليدافع عنها.. فهي ليست التي يصدر عنها  مثل ذلك.. كان البكاء ملجأها وليس الشجار ولا الصوت العالي! 


يلمح عمر بطيشة.. الشاعر والإذاعي.. صديقهما.. نذر خلاف كبير.. معركة عاطفية كبرى.. حرب أهلية.. فيكتب ويلحن محمد سلطان وتغني فايزة: "بكرة تعرف ياحبيبي.. بعد ما يفوت الأوان.. بكرة تعرف لما ينسانا الزمان.. إني حقيقي حقيقي بحبك.. وكنت أتمنى أفضل جنبك"!

 
ليعترف أنه لحنها بقلبه وبجرعات الحنين المتدفق بغير حساب.. من قلب صادق.. وغنتها علي موجة الصدق ذاتها.. لكن كان شبح الوداع الأبدي يخيم علي بيتهما.. حياتهما.. نغماتهما.. طفليهما وقتئذ.. طارق وعمرو.. وقد كان!


كروان الشرق أحبت محمد سلطان حب العمر كله.. أرادت الفرصة له ولم تصطنعها.. مهدت له الطريق ولم يحتاج غير ذلك.. أرادته لنفسها حبيبا وزوجا وقد كان حتي تربع وحيدا علي عرش قلبها.. سلطانا إسما وفعلا.. إبنا بعض الأحيان.. وارادته لها ولغيرها من أهل المغني ملحنا وموسيقارا.. تعرض أعماله عليهم دون علمه تشق له طرق الأمل والعمل في كل مكان! 

 


وهو أحبها وعاش ومات بها ولها ومعها.. لم يغير من بيتهما شئ كانت قد رتبته بيديها.. احتكرها ولم يحتكر صوتها.. دون عقد دفينة أو غيرة فنية أو أزمات نفسية! قصتهما.. لحن للوفاء.. حكاية تستحق التأمل.. كما تستحق الخلود! وداعا سلطان النغم.. وداعا محمد سلطان.. الآن عدت اليها.. رحمكما الله.

الجريدة الرسمية