موت وخراب ديار.. مأساة فتاة توفي والدها بإهمال طبي وطالبتهم المستشفى بدفع 1.5 مليون جنيه
"موت وخراب ديار".. مقولة صحيحة أثبتتها الأيام، وتجلت في مأساة عائلة حسام الدين محمد عبده محمود، الذي دخل غرفة العمليات بسبب كسر في عظمة الحوض والفخذ وكدمة بالوجه، لكنه خرج من الغرفة متوفي، رحل تاركًا أسرة مكونة من أم وابنتين وولد، لم يتوقف الأمر على رحيل الوالد وعائل الأسرة الوحيد، لكن المستشفى الخاص طالبت أسرته بدفع مبلغ مليون ونصف المليون جنيه، برغم وفاة الأب بإهمال طبي.
مأساة أسرة والإهمال الطبي
بداية المأساة سردتها طالبة الصيدلة هدير حسام الدين، ابنة الراحل حسام الدين محمد، أن والدها كان بصحة جيدة، لكنه تعرض لحادث سير في 6 سبتمبر 2021، نتج عنه كسر وخلع بمفصل الحوض الأيمن، وكدمات متعددة بجسده، وكدمة بالعين اليمنى، وبعض الكدمات البسيطة.
وقالت هدير "فور وقوع الحادث توجه والدها لمستشفى الشيخ زايد، وبعد ذلك لـمستشفى قصر العيني، التي حددت ميعاد متأخر قليلًا لإجراء العملية، ووالدي لم يكن يتحمل الألم، لذا توجهنا لأحد المستشفيات الخاصة، وبالفعل تم تحديد موعد للعملية يوم الثلاثاء 11 سبتمبر 2021".
وتابعت هدير سرد مأساتها قائلة: "قامت المستشفى الخاص بعمل الفحوصات الكاملة لوالدي، وطالبتنا بدفع مبلغ 50 ألف جنيه لإجراء العملية، وبالفعل قمنا بدفع المبلغ".
يوم العملية
وقالت: "حددت المستشفى يوم 11 سبتمبر 2021 لإجراء العملية الساعة 12 ظهرًا، وبرغم تحضير والدي للعملية منذ الساعة 12 ظهرًا، لكن والدي لم يدخل غرفة العمليات إلا الساعة الثالثة عصرًا، بعد مرور الوقت ثقيلًا، خرجت إحدى الممرضات من غرفة العمليات الساعة السابعة و40 دقيقة مساءً، وتحدثت معنا الممرضة قائلة: "هناك مشكلة حدثت في غرفة العمليات، وأن الطبيب سيقول لنا ما حدث، وخاصة أن هناك مشكلة حدثت في التخدير".
والتقطت هدير أنفاسها وتابعت سرد المأساة التي أودت بحياة والدها فقالت: "كان من المفترض أن يكون تخدير والدي نصفي وليس تخديرًا كاملًا، لكن طبيب التخدير قام بتخدير والدي تخديرًا كليًا".
وأضافت: "عندما دخلنا غرفة العمليات لنعرف المشكلة التي حدثت مع والدنا فوجئنا بـ"فوط مطبخ"، استخدمت لتنشيف البول داخل غرفة العمليات، فطبيب التخدير نسي أن يقوم بتركيب قسطرة بول لوالدي، رغم أنه مصاب بكسر في الحوض، وكان يشكوا من المثانة، لكن أحدًا لم يسمعه، ومع تأخر موعد العملية صرف والدي كمية كبيرة من البول".
إهمال طبي
واستطردت هدير قائلة: "لم يتم إجراء العملية لوالدي، فعندما تم رفع والدي على الطاولة وقع على رأسه، فدخل أنبوب الأكسجين للتنفس في الرئة، وتم قطع الأكسجين عن والدي لمدة ربع ساعة، وبدأت شفتاه تتحول للون الأزرق، وتوقف القلب، حسبما قال لنا طبيب التخدير، ليؤكد أنه عرف أن والدي توفى".
لم تنته المأساة هنا، حيث تقول هدير: "قام الأطباء بعمل إنعاش لقلب والدي، وبالفعل عاد لكن ثلثي (2/3) من خلايا المخ لدى والدي تدمرت، والذي عاد جزء بسيط، ودخل والدي في غيبوبة لمدة 7 أشهر، حتى توفى في 7 إبريل 2022".
وبحزن شديد قالت هدير: "في فترة السبعة أشهر التي قضاها والدي داخل المستشفى قبل أن يتوفى أهمل تمامًا، ووصل وزنه إلى 45 كيلو، بعد أن كان وزنه أثناء دخوله المستشفى 120 كيلو، كما رفضوا يعالجوا والدي فكنا نشتري العلاج على حسابنا".
وتابعت هدير: "المفارقة أنه بعد الإهمال الذي تعرض له والدي، وتسبب المستشفى في وفاته، لكنهم طالبونا بدفع مبلغ مليون ونصف جنيه، عن الفترة التي قضاها والدي، الذي توفى بسبب الإهمال والتخدير الخاطيء"، مضيفة: "فترة علاج والدي تركت دراستي بالكلية، وكنا نقوم أنا ووالدتي وأختى الصغيرة على علاج والدي".
محضر وتخدير كلي
لم تنته المأساة عند هذا الحد، حيث قامت هدير بتحرير محضر إهمال ضد المستشفى، محضر رقم 9764 لسنة 2021 إداري مصر الجديدة، بعد شهرين من دخول والدها المستشفى.
وذكر طبيب التخدير في التحقيقات أثناء إجراءه عملية الشق الحنجري أثناء وجود المريض في غيبوبة "أنه قام بعمل تخدير كلي للمريض، لأن العملية في منطقة العنق، ولابد أن نضمن ألا يقوم المريض بعمل حركة بجسده أثناء العملية تفاديًا للمضاعفات"، مضيفًا أن العملية استغرقت حوالي خمسة وعشرون دقيقة، فالمريض من التخدير للإفاقة أخذ 45 دقيقة.
أما الطبيب المعالج فقرر بتحقيقات النيابة أن حسام الدين محمد، تدهورت حالته الصحية عقب تخديره، من حيث العلامات الحيوية وضغط الدم ونقص الأكسجين، حتى قام الطبيب المعالج بعمل إنعاش قلبي رئوي للمريض حيث قال الطبيب: "هو اتعمله إنعاش قلبي رئوي واستجاب في مدة لا تتعدى دقيقة واحدة، واستجاب على الفور، ودي بنسميه طبيًا "دورة إنعاش قلبي رئوي واحدة".
وعن المضاعفات التي تعرض لها المرض في العملية قال الطبيب (ع.ع) المعالج: "المضاعفات هذه واردة الحدوث عقب التخدير الكلي، وجميع المراجع والكتب الطبية تؤكد ذلك، ونجلة المريض هدير أبلغتني عقب إجراء العملية، أن عمها وجدها "والد المريض" توفاهم الله بسبب خضوعهم للتخدير الكلي، وذلك يدل على تاريخ مرضي للعائلة أثناء خضوعهم للتخدير الكلي.