كان يغني للعمال في مصنع غزل المحلة.. 26 عاما على رحيل المطرب الشعبى محمد طه
اكتشفه الملحن والمطرب الشعبى زكريا الحجاوي وهو يغنى للعمال أثناء عمله بمصنع غزل المحلة، وقدمه إلى الإذاعي طاهر أبو زيد الذى قدمه إلى الإذاعة عام 1956 بعد أن أعجب بصوته وطريقة ارتجاله في إلقاء الموال واقتنع بأدائه الشعبى وعرض على لجنة التحكيم المكونة من الدكتور طه حسين والإذاعى حسن الشجاعي وعازف الكمان أنور منسى.. ونجح المطرب الشعبى محمد طه في الاختبار وقال له الدكتور طه حسين “ صحيح أنك لا تملك شهادات ولا مؤهلات لكن لديك شهادة ربانية" ولقب بملك الموال .
ولد محمد طه مصطفى أبو دوح الشهير بمحمد طه عام 1902 بطهطا محافظة سوهاج إلا أنه تربى عند أهل والدته في عزبة عطالله سليمان بقرية سندبيس التابعة لمركز قليوب، لكن إقامته وحياته كانت في حى شبرا وعرف بصوته الجميل وامتهن الغناء الشعبى والموال حتى عرف بصاحب الـ 10 آلاف موال، ومن مواويله “ مصر جميلة، ياللى زرعت الحب، الدنيا لو كشرت، أسمع كلامى، يامعلم الكل، مصر جميلة خليك فاكر مصر جميلة.
مطرب الفلاحين
بدأ بالغناء على مسارح الفن الشعبى في القاهرة ومنها الى مقاهى الحسين والسيدة زينب، وذاع صيته كمطرب لفن الموال،وعن نفسه كان يقول: أنا مطرب بلدى ولست شعبى، وأغنى للطبقات البسيطة وأغنى للفلاحين لإسعادهم.
مقال جليل البندارى
في عام 1961 كتب "جليل البنداري" في "أخبار اليوم" مقالًا عن "محمد طه" عنوانه "براندو بالطربوش والجلباب البلدي" قال فيه: "استيقظت من النوم على مظاهرة في شوارع بيروت، وفتحت نافذة غرفتي بالفندق لأرى المطرب الشعبي المشهور محمد طه وهو يمشي في الشارع بجلبابه البلدي وطربوشه التقليدي، وكان يوزع مواويله على المعجبين والمعجبات، كما توزع ملكات جمال العرب ابتساماتهن على الجمهور وعلى لجنة التحكيم، ففي كل خطوة كان المعجبون والمعجبات يلتفون من حوله ليوقع بإمضائه على أوتوجرافاتهم كروبرت تايلور وأحمد مظهر ومارلون براندو تمامًا.
محمد طه هو أول فنان شعبى مصرى يحصل على عضوية جمعية المؤلفين والملحنين بباريس ليمثل مصر فيها، غنى على مسارح الفن الشعبى بالقاهرة ومنها قهاوى الحسين والسيدة زينب وخاصة في احتفالات الموالد والمناسبات الدينية وشهر رمضان، ثم ضمه الإذاعى جلال معوض للمشاركة في احياء حفل أضواء المدينة ورحل فى مثل هذا اليوم عام 1996 .
احتفالات الثورة
وعلى الرغم من قبوله في الإذاعة وقيده في نقابة الموسيقيين ظل "محمد طه" يحتفظ بعمله في مصنع النسيج، باعتباره مصدرًا مضمونًا لدخل ثابت، لكن غيابه عن العمل تجاوز الحدود مع انخراطه في عالم الفن وتحوله إلى فقرة ثابتة من فقرات أي حفل عام يقام في مصر، منذ اختاره "وجيه أباظة"ـوكان مشرفًا على حفلات القاعة الشرفية لأرض المعارض (دار الأوبرا حاليًا) ـ مع الفنانة "نجاة" والمونولوجست "عمر الجيزاوي ليغني في الاحتفال بعيد الثورة أمام جمهور يتقدمه جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وكمال الدين حسين وغيرهم من القادة، وغنى "محمد طه" موالًا من تأليفه يقول فيه:
هيا بنا يا شباب الجيش طالبنا / أحمد عرابي زارع شجرة مطالبنا / ومحمد نجيب وجمال حقق مطالبنا / يا نموت يا نعيش بس ننول مطالبنا.
الخروج من المصنع
استمرت احتفالات الثورة 10 أيام، وكان أجره عن المشاركة فيها 60 جنيهًا بالتمام والكمال، تبرع بها كلها لصالح تسليح الجيش، وفي الوقت نفسه تلقى خطابًا من المصنع يستدعيه لأنه تغيب 93 يومًا بدون وجه حق، وفي المصنع خيروه بين الانتظام في العمل وبين الاستقالة، فاستقال وحصل على 23 جنيهًا قيمة مكافأة نهاية خدمة عامل النسيج ليتفرغ للغناء الشعبى حيث طاف جميع الاقاليم وشارك فى احتفالات الموالد بطول البلاد وعرضها حتى رحل .