مدحت الزاهد: ندفع ثمن أزمات متراكمة.. وهناك أطراف لا تريد الاستقرار لمصر | حوار
>> التوسع فى الاقتراض «هم بالليل وذل بالنهار» ونسدد الديون بمزيد من الديون
>> نتمنى الإفراج عن كل معارض سلمى طالما لم تتلوث يده بالدماء أو الفساد
>> المجموعة الاقتصادية تنتمى لصندوق النقد وسياستها تتعامل بمنطق الربحية
>> يجب أن يكون الحوار الوطنى علنيًا وبشفافية تامة بعيدًا عن أسلوب التخوين
>> تعديل قوانين النشر والانتخابات يعزز التنافسية السياسية
>> تسليع التعليم خطر ويعنى ذلك إلغاء دور الدولة واقتصار مهامها على تشغيل السناتر
>> ننصح الحكومة بعدم اتخاذ قرارات تزيد الأعباء على كاهل الفقراء وعموم الشعب
>> وزير قطاع الأعمال ألغى مصنع سماد طلخا لإنشاء مولات
>> نظام القوائم المغلقة يغلق المجال أمام مشاركة الأحزاب لصالح اصحاب رؤوس الاموال
>> لدينا على الورق 104 أحزاب والفاعلة منها 10 تواجه قيودا شديدة على حركتها
تراجع اليسار المصرى كثيرا، وتراجعت قاعدته الشعبية على مدار السنوات بل وربما العقود الماضية، البعض يلقى باللوم على المجال العام والتضييقات التى تمارس بحق الأحزاب، والبعض الآخر يتهم الإعلام بحجب اليسار عن الشارع بما لا يسمح بتكوين حاضنة شعبية وقاعدة جماهيرية لأحزابه وتياراته
وفريق ثالث يرى أن هناك قصورا كبيرا فى الخطاب اليسارى وأفكاره المثالية التى ربما لاتناسب الواقع
ومن هنا كان حوار «فيتو» مع أحد قادة معاقل اليسار فى مصر، مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الاشتراكى وعضو هيئة مكتب الحركة المدنية.
الزاهد فتح معنا كل الملفات، تحدث عن الحياة السياسية ورؤيته للحل، وتعقيبه على تطورات الساحة ولاسيما الحوار الوطنى والإفراج الكبير عن عدد من السجناء السياسيين، إذ يعتبرها مبادرة وفرصة جيدة لإعادة قناة الحوار بين الحكومة وأحزاب المعارضة على وجه التحديد وإيجاد حلول مناسبة لمشكلات المجتمع المصرى.. ومن هنا سألناه:
الإفراج عن السجناء
** ما تعليقك على قرار الإفراج عن السجناء.. وهل يمثل بادرة من الدولة لإنجاح الحوار الوطنى؟
بالفعل هى خطوة إيجابية خاصة ونحن طوال الوقت ننادى بالإفراج عن السجناء السياسيين فضلا عن هذه الخطوة من جانب القيادة السياسية تمثل علامة مهمة على رغبتها فى إطلاق حرية التعبير عن الرأى التى كانت مقيدة فى فترات سابقة
وبالتالى الخطوة تمثل بداية ونأمل أن تكتمل بالتعددية وحق التعبير خاصة وأن البلاد فى حاجة بالفعل إلى حوار سياسى علمى وطنى شامل وتفاوض أجتماعى واقعى يستهدف مواجهة الأزمات والتحديات وبلورة سياسات بديلة للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة.
الافراج عن المعارضين السلميين
**ما النقاط أو المبادئ التى تشغل اهتمامكم فى الحوار الوطنى ؟
التكافؤ وأن يجرى الحوار فى أجواء ديمقراطية، يمكن أن يمثل فرصة مواتية لتحقيق ما كنا ننادى به دوما من ضرورة فتح المجال العام ورفع القيود عن المجال السياسى إدراكا منا أن الحق فى التعددية والتنوع يمثل رصيدا لقدرتنا على البناء بتفاعل حر بين الآراء
كما يعتبر مثل هذا الحوار تفعيلا للمادة الخامسة من الدستور التى تؤكد أن النظام السياسى يقوم على تعدد الأحزاب، وهنا يجب ان نعترف أن أحد الضمانات التى طالبنا بها فى 8 مايو الماضى عندما تم دعوتنا للحوار هو الإفراج عن السجناء السياسيين من أجل بناء جسور الثقة، ونأمل أن يكتمل الأمر بالإفراج عن كل معارض سلمى طالما لم تتلوث يده بالدماء أو الفساد.
الحوار الوطنى
**هل مشاركة حزب التحالف الشعبى فى الحوار الوطنى قرار نهائى.. أم مازال قيد الدراسة ؟
حزب التحالف الشعبى الاشتراكى أعلن ترحيبه وموافقته المبدئية على الدعوة للحوار الوطنى على أمل إحداث انفراجة فى الوضع السياسى وتطبيع الحياة السياسية والحزبية وإنهاء فترة استثنائية أحاطت بالحياة السياسية والمجال العام.
لكننا ربطنا هذه الموافقة بضمانات وإجراءات لبناء الثقة تضمنها بيان الحزب فى ٦ مايو وبيان الحركة المدنية فى ٧ مايو، وفى مقدمة هذه الإجراءات إخلاء سبيل سجناء الرأى وتوفير إجراءات آمنة لحوار متكافئ وشفاف.
حكومة ومعارضة
** برأيك ما سر تشكيك البعض فى جدية الحوار الوطنى قبل أن يبدأ؟
أتفهم تلك الشكوك ولديهم بعض الحق وخصوصا أنها نابعة عن عدم ثقة بعدما تم إقصاء المعارضة خلال السنوات الماضية.
لكن فى الوقت نفسه هناك رأى آخر يرى ضرورة عدم التفتيش فى النوايا واختبار جدية المشاركة فى الحوار بما يساعد هذا فى فتح المجال العام، والحقيقة كان هناك تشكيك وشكوك بين مختلف الأطراف حكومة ومعارضة، إذ وجهت الدعوة من الجهة التى صادرت الحوار وتبنت سياسة أنكرت خلالها التعددية والحوار نظرا للظروف التى تمر بها البلد.
أطراف خارجية
•البعض يرى أن هناك أطرافا خارجية لا تريد الاستقرار لمصر.. كيف يتعامل الحزب مع هذه الإشكالية ؟
نعم هناك أطراف لا تريد الاستقرار أو النهوض لمصر، ولهذا كانت دعوتنا لفتح المجال العام، واتباع سياسة النوافذ المفتوحة القائمة على حرية الفكر والتنظيم ووضع بدائل طبيعية وموضوعية لأزمات المجتمع، ولن يحدث ذلك إلا بجعل الحوار علنيًا ويجرى فى شفافية تامة بعيدًا عن أسلوب التخوين.
ونأمل أن تكون هناك آراء متنوعة للتحاور حتى وإن لم يحدث توافق كامل على سياسات معينة بما يجعلنا قادرين على كسر حاجز عدم الثقة، وهذا يمكن أن يؤدى إلى تفاهمات حول قانون الحبس الاحتياطى وقوانين الانتخابات وطرح تعديل تشريعى بإلغاء نظام القوائم المغلقة وإعطاء مساحة متساوية للجميع فى الإعلام.
أزمة اقتصادية
**كيف ترى الظروف الاقتصادية الحالية وتعاطى الحكومة معها ؟
مصر تعيش أزمة اقتصادية بعد تفاقم المديونية المحلية والخارجية وانخفاض الإنتاجية ونتيجة لضغوط وتوصيات صندوق النقد الدولي، وعليها عدم الاندفاع فى اتخاذ قرارات اقتصادية تضعف القدرات الإنتاجية للاقتصاد وتزيد الأعباء على كاهل الفقراء وعموم الشعب دون انتظار مخرجات الحوار وما يمكن أن تبلوره المعارضة من حلول.
مشاركة القطاع الخاص
**البعض ينادى بدفع القطاع الخاص لتحمل مسئولية الكثير من القطاعات الحيوية فى الدولة.. كيف ترى ذلك ؟
مشاركة القطاع الخاص تتزايد بالفعل عامًا بعد الآخر، وامتدت إلى التعليم والصحة والمياه والكهرباء ما يشكل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد المصرى والاستقرار الاقتصادى وهنا لابد أن نشير إلى أننا ندفع ثمن أزمات متراكمة نتيجة سياسات لم تلتفت إلى تطوير القدرات الانتاجية للاقتصاد فى الزراعة والصناعة والتجارة ومنها على سبيل المثال العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتى لاحتياجاتنا من الحاصلات الزراعية.
وكذلك الصناعة التى كانت رائدة تم خصخصة بعضها مثل الحديد والصلب والكوك والغزل والنسيج والصناعات الغذائية التى كانت توفر الكثير من العملات الصعبة، فى الوقت الذى كان يجب علينا الاعتماد على تطوير قدراتنا الانتاجية للتغلب على هذة الظروف الاقتصادية وبما يضمن عدالة توزيع الأعباء والموارد حتى لا يتحمل الفقراء الجانب الأكبر من فاتورة الأزمة الاقتصادية.
أداء المجموعة الاقتصادية
**ما تقييمك لأداء المجموعة الاقتصادية فى ظل الأزمات الجارية؟
أولا تشكيل المجموعة الاقتصادية يتضمن عيبا كبيرا، وهو الانتماء إلى صندوق النقد والبنك الدولى، وهذه الجهات تتبنى فكرة انسحاب الدولة من دعم الخدمات ودعم الاستثمار وإطلاق يد رأس المال الخاص والأجنبى بحرية كاملة فى كل القطاعات واعتبار المعيار هو ما تحققه من ربحية بدليل ان وزير التربية والتعليم خرج علينا بتصريح عن شرعنته للسناتر، ويرى أن هذا الأمر يضيف دخلا للدولة، والعكس هو الصحيح، إذ يعنى ذلك إلغاء دور الدولة واقتصار مهامها على تشغيل السناتر.
ونفس الأمر قام به وزير الصناعة وقطاع الأعمال، الذى ألغى مصنع سماد طلخا لإنشاء مولات، مع أن القطاع الصناعى هو صمام الأمان للدولة
ومن هنا فإن طرح الشركات فى البورصة تحت زعم أننا نحتاج المال عبر مقايضة الأصول بالديون أمر بالغ الخطورة، إذ تصر المجموعة الاقتصادية بهذه السياسات على التعامل بمنطق الربحية وتغييب دور الدولة فى حماية المواطن وحفظ حقه فى التعليم والعلاج والعمل والغذاء والاكتفاء بدعم المستثمرين وإهمال المصانع المصرية.
ترخيص السناتر
**نفهم من الحديث أنك ضد سياسة ترخيص السناتر ؟
مصر هى البلد التى قال فيها طه حسين “التعليم كالماء والهواء”، فالتعليم هو أحد أسباب بناء نهضة مصر وريادتها وعلمائها وكوادرها العلمية فى كل المجالات التى كانت تطرح نتائج مبهرة، لكنها الآن تتعرض إلى عمليات تسليع فى التعليم، بعد أن كان السابقون العظام يعتبرونه مثل الماء والهواء، أصبح سلعة تباع وتشترى.
وهذه الخطوة ليست وليدة اللحظة وإنما بدأت بالتوسع فى التعليم الخاص ثم التجريبى وخصخصة بعض المدارس ثم الجامعات بما يهدر مبدأ تكافؤ الفرص
ومن هنا فإن كلام وزير التربية والتعليم غير مقبول ويجب أن يكون فى خطاب تكليف الحكومة مراعاة البعد الاجتماعى وأهمية دور الدولة فى توفير فرص متكافئة لكن مشكلة الوزارة أنها لا تستكمل الخطط والسياسات بدليل انها تتجه الى تسليع الانشطة والخدمات وهذا ما تسبب فى تدهور المستوى المعيشى للمواطن.
انفراجة سياسية واقتصادية
**أى التشريعات التى ينبغى إعادة النظر فيها لإحداث انفراجة سياسية واقتصادية؟
هناك الكثير من التشريعات التى تحتاج إلى إعادة نظر وتعديل وخاصة «قوانين النشر والانتخابات، وتعزيز التنافسية فى النظام السياسى وتغيير النظام الانتخابي، بالإضافة إلى قوانين الإجراءات الجنائية».
تزايد الاقتراض الخارجى
**كيف ترى المخاوف من تزايد الاقتراض الخارجى وارتفاع معدلات الديون؟
التوسع فى الاقتراض يعنى «هم بالليل وذل بالنهار»، خاصة وأن الاقتراض أمر وارد ولكن يجب أن نضع فى حسابنا أن القروض إذا كان يتم ضخها فى مشروعات تدر عائدا يسد القرض ويضيف عائدا للدولة فلا خوف.
لكن المشكلة أننا نسدد الديون بمزيد من الديون، وهذا يمثل خطرا داهما، فعندما يحين موعد السداد نضطر لرهن الاصول أو إثقال المواطن بمزيد من الأعباء وهذا أمر لا يحمد عقباه، ومن هنا نقول إن القروض مغامرة يجب أن تكون محسوبة.
رئيس التحالف الشعبى
**بعد إعادة انتخابك رئيسا للتحالف الشعبى.. ما اهتماماتك الحزبية فى المرحلة القادمة ؟
لدينا ملف التنظيم والبناء القاعدى وإعادة اللحمة الحزبية وتماسكها فى المحافظات المختلفة ونتبع سياسة تراعى احتياجات الناس والشروط المحلية لأننا قد نقدم قريبا على انتخابات المحليات وهنا لابد من التفاعل مع مشاكل الناس، وبالتالى فكرة بناء القواعد الحزبية أمر بالغ الأهمية فى المرحلة القادمة الى جانب ذلك لدينا ملف التثقيف الذى يرتبط بوعى المواطن وبناء قواعد الحزب القادرة على بلورة حلول لمشكلات المجتمع.
وفى هذا الإطار سيقوم الحزب بالإعداد لخمس دورات تطرح لتطوير فكر الحزب تجاه التعاونيات والحكم المحلى وتطوير الصناعة والزراعة والتوسع فى الاستعانة بالشباب والمرأة تمهيدا لتسليم القيادة للشباب مع زيادة نسبة المرأة فى المواقع القيادية.
غياب دور الأحزاب
**رغم كثرة الأحزاب إلا أن المواطن مازال يشعر بعدم وجود دور للأحزاب على الساحة لماذا؟
يجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا، فالعدد لدينا حوالى 104 أحزاب على الورق، أما العدد الفعلى الفاعل فلا يزيد على 10 أحزاب وتواجه قيودا شديدة على حركتها من الامتناع بالاتصال بالجماهير، فالأحزاب تحتاج إلى مجال مفتوح يخاطب مواطنا لديه استعداد للمشاركة، كما نحتاج أيضا لإعلام قادر على إيصال رسالة المواطن، ونحتاج أيضا إلى تغيير قوانين الانتخابات ونظام القوائم المغلقة التى تؤدى إلى غلق المجال فى وجه توسيع دائرة مشاركة الأحزاب لصالح اصحاب رؤوس الاموال.
الغاء ترخيص الأحزاب
**هناك مطالبات بإلغاء ترخيص الأحزاب التى لا تخوض الانتخابات لفترة أو تحصل على مقاعد فما ردك؟
الضجر من الأحزاب أمر ليس له ما يبرره لأننا لا نحصل على إعانات ولا نحصل على مساحة فى وسائل الاعلام لدرجة اننا اصبحنا نتهم باننا ديكور، وبالتالى أى إنكار للأحزاب لابد أن يرتبط باصلاح شامل، وهذا معناه أن تقف الدولة على مسافة واحدة من الجميع فى الانتخابات، وتطبيق نظام انتخابى عادل وتقسيم الدوائر على القواعد التى وضعتها المحكمة الدستورية العليا.
دمج الأحزاب
**ما رأيك فى المطالبات بدمج الأحزاب ومدى إمكانية ذلك؟
المفروض ان تندمج الأحزاب المتقاربة فى أفكارها وما يساعد على اندماجها أن تعمل فى مجال حر حتى تستطيع أن تعمل معا لتختبر قدراتها فى محك عملى لبحث إمكانية الاندماج من عدمه.
قانون الأحزاب السياسية
** ما نوع التعديلات التى تطلبها فى قانون الأحزاب السياسية لفتح المجال العام ؟
نحتاج قانونا جديدا ينص على إنشاء الأحزاب بالإخطار وفقا لما جاء بالدستور، وأن تعقد الأحزاب اجتماعاتها فى أماكن مناسبة.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"