رئيس التحرير
عصام كامل

ما حكم تأخر توزيع التركة على الورثة؟.. الإفتاء تجيب

الإفتاء
الإفتاء

حكم تأخر توزيع التركة على الورثة.. يرغب البعض في معرفة الحكم الشرعي في حكم تأخر توزيع التركة على الورثة لمصالح شخصية أو لحرمان طرف على حساب آخر.

حكم تأخر توزيع التركة على الورثة
 

وأوضحت دار الإفتاء المصرية، أن توزيع التركة بعد موت المُوَرِّث حقٌّ لعموم الورثة على المشاع -ذكرهم وأنثاهم، صغيرهم وكبيرهم، فيستحق كل وارث نصيبه من التركة بعد أن يخصم منها نفقة تجهيز الميت وبعد قضاء الديون وإنفاذ الوصايا والكفارات.
وقالت الإفتاء، إن "التركة بعد موت المُوَرِّث حقٌّ لعموم الورثة على المشاع - ذكرهم وأنثاهم، صغيرهم وكبيرهم-؛ فيستحق كل وارث نصيبه من التركة بعد أن يخصم منها نفقة تجهيز الميت وبعد قضاء الديون وإنفاذ الوصايا والكفارات والنذور ونحو ذلك، ولا يجوز لأيٍّ من الورثة الحيلولة دون حصول باقي الورثة على أنصبائهم المقدَّرة لهم شرعًا بالحرمان أو بالتعطيل".

آيات الميراث في القرآن

وفي نفس السياق قال الشيخ أحمد ترك، العالم بالأزهر الشريف، إنه يجب بعد موت الشخص وسداد الديون التي عليه للأشخاص، ثم الديون لله، وبعدها يجب توزيع الميراث، موضحا أن تأخير توزيع الميراث ليس من شرع الله مشيرا إلى أن تأخير توزيع التركة يجب أن يكون باتفاق الورثة، موضحا أن بعض العائلات تؤخر الميراث لمدة 30 سنة، وهذا يرجع إلى استفادة طرف على حساب آخر.
وكشف ترك: «آيات الميراث في القرآن نزل بسبب أن إمرأة في عهد النبي فقدت زوجها ثم استولى شقيقه على مالها وسمى القرآن سورة كاملة باسم النساء بعد حدوث هذه الواقعة وأحضر النبي شقيق زوجها المتوفي من أجل توزيع المال وفقا للشريعة الإسلامية».

حكم تأخر توزيع التركة
 

ومن جانبه كشف مجمع «البحوث الإسلامية» أنه بموت الإنسان تصير أمواله تركة، يتم تجهيزه ودفنه منها، ثم تُسدد ديونه، ثم تنفذ وصاياه في حدود الثلث؛ كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، وما بقي بعد ذلك فهو ميراث، يجب تقسيمه وفق ما حدد الله تبارك وتعالى، وتجدر الإشارة إلى أن الورثة شركاء في التركة، كلٌ بقدر نصيبه الذي بينه الله تعالى بقوله {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } [النساء: 11].
وأضاف أنه تجدر الإشارة إلى أن استحقاق الإرث يبدأ من تحقق وفاة المورث، قال تعالى {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7].
وقال المجمع إن الفقهاء نصوا على أن الميراث من الحقوق القوية التي لا تسقط بالتقادم، ولا بعدم المطالبة به حياء ولا بالتنازل عنه في حياة الوراث، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: « وَتَمَامُ الْمِيرَاثِ أَنْ يَمُوتَ الْمُورِثُ، قَبَضَهُ الْوَارِثُ أَمْ لَمْ يَقْبِضْهُ قَبِلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ»، وما اعتاده كثير من الناس من تأخير قسمة التركة لسنوات وربما لعقود بحجة نفي الطمع في الميت فهو تصرف خاطئ، وهو من المماطلة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (مطل الغني ظلم).
والمطل: هو التأخر في إيصال الحق لمستحقه، ومتى ثبت الحق وجبت المبادرة بأدائه بشرطين: التمكن من أداء هذا الحق، وألا تظهر مصلحة في التأخير.
أما تأخير الميراث وعدم قسمته على الورثة بغير عذر فهو (غلول)، قال تعالى: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، ولذلك قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: تتعين المبادرة إلى الحق وَلَا يَسُوغُ التَّأْخِيرُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ لا سيما وَفِي التَّأْخِيرِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ غَلَّةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ أَوْ دَرٍّ.
ونصحت لجنة الفتوى بالبحوث الإسلامية بضرورة امتثال الأمر الإلهي من المبادرة إلى توزيع التركة على مستحقيها؛ لاسيما مع التأثر بخبر الوفاة، وسماحة النفوس لبذل المال لحصول الفجيعة بخبر الوفاة، أما التباطؤ في قسمة التركة فإنه غالبا ينشب عنه نزاعات تفضي كثيرا إلى قطع الأرحام، وإيغار الصدور بالعدواة، ولذا ننصح بالمبادر إلى قسمة التركة عقب وفاة المورث، وننبه إلى أن العادات بتأخير التركة بغير عذر مخالفة للشريعة.

الجريدة الرسمية