بابا الفاتيكان يستشهد بقول للإمام علي بن أبي طالب عن التعايش الإنساني
أكد قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، أنَّ الدين لا يقود إلى حرب، ولا يدعو إلى كراهية، ولا يؤيد عنف، وعلى المؤمنين أن يعملوا على تعزيز السلام، عن طريق الحوار الذي هو أكسجين العيش المشترك لأن هذا هو الطريق للسلام، وينبع من الإخوة وينمو بمقاومة الظلم ويبنى بالتضافر وتشابك الأيدي.
وخلال كلمته باجتماع مجلس حكماء المسلمين بقصر الصخير الملكي بالبحرين، توجه بابا الفاتيكان بالحديث إلى أعضاء المجلس، وقال: أنتم الذين تريدون أن تعملوا على تعزيز المصالحة لتجنب الانقسامات والصّراعات في الجماعات الإسلاميّة، أنتم الذين ترون في التّطرف خطرًا يُفسد الدّين الحقيقيّ، أنتم الذين تهتّمون لإزالة التّفسيرات الخاطئة التي تسيء، من خلال العنف، فَهم المعتقد الدينيّ وتستغله وتلحق به الضّرر، ليحِلَّ عليكم السّلام وليبق معكم.
وتحدث بابا الفاتيكان عن دور أعضاء مجلس حكماء المسلمين تجاه قضايا التسامح والسلام، وقال إن أعضاء المجلس يناط بهم نشر السلام وغرس قيم الاحترام والتسامح والاعتدال في قلوب الناس، وتشجيع العلاقات الودية والاحترام المتبادل والثّقة المتبادلة مع كلّ الذين يعتقدون عقيدة دينيّة مختلفة، وتعزيز التّربية الأخلاقيّة والذهنيّة لدى الشّباب التي تتناقض مع جميع أشكال الكراهية وعدم التّسامح.
وتقدم البابا فرنسيس بالشكر لأعضاء مجلس حكماء المسلمين لالتزامهم بمهامهم تجاه القضايا الإنسانية، مضيفًا: "أشكركم على التزامكم في هذا الاتجاه، وكذلك على ترحيبكم بي، وعلى الكلمات التي قلتموها، وقد جئت إليكم مؤمنًا بالله وأخًا وحاجَ سلام، جئت إليكم لنسير معًا بروح فرنسيس الأسيزي، الذي اعتاد أن يقول: "السّلام الذي تنادون به بفمكم، ليكن وافرًا في قلوبكم"، وأكمل البابا فرنسيس: لقد تأثّرت بأن أرى أنَّ العادة في هذه البلاد هي التّرحيب بالضّيف، ليس فقط بمصافحة اليدين، بل أيضًا بوضع اليد على القلب، علامة على المودّة. كأنّك تقول: إنّك لست بعيدًا عني، بل أنت في قلبي وحياتي. أنا أيضًا، أضع يدي على قلبي باحترام وحبّ، فيما أنظر إلى كلّ واحد منكم، وأبارك الله العليّ لإتاحة الفرصة لنلتقي معًا.
ودعا بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى عقد المزيد من اللقاءات بين قادة الأديان ومواصلة الحوار والتعرف على الآخر ونشر الود والإخاء، وتقديم الحقائق قبل الآراء والتوجه إلى السماء قبل السير في الأرض، وتأسيس مستقبل الأخوة بعد ماضٍ ساده العداء، والتغلب على الأحكام المسبقة وسوء الفهم في التاريخ، وألا يعيش الناس غرباء عن بعضهم حتى يتمكّن المؤمنون من مختلف الديانات والثّقافات من العيش معًا، مسترشدًا قداسة البابا بقول الإمام علي: "النّاسُ صِنْفان، إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْن، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْق"، ولنشعر بأنّنا مدعوّون لرعاية كلّ من وضعهم المخطّط الإلهيّ بالقرب منّا في العالم.
ودعا البابا فرنسيس إلى أن ننسى الماضيّ وندَرب أنفسنا بصدق على أن نفهم بعضنا بعضًا، ولننشر ولنعزّز معًا العدالة الاجتماعيّة والقيَم الأخلاقيّة والسّلام والحريّة لجميع الناس، هذه واجبات تقع على عاتقنا، نحن القادة الدينيّين: أمام إنسانيّة جريحة وممزقة بشكل متزايد، والتي تتنفس بضيق وخوف، تحت ستار العولمة، يجب أن تكون المعتقدات الكبرى هي القلب الذي يوحّد أعضاء الجسد، والنفس التي تمنح الأمّل والحياة لتطلعاتنا نحو العُلَى.
ويعقد اجتماع حكماء المسلمين تحت عنوان «الحوار بين الأديان وتحدِّيات القرن الواحد والعشرين»، بمسجد قصر الصخير الملكي بالعاصمة البحرينية المنامة، برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، عقب ختام فعاليات ملتقى البحرين للحوار بعنوان "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" الذي عقد على مدار يومي الخميس والجمعة 3و4 نوفمبر، بحضور جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، ومشاركة رموز الأديان والمفكرين والمثقفين من مختلف دول العالم.