ارتفع لـ469 مليار دولار.. "معلومات الوزراء" يستعرض اقتصاد الفضاء ومؤشراته العالمية
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عددًا جديدًا من مجلة "اتجاهات العالم"، وهي سلسلة غير دورية للمركز تهدف إلى رصد وتحليل أبرز التغيرات والتطورات الإقليمية والعالمية، ويناقش هذا العدد "اقتصاد الفضاء"، وذلك في إطار أهمية تقنيات الفضاء التي أصبحت تستخدم في قطاعات عديدة مثل الأرصاد الجوية، والطاقة، والاتصالات، والنقل، والبحرية، والطيران، والتنمية الحضرية.
وأشار العدد إلى توقعات نمو صناعة الفضاء خلال السنوات القادمة، خاصًة بعد قيام شركة "سبيس أكس" بأول رحلاتها السياحية، وفي الوقت نفسه نجحت وكالة ناسا في إنزال عربتها الجوالة على المريخ، وانطلق تلسكوب جيمس ويب الفضائي- الأقوى من نوعه في العالم- إلى المدار مع بداية عام 2022.
كما أوضح تقرير "مؤسسة الفضاء" الصادر في يوليو 2022 أن نمو اقتصاد الفضاء العالمي العام الماضي وصل إلى مستوى قياسي بلغ 469 مليار دولار أي زيادة بنسبة 9% على أساس سنوي.
ويعد القطاع التجاري المسؤول الأول عن نمو اقتصاد الفضاء فمنذ عام 2020 حتى الربع الثاني من 2022 شهد القطاع التجاري زيادة في الإيرادات بنسبة 6.4% حيث تقدم شركات الفضاء منتجات وخدمات بنحو 224 مليار دولار، بالإضافة إلى الوتيرة القياسية لعمليات الإطلاق الناجحة من 1 يناير إلى 30 يونيو 2022، وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022 تم إطلاق 72 صاروخًا وإدخال 1022 مركبة فضائية محددة في الفضاء.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 90% من أكثر من 1000 مركبة فضائية تم إطلاقها هذا العام وتم دعمها من قِبل الشركات التجارية وأبرزها مئات الأقمار الصناعية للإنترنت "Starlink" التي أطلقتها شركة " SpaceX" والتي يملكها الملياردير الأمريكي "إيلون ماسك".
واستعرض العدد دعم وكالة ناسا للمؤسسات والشركات البحثية، حيث أعلنت الوكالة في أوائل 2021 أنها ستقدم 45 مليار دولار لدعم حوالي 350 شركة صغيرة ومؤسسة بحثية لتطوير تقنيات مبتكرة، كما اختارت الوكالة مؤخرًا نحو 20 شركة للعمل كشركاء في تطوير تقنيات الفضاء مثل نظام الطباعة ثلاثية الأبعاد لصنع أدوات في الفضاء خلال برنامج " Artemis"، والذي يركز على استكشاف القمر كما فازت شركات تجارية أخرى بعقود لنقل حمولات ناسا إلى القمر.
وحددت وكالة ناسا هدفًا طموحًا يتمثل في إعادة البشر إلى القمر بحلول عام 2024 وإنشاء وجود بشري مستدام على سطح القمر بحلول 2028، وتعمل الوكالة مع عدد من الشركاء الدوليين التجاريين بما في ذلك وكالة الفضاء الأوروبية، وتشير التوقعات إلى أنه بحلول عام 2030 قد تصل سوق الفضاء العالمية إلى 400 مليار جنيه إسترليني.
كما تناول العدد توقعات بنك "مورجان ستانلي" حول زيادة الإيرادات الناتجة عن صناعة الفضاء العالمية إلى أكثر من تريليون دولار بحلول عام 2040، حيث تبلغ قيمة اقتصاد الفضاء العالمي اليوم 350 مليار دولار أمريكي كما أن العائدات الاقتصادية المتوقعة من التعدين المستقبلي للموارد الفضائية مثل التيتانيوم والبلاتين والثوريوم والهيليوم قد تصل إلى مبالغ هائلة بحلول عام 2050.
وسلط العدد الضوء على سباق الدول الكبرى وزيادة المنافسة بينهم نحو عسكرة الفضاء، حيث انتقل الصراع الجيوسياسي بين الدول العظمى من النزاعات الأرضية إلى الفضاء الخارجي، وأصبحت قضية استكشاف الفضاء مرتبطة ارتباطًا وثيقًا ليس فقط بالمكانة الوطنية والمكاسب العسكرية ولكن أيضًا بوجود مزايا اقتصادية لمريدي الاستثمار بالفضاء.
واستعرض العدد ميزانيات الفضاء الحكومية لعام 2021، وفقًا لتقرير "Space Tech Analytics"، حيث أنفقت الولايات المتحدة الأمريكية على الفضاء أكثر من الصين وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا واليابان بهامش كبير، وتبلغ ميزانية الفضاء للحكومة الأمريكية نحو 41 مليار دولار منها 23.3 مليار تركز على وكالة ناسا، في حين تمتلك الصين ثاني أكبر ميزانية بأقل من 6 مليارات دولار وتليها روسيا وفرنسا واليابان بميزانيات في حدود 3-4 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تستمر ميزانيات الفضاء العالمية في النمو لتبلغ ذروتها عند 84.6 مليار دولار بحلول عام 2025.
كما تناول العدد حجم اقتصاد الفضاء للدول، حيث بلغ في الولايات المتحدة الأمريكية 125.9 مليار دولار أي 0.6% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية وذلك وفقًا لما نشره مكتب الولايات المتحدة للتحليل الاقتصادي في فبراير 2022، أما روسيا فهي تخطط لخفض التمويل لأنشطة الرحلات الفضائية خلال فترة السنوات الثلاث القادمة من 2022 إلى 2024 وستصل التخفيضات إلى نحو 16% سنويًا حيث يتم تحديد ميزانية الدولة للأنشطة الفضائية في عام 2022 بمبلغ 210 مليار روبل أي ما يعادل 2.9 مليار دولار، وبالنسبة لميزانية لاتحاد الأوروبي طويلة الأجل المقبلة 2021-2027 تقترح المفوضية تخصيص 16 مليار دولار للمساعدة في الحفاظ على قيادة الاتحاد في الفضاء وتعزيزها.
أما الصين فتعد هي الدولة الثالثة التي ترسل بشرًا إلى الفضاء بشكل مستقل بعد الولايات المتحدة وروسيا، وفي السنوات العشر الأخيرة أطلقت الصين أكثر من 20 صاروخ، وقد زاد تمويل الدولة الصينية للفضاء بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة إلى 8.9 مليارات دولار في عام 2020، ولا تزال طموحات الصين الفضائية مستمرة مع وجود خطط لتطوير الأبراج الضخمة التابعة للأقمار الصناعية ومواصلة استكشاف القمر والفضاء السحيق، كما تعتزم الصين تحقيق المزيد من النجاحات في الاستكشاف الآلي خلال السنوات الخمس المقبلة.
تضمن العدد أيضًا أهم تطبيقات وكالات الفضاء التي يستخدمها البشر في الحياة اليومية، مثل نظام تحديد المواقع العالمي، وترمومتر الأذن بالأشعة تحت الحمراء، وكذلك تحسين الأطراف الصناعية بشكل كبير باستخدام مواد وروبوتات لامتصاص الصدمات في برامج الفضاء المتقدمة، وسماعات الرأس اللاسلكية وإضاءات LED، والمكانس اللاسلكية المحمولة والأطعمة المجففة بالتجميد وعدسات النظارات المقاومة للخدش والعديد من المنتجات المألوفة الأخرى من أبحاث وتطوير تكنولوجيا الفضاء، كما استعرض العدد مفهوم ومستقبل ومزايا السياحة الفضائية وتكاليف رحلات الفضاء، حيث بلغ حجم سوق السياحة الفضائية العالمية 598 مليون دولار أمريكي عام 2021، تصدرت أمريكا الشمالية السوق بحصة 38.3% خلال 2021 بما يعادل 191.6 مليون دولار.
وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إلى دور الفضاء في تحقيق الاستدامة والتنمية على الأرض، وجاء من أبرز ذلك مواجهة الأزمات الإنسانية، ومكافحة تغير المناخ، وحماية الأرض من الكويكبات الكارثية، وتلبية رغبة البشر في الاستكشاف، واستكشاف الفضاء مهم للأمن القومي، والحصول على موارد أولية من الفضاء، والاستفادة في مجال الصحة العامة.
كما تضمن العدد الإشارة إلى برنامج الفضاء المصري حيث تهدف وكالة الفضاء المصرية إلى استحداث ونقل علوم وتكنولوجيا الفضاء وتوطينها وتطويرها وامتلاك القدرات الذاتية لبناء الأقمار الصناعية وإطلاقها من الأراضي المصرية بما يخدم استراتيجية الدولة في مجالات التنمية وتحقيق الأمن القومي، وتعد مصر أول دولة عربية تطلق قمرًا صناعيًا للاتصالات حيث أطلقت نايل سات 101 إلى المدار في عام 1998 وتبعه نايل سات 102 بعده بعامين، وفي يونيو 2022 أطلقت "سبيس أكس" صاروخ فالكون 9 من كيب كانافيرال في فلوريدا قمر الاتصالات المصري 301 نايل سات في المدار.