صفاء أبو السعود: عندى مشاريع فنية كثيرة متعطلة.. واخترت أكون أم.. ومحدش بياخد كل حاجة ( حوار )
أعمل جيدًا لكني أعمل قليلًا
البلطجة والعنف والمخدرات وراء ابتعادي عن السينما
توجيه الأهالي للأبناء فى زمن السوشيال ميديا ضرورة.. وأطفال اليوم لديهم كنوز معرفية
مهنة المذيع نصفها تمثيل.. والمذيع اللى مش بيمثل عمره ماهيكون مؤثر!
تكريم مهرجان الموسيقى العربية أسعدنى وكل ما سعيت إليه إسعاد الأطفال
أعتز بثلاثة برامج قدمتها للإعلام العربي.. ولدى قلق على مستقبل الثقافة
لا نهتم كثيرًا بالأجيال الجديدة ومطرب الطفل “فدائي”
هى أيقونة استثنائية ، سينما ودراما وغناء وتقديم برامج، وأعمال خالدة فى ذاكرة الجمهور، كلها صفات يمكن أن تقال وأكثر عن الفنانة صفاء أبو السعود، التى كرّمها مهرجان الموسيقى العربية فى دورته الــ 31، وسلمها أوسكار المهرجان لعام 2022 عن مجمل أعمالها وإرثها الفنى العملاق الذى قدمته على مدار أكثر من نصف قرن من التألق والتفرد والتميز..
جاء هذا التكريم فى هذا الوقت ليُعيد إبداعاتها إلى الأذهان من جديد، حتى يسترجع القلب ما أدخلته تلك الأيقونة فى قلوب الجماهير المصرية بل و العربية من سعادة و فرحة بأغنياتها التى تحولت لأيقونة فنية خاصة جدًا وهى “العيد فرحة”، الأغنية التى لم تخل منها البيوت العربية فى جميع الأعياد والمناسبات السعيدة.
ولم تكن تلك الأغنية هى الأبرز فى مسيرتها فقط، وإنما احتوت تلك المسيرة المتواصلة على قائمة من الإسهامات سواء بعالم الفن أو الإعلام؛ وقدمت للسينما ما يقرب من 30 فيلمًا، و10 أعمال تليفزيونية، و3 برامج حوارية استضافت خلالهم مجموعة من كبار مشاهير الفنانين المصريين والعرب… وكان من أبرز تلك البرامج هو “ساعة صفاء”.
.. التقت “فيتو” مع الفنانة صفاء أبو السعود الأيقونة للدخول أكثر بعالمها لمعرفة كواليس أكثر عن مسيرتها الفنية و للكشف عن أعمالها القادمة.. وإلى نص الحوار:
*بدايةً.. التكريم الشرفى بمهرجان الموسيقى العربية 2022 عن إرثك الفنى الكبير ودورك فى حدوث النهضة الموسيقية.. هل ذكرك هذا النجاح بالبدايات؟ وفى أى مراحل شعرت صفاء أبو السعود أنها على القمة ؟ ومتى تحول هذا الاسم لأيقونة فنية؟
التكريم بلا شك شعور جميل جدًا، خاصةً أنه عن “مجمل الأعمال» التى قدمتها وليس عن أغنية أو فيلم بذاته، فهذا يشعرنى أنى سلكت طريقًا صالحا يستحق الإشادة والتكريم والثناء.. ودائمًا حقيقة ما أشعر بالنجاح حين ألتقي بجمهوري الحبيب الذى يغمرنى بباقات من المحبة الخالصة، والتكريم فعلا فكرنى بنجاح البدايات و كان مفرحًا ومبهجًا وكنت سعيدة جدًا وأنا وسط هذا الصرح العملاق مهرجان الموسيقى العربية الذى طالما أفخر به.. وأقول إن هذا المهرجان من أهم وأبرز الفعاليات الثقافية المصرية.
أما للإجابة عن متى شعرت أننى على القمة.. حقيقةً لم أفكر فى الأمر وإنما كل ما أسعى إليه أن أكون جزءا من اهتمامات وسعادة الأطفال، فحبى للأطفال كان سبب تفكيرى الدائم أن أقدم أعمالا خاصة لهم، وهذا “الحب” جعلنى أكرس جزءا كبيرا من حياتى لهم لأنهم صادقون، فكل ما يصدر من القلب بنقاء وحب يصل لهم..
*إذًا لماذا تحرمنا صفاء أبو السعود من الأعمال الجديدة سواء بالسينما أو على الشاشة الصغيرة أو بالمسرح؟
أنا بكون عايزة أخلى المشاهد أو جمهور صفاء أبو السعود اللى بيحبها سواء المصرى أو العربى دائمًا يظل واثقًا بيٌ ، ودائمًا يعي ويعرف أني أختار حاجة جيدة، مش مهم أبدًا ولا ضرورى الكم، الكم الهائل من الأعمال المتبعثرة بلا قيمة ولا فائدة.. الأهم دائمًا “الكيف” والقيمة التى يُضيفها العمل الفني..
أعمل جيدًا لكنى أعمل قليلًا “معلش”.. العمل جيد وقليل أفضل بكثير من العمل كثيرًا كثيرًا بلا سبب ولا هدف.. ده شيء مش حلو، كمان ضار جدًا للفنان المبدع الحقيقى لأنه ممكن بموافقة على عمل ردئ يتسبب ذلك فى خسارة ثقة الجمهور بفنه وهذا شئ صعب و يصعب تعويضه و يصعب إعادة ثقة المشاهد من جديد..
مثلًا كان زمان و إحنا أطفال صغيرين نشوف أفيش أو بوستر لفيلم جديد بطولة النجم الكبير شكرى سرحان.. لازم دون وعى تلاقى روحك قبل عقلك يقولوا: الله “شكرى سرحان” أكيد عمل جيد وجميل وفى قصة محترمة.. أنا أيضًا أحب الثقة الجماهيرية دى تفضل عندى و أجدها أهم ما يميز الفنان، كذلك شادية كانت أفلامها رائعة.. و غيرهم الكثير من النجوم و النجمات، هؤلاء تعلمت منهم كيفية احترام المشاهد حتى لا يُفقد من “صفاء” ذرة احترام أو حب أو ثقة..
الحقيقة هناك مشاريع فنية كثيرة متعطلة عندى بسبب حياتى الشخصية، وببساطة لا أحد يأخذ كل حاجة واخترت أكون أُما، وأنا لا ألوم الآخرين الذين اقتحموا مجال الفن وضحوا بحاجات كتير من أجله لكن الأمر فى النهاية اختيار وأنا اخترت عائلتى، وكما ذكرت رغم قلة الأعمال إلا أن فى مسيرتى أعمال أعتز بها، وعندما أفكر فى تقديم أعمال درامية أضع الجمهور أمام عيني، لا بد أن تكون الأعمال بها رسالة نافعة للمتلقي، وكان اهتمامى بالسيناريو و جودة العمل بداية من “هى والمستحيل” مع المخرجة إنعام محمد علي، تأليف الكاتبة الراحلة فتحية العسال، وللأسف النصوص التى تُرسل لى وأقرأها اليوم لا تخلو من البلطجة والعنف والمخدرات وهو ما لا يتفق مع طبيعتي الإنسانية أو الفنية.
لقبول أي عرض فنى لا بد أن يكون له معنى ورسالة وهدف، وبما أن الأعمال التى يتم عرضها علٌى الآن دون المستوى ، ولأن شيئا لمسنى بشكل شخصى وذكرنى بأعمالي مع الأطفال، جعلني اتخذ قرارا بالابتعاد المؤقت عن الفن.. لكنى لم أبتعد..
كما أننى قدّمت ثلاثة برامج أفخر بها بشكل كبير وهي؛ “سهراية ، ساعة صفاء، أوراق سينمائية” و ساعدنى التمثيل فى إتقان الأداء الإذاعى والإعلامي.. لأن مهنة المذيع نصفها تمثيل.. والمذيع اللى مش بيمثل عمره ماهيكون مؤثر!
*بالنسبة لمبدعة أغنيات الطفل.. برأيك ما شروط أغنية الطفل الناجحة؟
الحقيقة شروط أغنية الطفل مهمة جدًا فعلا.. أولًا لازم وضرورى يكون ليها هدف، وضرورى أن الطفل يخرج منها بمعلومة، “اليونيسيف” يقول أن من أهم الشروط الخاصة بأغنية الطفل، أن يكون العمل الذى يتم تقديمه للطفل أولًا يحوى على التسلية والترفيه، لأن ببساطة مش معقولة أقدم له درس و أؤدبه يقوم يكرهنى وميتفرجش عليا من الأساس، أسلوب التوجيه ده خطأ تماما و يبعد عنك الطفل أكثر ما يقربه.... الترفيه أولًا ثم التثقيف ثم التعليم وأخيرًا التوجيه والإرشاد التربوي..
فعلى مدار سنوات عمرى وإلى الآن كُنت ومازلت أُحاول بقدر الإمكان أنا ومن أتعامل معهم من كُتاب ومؤلفين و شعراء وملحنين تقديم عمل جيد للطفل ، لأنه ضرورى يكون كل أركان العمل عندها علم بشروط أغنية الطفل ، يجب أن يكون هناك مؤلف قوى وكلماته قوية صادقة و ملحن يدى نغمات حلوة الأطفال تحبها حتى يكون العمل متميزا ومحببا للأطفال.
لأن الطفل هو نشاط وطاقة هائلة عايز “الحركة”، فالإيقاعات الموسيقية الخاصة بأغنيات الطفل لازم تكون فيها روح أكثر من أى أغنية، لازم تقدمى له نغمات تخليه يتحرك ينط و يرقص، فدائمًا للطفل طريقة خاصة، كمان ضرورى أن يكون الفنان أو الفنانة اللى قرر تقديم أغنية خاصة بالطفل يمتلك “القبول» وأن الطفل يحبه، ده شيء لا يمكن الاستهانة به أبدًا.. القبول عند الأطفال مفيهوش هزار.
و بصراحة أجد أن المعنيين بشئون الطفل ، وبالأخص مغنى الطفل هو فدائى بجد، لأنه مفروض طول الوقت يعمل حساب أنه طالع لطفل مفروض يحترمه و يصدقه، إزاى بقى هيعمل حاجات خارجة أو مش مظبوطة لا يصح والطفل حينها لن يتقبل منه ولا ترفيه ولا تثقيف ولا تعليم و أكيد ولا توجيه خالص.
وأهم ما يميز أغنياتى هو أننى أعلم فيها الأطفال أشياء حقيقية ، أعلمهم قيمة الإطلاع و القراءة فى أغنية مثل “فى الكتب قرينا”وقيمة رجل المطافئ فى أغنية “المطافئ” وقيمة رجال الجيش فى “البحرية”.. وغيرها الكثير.
*ما سر الغياب التام لـ الأعمال الموجهة للطفل؟
أرى أن مؤلف الطفل يجب أن يكون فريدا في نوعه.. ويجب أن يكون لديه جزء من الطفولة فى شخصيته، ويجب أن يكون مطلعا على أحدث التطورات ليستطيع جذب الطفل ويجعله يواكب العصر، وعليه أن يكتب بطريقة سهلة وبسيطة ليتقبلها الجمهور..
وأرى أن السر الحقيقى لغياب الأعمال ذات القيمة الرفيعة للأطفال أن القائمين على صناعة أعمال الطفل الآن يعتقدون أن إنتاج الطفل رخيص، ولا يحدد أجورا مناسبة للمؤلفين والملحنين والعازفين على الرغم من أن الغرب فى أوروبا وأمريكا عندما يقررون إنتاج عمل للطفل يستعينون بفرق كبيرة ومؤلفين كبار لهم وضعهم.. ولكنا كأشياء كثيرة على العكس تماما فنحن لا نقدر تلك النقطة الهامة فى التعامل مع المؤلفين والملحنين فى أعمال الطفولة مما جعل الكبار يعزفون و يبتعدوا عن تقديم أفكار أو طرح إصدارات معنية بشئون الطفل بشكل جيد.
*ما رأيك فى أطفال اليوم.. هل ساهمت الأدوات و المنصات الرقمية فى تطوير عقولهم أم فرغتها؟
الطفل فى هذا العصر محظوظ جدًا ، لأنه أصبح يمتلك عوامل اتصال بالعالم من حوله والسوشيال ميديا أصبحت موجودة ومتوفرة فى كل مكان ، وأصبحت أنامله الصغيرة تمتلك قوة جبارة، ومحظوظ لأنه نشأ وسط الاختراعات المتقدمة المتسارعة وكل يوم هناك اختراع جديد، وكل هذا بلا أى شك فى مصلحته كطفل لو استخدمها صح، تحت رعاية الأهل.
كذلك الأهل عليهم أن يساعدوا أطفالهم على الاختيار السليم للانتفاع بوسائل السوشيال ميديا بشكل إيجابى و عملي، وبشكل يفيدهم ولا يضرهم ويشتت أفكارهم ويضيع حاضرهم ومستقبلهم، فهم قوى التوجيه من الأهل والمعلم وبحب جدًا بيت الشعر اللى بيقول “قف للمعلم وفه التبجيل كاد المعلم أن يكون رسولًا”، لأن فعلًا المعلم قدوة سواء أكان الأب أو الأخ الأكبر أو المدرس بالفصول المدرسية، أنا بحب و بحترم كل هؤلاء ليه؟ لأنهم فعلًا يشكلون شخصيات الأطفال.. وهم وراء تشكيل شخصية الطفلة صفاء أبو السعود..
*تهتمين بجوانب خاصة جدًا ولكِ دور بارز مع ذوى الهمم.. فما السر وراء ذلك؟
بالنسبة لـ ذوى الهمم، أنا اشتغلت كتير معاهم قبل سيد مكاوى وعمار الشريعي، أحب أقول معلومة من خلال “فيتو” لكل إنسان سيقرأ هذا الحوار أن ذوى الهمم والقدرات الخاصة فيهم نوابغ وقدرات خاصة حقيقةً غير معقولة، أنا مؤخرًا كنت بلجنة فى وزارة الشباب والرياضة برئاسة الدكتور أشرف صبحى وتعاونوا فى أعمال خاصة بالوزارة فى أصوات رائعة ، فى بنات بتغنى رائعة، فى ذكاء فطرى جميل جدًا داخلهم..
كمان إحساس ربانى بالراحة والسكون والاطمئنان فى جميع التعاملات معهم بشكل لا يُصدق، ساعات تتخيلى إنك أنتِ بتسعديهم وبتدى ليهم فرص وتمدى ايدك لإعانتهم ، لكن الحقيقة غير كده، هما اللى بيدوا لروحى الأمان والفرحة وطاقة رائعة ببساطة لأنهم صادقون ولا يعرف النفاق طريقًا لهم ويكون حبهم تجاهك نقى وصادق، وإذا أحبوكِ حقيقى بيكونوا كنوز على الأرض وهبة من الله.
دائمًا أُنادى بحقوق ذوى الهمم والقدرات الخاصة فى حياة الناس الطبيعية، وبصراحة بدأت أشعر بجهود الدولة الجميلة اللى بتقوم بيها لمساعدتهم، وعجبتنى جدًا تلك الجهود لأنها مواقف إنسانية كنت جزءًا منها خلال الفترة الماضية، وكون أن الدولة تعتنى بذوى الهمم بهذه الطريقة الجادة فهو شيء رائع ومتحضر جدًا..
*هل هناك مشاهد أو أزمات تخيفك أو تقلقك على الثقافة المصرية ؟
سؤال جيد جدًا.. بس للأسف العالم كله وليس مصر فقط يعانى بشكل صعب، دول كثيرة تعانى من نفس المشاكل اللى عندنا أو عند غيرنا، فمثلًا أصبح هناك تفكك أسرى على بعض النفاق الاجتماعي، أحيانًا اري أشياء غريبة أصبحت تُسبب قطيعة بين الناس وتفرقهم عن بعض وفجأة نجدهم أصبحوا يتحاربون ويتصارعون بعض وأعداء، وطبعا هناك أزمات تُتلف الأخضر واليابس وتترك وراها ناس ظروفهم تعبانة ومقهورين لا ملاذ ولا مأمن ولا عاصم لهم مفيش ولا حاجة وبتكون حياتهم أصعب من ذى قبل.
مصر أقدم حضارة و حضارتها الثقافية ثابتة على مدار العصور، إلأ أن هناك بعض الأشياء تُرعب الواحد وخصوصًا المهتم، لأنى أعلم أشياء لا يعلمها الكثيرون، والانهيارات والكوارث الاقتصادية التى تجرى الآن.. لكن دائمًا تظل لدى نظرة تفاؤلية أن هذا لم يدوم طويلًا، ولا أستطيع إلا أن أقول أن العالم بيمر بفترة مرتبكة وطبيعى تؤثر على الثقافة حول العالم..
ولكن نحمد ربنا أنه بمصر أصبحنا نرى ملامح مستقبل منير و مضيء.. حاجات كتيرة بتتصلح، حاجات كتيرة أصبحت الحكومة المصرية ووزارة الثقافة تهتم بها على رأسها مبادرات وورش عمل تفاعلية للنهضة من جديد بأخلاق الشباب بالمدارس، مصر مرت بفترة التعليم كان مهملًا بشكل صادم نفتح الكتب المدرسية نجدها بلا مغزى حقيقي، الآن يتم معالجة الأمور التعليمية خطوة خطوة وجميعها خطوات نحو الأفضل، ويجب علينا شكر الله على خروجنا من منطقة شديدة الصعوبة نقول عليها “عُنق الزجاجة” ، وبدأنا فى إشراق جديد وسطوع شمس صافية وبإذن الله يستمر هذا السطوع.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"