التعليم الفني.. سر المستقبل.. "حجازي" يبدأ استراتيجية جديدة لسوق العمل.. ومؤشر التصنيف العالمي دليل التقدم
يبدو التعليم الفنى مثل سر المعبد، التميمة الوحيدة التى يمكنها دفع الاقتصاد المصرى للأمام، ولن تخترع البلاد العجلة، إذ اتبعت هذه الشفرات فى التقدم البلدان الغربية الكبرى بعد أن جعلت منه قلادة سحرية تفتح لها أبواب عالم الصناعة والأعمال، ومن خلالها تفوقت على أقرانها بسبب السياسات المتميزة التي اتبعتها لترغيب طلابها فى الطرق على أبوابه، وهو ما يحدث فى مصر الآن، إذ تضع الدولة على رأس أولوياتها تطوير التعليم الفني وتغيير النظرة المجتمعية له، فالغالبية من أبناء الطبقات المختلفة يعتبرونه أقل وأضعف في القيمة الاجتماعية من التعليم الثانوى العام.
لهذا أعدت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى إستراتيجية جديدة لتطوير هذا التعليم وتحسين جودته والنهوض به، مدفوعة باهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذا الملف الفارق فى حياة الأمة المصرية.
وتفتح “فيتو” الملف، وتكشف جهود الحكومة في استكمال جوانب تطوير التعليم الفني وفق معايير الجودة العالمية من خلال تعزيز الشراكات بين الدولة والقطاع الخاص لتدعيم قطاعات الاقتصاد المختلفة بالكوادر المدربة بما يتفق مع الاحتياجات الفعلية لسوق العمل.
استراتيجية جديدة
تتمحور خطة الدكتور رضا حجازى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى وإستراتيجيته فى تطوير التعليم الفنى على استكمال الطريق الذي بدأ منذ عام 2018، إذ تم إنشاء «الهيئة المصرية لضمان الجودة والاعتماد فى التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهني» كهيئة مستقلة تهدف للارتقاء بجودة مؤسسات وبرامج هذه المنظومة بدعم من شركاء التنمية بما يتلاءم مع النموذج الدولى للاعتماد ومتطلبات سوق العمل.
وزير التربية والتعليم أوضح أن الوزارة انتهت من تطوير 86 منهجا دراسيا من إجمالي 125 منهجًا، وتنفيذ ذلك فى 881 مدرسة حاليًا، كما تم إشراك ممثلي سوق العمل في مراجعة المناهج واستحداث 29 برنامجا ومنهجا جديدا على شاكلة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا النظم الأمنية والألعاب الرقمية، وتكنولوجيا الطاقة النووية، والطاقة الجديدة والمتجددة، وصناعة الحلى والمجوهرات، والتسويق والتجارة الإلكترونية، وخدمة العملاء، وتكنولوجيا الفنون استجابة لاحتياجات سوق العمل.
يؤكد “حجازي” أن الوزارة تُخطط للانتهاء من تطوير جميع مناهج التعليم الفنى، وتدريب جميع المعلمين، وتطبيقها فى جميع المدارس الفنية، بحلول سبتمبر 2024، لافتًا إلى أنه فى إطار الحرص على تأهيل الكوادر التعليمية، فقد تم إدراج أكاديمية معلمى التعليم الفنى ضمن الهيكل التنظيمى الجديد للوزارة، موضحا أن عدد الطلاب المُلتحقين بالتعليم والتدريب المزدوج قد زاد إلى 55 ألف طالب فى عام 2021 مقارنة بـ 42 ألف طالب فى عام 2017.
تنمية اقتصادية
من جانبه يرى الدكتور عمرو بصيلة، رئيس الإدارة المركزية لتطوير التعليم الفنى وزارة التربية والتعليم، فى تصريحات خاصة لـ»فيتو» أن التعليم الفنى من الأعمدة الأساسية فى إحداث تنمية اقتصادية بالمجتمع، لذلك تسعى الوزارة للنهوض به من خلال إستراتيجية ورؤية تم وضعها لتطويره خلال السنوات القادمة.
وأوضح بصيلة أن أعداد الطلاب الملتحقين بالتعليم الفنى على مستوى الجمهورية، وصلت لـ2.2 مليون طالب جرى توزيعهم على 1300 مدرسة منفصلة ومتنوعة بجميع المحافظات، مشيرا إلى توفير الوزارة 42 مدرسة متخصصة فى التكنولوجيا التطبيقية ومدارس رسمية وأخرى ملتحقة للتعليم الفنى يذهب إليها الطلاب لعدم توافر أماكن لهم.
وأكد رئيس الإدارة المركزية لتطوير التعليم الفنى أن نسبة أعداد الملتحقين بالتعليم الفنى تزداد كل عام، ففى خلال الـ4 سنوات الماضية وصل عدد الطلاب الذين التحقوا بالتعليم الفنى إلى 45%، بينما وصل خلال العام الماضى لـ55%، وهى يعد زيادة كبيرة عن الأعوام الماضية، مشيرا إلى أنه أصبح الطلاب وأولياء الأمور يفضلون التعليم الفنى ويعلمون أهميته.
التصنيف العالمي
وأضاف، إلى أن تطبيق الإستراتيجية التى وضعتها وزارة التربية والتعليم وبدأت فى تنفيذها عام 2018، أى منذ 4 سنوات، والتى كانت السبب فى تحسن مستوى مصر فى مؤشر التصنيف العالمى للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن التصنيف السابق كان عام 2018، وكانت مصر فى المركز الـ113 ضمن 145 دولة، بينما بالتصنيف الأخير استطعنا الوصول للمركز الـ68 ضمن 145 دولة، مؤكدا أن الإستراتيجية عملت على محاور رئيسية أبرزها، تطوير المناهج وفقا لأحدث النظم فى العالم وذلك لتأهيل الطلاب لسوق العمل.
وأشار “بصيلة” إلى أن الوزارة قامت بتطوير 75% من مناهج التعليم الفنى وتحويلها إلى جدارات، بحيث تكون كل التخصصات والمناهج الحديثة مواكبة لسوق العمل، مؤكدا استكمال التطوير بمنهج الجدارات لتصل النسبة إلى 100% مع حلول سبتمبر 2024 فى جميع التخصصات، واستحداث عدد من التخصصات التى تواكب سوق العمل سواء المصرى أو العالمى ويحتاجها بشدة مثل التخصصات الحديثة المرتبطة بالذكاء الاصطناعى والزراعات الدقيقة والمتخصصة، بالإضافة إلى التخصصات التجارية.
وأكد أن نظرة المجتمع للتعليم الفنى تغيرت وتحسنت كثيرا خلال السنوات الأخيرة؛ نظرا لاستيعاب وفهم عدد كبير من أولياء الأمور أهمية التعليم الفنى، وأن السوق العمل أصبح يتطلب خريج التعليم الفنى، وليس الكليات النظرية التى يتجه إليها عدد كبير من الطلاب، مشيرا إلى أن هناك خطة للتوسع فى إنشاء مدارس التكنولوجيا التطبيقية لتغطى كافة محافظات الجمهورية وربط تخصصاتها باحتياجات سوق العمل.
ولفت بصيلة إلى احتياج البلاد للعمالة الفنية الماهرة فى كافة التخصصات الحديثة وتصديرها للخارج، وتوفير فرص لخريجيها فى الداخل بعد انتهاء الدراسة بالإضافة إلى إيجاد دعم مادى بنظام المكافآت لطلاب التعليم المزدوج والمدارس التطبيقية بحد أقصى 1200 جنيه لكل طالب، مؤكدا أن تلك المدارس تعد فرصة جيدة لجميع الطلاب لاسيما أن هناك 60% من إجمالى عدد الطلاب يحاولون الالتحاق بمدارس التعليم الفنى خاصة فى وجود مجموعة من المدارس الفنية المتميزة.
نقلًا عن العدد الورقي…،