رئيس التحرير
عصام كامل

أبو الغيط: العمل العربي المشترك قادر على تجاوز الصعوبات

إجتماع المجلس الاقتصادى
إجتماع المجلس الاقتصادى للجامعة العربية

قال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن إجتماع وزراء الاقتصاد العرب فى الجزائر اليوم على هامش التحضير للقمة العربية يأتى للنظر في الملف الاقتصادي والاجتماعي المرفوع للقادة العرب الذين سيجتمعون هنا بعد أيام قليلة لمناقشته والنظر في اعتماد مشروعاته ويشمل هذا الملف موضوعات جرى بحثها باستفاضة في إطار منظومة جامعة الدول العربية.

وأوضح خلال كلمته اليوم فى الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادى والاجتماعية للتحضير للقمة العربية المقرر عقدها يومى ١،٢ نوفمبر المقبل إنّ الموضوعات التي نناقشها تشمل طيفًا واسعًا من الأولويات العربية؛ خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها منطقتنا والعالم أجمع.

وركز على أن جدول الاعمال يتضمن عددًا من الموضوعات المتعلقة بموضوع الأمن الغذائي على وجه التحديد... وأخص بالذكر هنا الوثائق التي أعدتها الجامعة العربية، استجابة لطلب وزير خارجية دولة الكويت بإعداد دراسة استراتيجية حول الأمن الغذائي العربي في ضوء الدراسات والبرامج والآليات السابقة...
 

وإليكم نص الكلمة..، 

 

إنه لمن دواعي سروري أن نعود إلى العمل في أجواء القمم العربية.. هنا على أرض الجزائر الغالية علينا جميعًا... واسمحوا لي أن أتوجه بالتهنئة إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية على تولي رئاسة الدورة العادية (31) لمجلس الجامعة على مستوى القمة، متمنيًا لها كل التوفيق والسداد.. كما أتوجه بعميق الشكر إلى الجمهورية التونسية على رئاسة الدورة السابقة للقمة العربية وإدارتها الحكيمة لدفة العمل العربي المشترك طيلة الأعوام الثلاثة الماضية في ظروف لم تكن باليسيرة.

السيد الرئيس،

إننا نجتمع اليوم للنظر في الملف الاقتصادي والاجتماعي المرفوع للقادة العرب.. الذين سيجتمعون هنا بعد أيام قليلة لمناقشته والنظر في اعتماد مشروعاته.. وكما تدركون.. يشمل هذا الملف موضوعات جرى بحثها باستفاضة في إطار منظومة جامعة الدول العربية.. إذ قام مجلسكم الموقر بدراستها في العديد من الدورات السابقة قبل أن يُخصِّص لها اجتماعًا منفردًا عقد بمقر الأمانة العامة في شهر يوليو الماضي.

إنّ الموضوعات التي نناقشها تشمل طيفًا واسعًا من الأولويات العربية؛ خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها منطقتنا والعالم أجمع. 

السيدات والسادة،

لقد شهدت السنوات الثلاث الماضية أحداثًا عصيبة.. تمخض عنها وضع دولي جديد أكثر تعقيدًا وسيولةً من أي وقتٍ مضى.. إذ أفرزت هذه الأحداث وعلى رأسها جائحة فيروس كورونا المستجد تداعيات خطيرة يصعب على أي دولة مواجهتها منفردةً.. كما كشفت عن أوجه الضعف التي تعتري الكثير من المنظومات الاقتصادية، وعلى رأسها منظومة الأمن الغذائي العالمي. 

ولا شك أن هذه الأوضاع المستجدة تدفع إلى إعادة النظر في أولويات العمل العربي المشترك بإيلاء اهتمام أكبر بموضوعات بعينها مثل الاستجابة الإنسانية في حالات الجوائح والكوارث والأزمات، وتعزيز الأمن الغذائي العربي... ولا تفوتني الإشارة إلى أن جدول أعمال مجلسكم الموقر يتضمن عددًا من الموضوعات المتعلقة بموضوع الأمن الغذائي على وجه التحديد... وأخص بالذكر هنا الوثائق التي أعدتها الجامعة العربية، استجابة لطلب وزير خارجية دولة الكويت بإعداد دراسة استراتيجية حول الأمن الغذائي العربي في ضوء الدراسات والبرامج والآليات السابقة...  وهو الطلب الذي حظي بدعم السادة الوزراء.

وأود في هذا الصدد، أن أُلقي الضوء على بعض ما تضمنته تلك الوثائق من حقائق وأرقام مقلقة في نظري... فعلى الصعيد العالمي تسببت جائحة فيروس كورونا المستجد في ارتفاع معدلات الدين والبطالة والتضخم.. بالإضافة إلى تعطيل سلاسل الانتاج والتوريد.. مع كل ما يرتبه ذلك من تبعاتٍ خطيرة كالركود الاقتصادي واتساع رقعة الفقر والجوع... كما ارتفعت أسعار سلال الغذاء الأساسية بشكل غير مسبوق.. على خلفية الحرب الدائرة في أوكرانيا... وإذا كان العالم قد واجه حتى اليوم أزمة في أسعار الغذاء، فإننا قد نواجه في العام القادم، وللأسف الشديد، أزمة في توفر الغذاء الكافي.  

لقد تدهورت مؤشرات الأمن الغذائي العربي بشكل مقلق.. ليس فقط بسبب الجائحة وما تلاها من أحداث.. ولكن أيضًا بسبب تزامن عوامل عديدة وتراكم مشكلات كثيرة... منها الجفاف واستمرار تراجع حصة المواطن العربي من المياه، فضلًا عن النمو السكاني المطرد، وضعف الاستثمار الزراعي. 

ولمجابهة تلك الأوضاع الضاغطة، تقدم وثائق الأمن الغذائي العربي المعروضة على حضراتكم رؤيةً شاملة للوصول للاكتفاء الغذائي المنشود، ولسد الفجوة الغذائية في العالم العربي بنهج تكاملي ورؤية تقوم على حشد الإمكانيات العربية.  وتُعالج بعض بنود هذا الاجتماع أيضا موضوع الأمن الغذائي العربي بهذا النهج المتكامل.. وأذكر هنا على سبيل المثال، الاستراتيجية العربية للتنمية الزراعية المستدامة، ومبادرة تحسين النوعية التكنولوجية للقمح المنتج محليًا، واستدامة المراعي العربية.. وغيرها.

السيدات والسادة،

إننا اليوم في منتصف المدة الزمنية التي حُددت لتنفيذ أهداف خطة التنمية المستدامة 2030 التي اتفق عليها قادة العالم في عام 2015... والملاحظ أن الجهود الدولية في أقاليم بعينها لا تزال تراوح مكانها تجاه العديد من الأهداف والغايات.. بل إننا فقدنا للأسف بعض المكاسب المحققة.. وقناعتي أن المرحلة المقبلة ستتطلب التفكير والعمل في قضايا التنمية بنهجٍ تكاملي يُعالج قضايا الغذاء والطاقة والمناخ باستراتيجية تركز على الاتصال الوثيق بين هذه العناصر، وتأثيرها على بعضها البعض.

لقد صار واضحًا أن انتاج الطاقة ينطوي على تأثير خطير على المناخ.. ولكن الطاقة، من جانب آخر، تمثل مُدخلًا مهمًا في انتاج الغذاء.. وتؤثر الظواهر المناخية، وبخاصة الجفاف، على انتاج الغذاء أيضًا... ومن ثمّ لا يُمكن معالجة هذه القضايا الثلاث سوى برؤية تكاملية ومستقبلية.. خاصة ونحن على أعتاب قمة المناخ التي تستضيفها مصر في شرم الشيخ بعد أيام.. وفي العام القادم تستضيف قمة المناخ دولة عربية أخرى، هي الإمارات.. بما يمنح العالم العربي فُرصة مهمة لطرح مواقفه وقضاياه وشواغله ليس فقط حيال قضية المناخ، ولكن أيضًا ما يرتبط بها من استدامة النمو وإنتاج الغذاء والطاقة.

 

السيد الرئيس،

إن العمل العربي المشترك بمفهومه الأشمل قادرٌ على تجاوز الصعوبات والتحديات إذا ما نجحنا في الاستخدام الأمثل للطاقات العربية البشرية والمادية المتاحة... وذلك من خلال تحقيق التكامل العربي الحقيقي في مختلف المجالات، والدفع قُدمًا بالمنظومة العربية نحو تعزيز قدراتها وتحسين أدائها.

وفي هذا الصدد، أود التأكيد على دور المنظمات العربية المتخصصة باعتبارها أذرعًا فنية لمنظومتكم.. جامعة الدول العربية.. وبوصفها بيوتًا للخبرة لها إسهام لا يمكن إغفاله في الدراسة والتنفيذ وتقديم المشورة.. وفي ذات الإطار تعمل المجالس الوزارية المتخصصة بصفتها آليات عربية تنشط في شتى المجالات التنموية، وتقدم خدمات تمس بشكل مباشر حياة الفرد العربي قبل وأثناء وبعد الأزمات والكوارث والجوائح.. وأدعو من هذا المقام إلى دعم مؤسسات العمل العربي المشترك ومجالسه الوزارية، سواء من الناحية المالية أو السياسية، وعلى نحو يتيح لها تأدية مهامها على أفضل وجه، وبما يعود بالنفع على المواطن العربي في حياته ومعاشه.

الجريدة الرسمية