حُرم من ابنته وتمنى الموت قبل رحيله.. أحزان زعيم المسرح الفكاهي نجيب الريحاني
ساعات قليلة وتستقبل الشاشة الصغيرة أولى حلقات مسلسل “الضاحك الباكي” بطولة الفنان عمرو عبدالجليل والمأخوذ عن السيرة الذاتية للفنان القدير الراحل نجيب الريحاني عبر فضائية CBC ليرصد توثيقًا لفترة زمنية من خلال شكل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمصر في نهاية القرن 19 وبداية الـ20، وليتناول حياة نجيب الريحاني بداية من ميلاده نهاية القرن 19 منذ عام 1892 حتى خمسين عامًا في عام 1949 وعن قصص الفن والمسرح وحكايات عن الراحل في تلك الحقبة الزمنية الهامة..
و بجانب العمل التليفزيوني الذي ينتظره الملايين من عُشاق النجم الراحل.. تستعرض “فيتو” جوانب أخري من حياة هذا الفنان وأبرز أزماته وأحزانه التي لا لمخ تخلو حياته ومسيرته المهنية يومًا واحدًا منها:
إجبار المجتمع
اختلفت الروايات حول أصول نجيب الريحاني؛ إن كانت عراقية أم مصرية ترجع لإحدى محافظات صعيد مصر، إلا أنه في الحقيقة ولد بِمدينة القاهرة يوم 21 يناير 1889م، من أب عراقي يدعى “إلياس ريحانة” وامرأة مصرية أرثوذكسية تدعى “لطيفة بحلُق” من صعيد مصر، وتم تعميده على يد الخوري يوحنا طواف يوم 15 مايو 1889م، وكان نجيب الريحاني أحد ثلاثة أبناء لوالديه، وقضي الريحاني طفولته في حي باب الشعرية، وكان أبوه يمتلك مصنعًا للجبس.
و ظهرت ميول الطفل نجيب الريحاني وحُبه للفن منذ نعومة أظافره.. رغم ذلك إجباره المجتمع على سلك طريق الوظيفة الحكومية فى إحدى مصانع السكر وضيع من عمره سنوات طويلة حتى اكتشف وتأكد أن الفن جزء منه لا يستطيع بتره التخلص من هذا العشق، فترك الوظيفة كون مع صديقه بديع خيري فرقة مسرحية ليصعد على السلمة الأولى ويبدأ رحلة الدخول للوسط الفني..
وسرعان ما عرفه وأحبه الجمهور ولقبوه بــ “زعيم المسرح الفكاهي”..
زواج وطلاق وضياع
و فى أول طريق النجومية تزوج الريحاني من زميلته الفنانة بديعة مصابني التي تعرف عليها خلال إحدى عروض مسرحه في لبنان، ثم جاءت إلى مصر لتفتتح ملهى..
وفي حديت سابق تحدث “الريحاني” بطريقة طريفة عن اللقاء الأول له مع بديعة مصابني ووصفها بــ" شعرها طويل يكاد يصل إلى الأرض، عيناها كالصواريخ تضرب على بعد 20 مترًا، ترى هل هي لحم ودم وعظم مثلنا.. هل تأكل وتشرب مثلنا.. هل في جسمها فشة وكرشة وقوانص وطحال وكبد ومرارة وبنكرياس مثلنا؟
تزوج نجيب الريحاني من الراقصة اللبنانية بديعة مصابني، عام 1924، وبعد الزفاف سافر العروسان مع فرقتهما إلى أمريكا الجنوبية لتقديم عروضًا مسرحية هناك، إلا أن السعادة الزوجية بينهما لم تدم طويلا؛ فالخلاف بينهما كان واضحًا، حيث كانت بديعة اقتصادية والريحاني مسرف، هي سيدة أعمال وهو فيلسوف، هي تحب حياة الأسرة وهو يعشق الإنطلاق، بالإضافة إلى عدم قدرتهما على الإنجاب؛ مما دفع بديعة إلى تبني فتاة يتيمة صغيرة تُدعى جولييت، وأعطاها الريحاني اسمه رسميًا..
ومع ازدياد الخلاف بينهما طلبت الزوجة الطلاق، حيث آثرت الاهتمام بفنها، لينتهي بهما الحال إلى الطلاق، ولجأ الطرفان إلى الكنيسة بالقاهرة لتطليقهما، وهو ما تم رفضه بشدة لأن المذهب الكاثوليكي لا يسمح بالطلاق، فاتفق الزوجان على استمرار الزواج، ولكن شريطة الانفصال الجسدي بينهما بناء على طلب بديعة.
لكن لم تكن بديعة مصابني زوجته الوحيدة.. فعلى الرغم من كونه مسيحي الديانة إلا أنه جمع بين زوجتين.. وهم بديعة ونجمة الاستعراضات بفرقته، لوسي دي فرناي، الفرنسية من أصل ألماني، بين عامي 1919 و1937م في شقة بحي هيليوبوليس، وأنجب منها ابنته الوحيدة “جينا” ولكنها نسبت في الوثائق إلى ضابط في الجيش الألماني بسبب قوانين هتلر التي تمنع زواج أي ألمانية من شخص غير ألماني..
فراق الجميع
ومن أبرز أحزان زعيم المسرح الفكاهي.. اختفى فجأة وبدون أي مقدمات شقيق الريحاني الذي يصغره بثماني سنوات، وظل يبحث عنه سنوات وسنوات ولم يجدي البحث نفعًا، وحتى يوم وفاته لم يره مرة أخرى.. وجاء هذا الفراق المفاجئ ليفكره بفراق الأم والأب الذي كان ارتباطه به قويًا جدًا..
واعتزل الريحاني المسرح عام 1946 ليتفرغ للسينما، وقدم حوالي 10 أفلام كان آخرها هو فيلم "غزل البنات"، الذي لم يشاهده فقد رحل قبل عرضه..
تمنى الوفاة
وكان كتب نجيب الريحاني نعيا لنفسه قبل وفاته بـ15 يوما، تحت عنوان “في ستين ألف سلامة نجيب الريحاني”..
ولهذا النعي قصة بطلتها كلبة الريحاني المخلصة “ريتا” التي يظن البعض أنه توفي حزنا عليها وليس فقط بسبب مرض التيفود الذي أصابه وأودى بحياته يوم 7 من شهر يونيو عام 1949 بالمستشفى بحى العباسية..