انتفاضة "أميني" في إيران.. هل تنجح السلطات في السيطرة على الاحتجاجات أم يتجه السيناريو إلى ثورة شعبية؟
مع تصاعد وتيرة الأوضاع في إيران يبدو أنه البلاد تتجه نحو سيناريو ثورة شعبية، ربما تنتهي بسقوط النظام، كما تروج وسائل الإعلام الغربية.
من جانبه، تناول رئيس المجلس الأمريكي الدولي مجيد رفيع زاده ما يمكن أن تؤول إليه التظاهرات الإيرانية المستمرة منذ أكثر من شهر، قائلًا إنه لا يمكن للاحتجاجات على أي قضية، إلا أن تتحول إلى تعبير عن رغبة شعبية في تغيير النظام إذا ما استمرت لمدة أطول، وحققت توسعًا جغرافيًا كافيًا أو امتلكت جرأة أكبر بطريقة من الطرق.
وذكر في مقال بمجلة "ناشيونال إنترست" بـ"أننا شهدنا هذا مرات عدة منذ 2017، عندما ركز احتجاج في مشهد على سوء الظروف الاقتصادية، لكنه سرعان ما امتد إلى أكثر من مائة مدينة وبلدة، وتم اعتباره رسالة استفزاز موجهة ضد الحكومة، بعد رفعه شعارات مثل الموت للديكتاتور".
وتردد هذا الشعار مرارًا في عشرات الانتفاضات التي اندلعت في السنوات الخمس الماضية، وكذلك في تظاهرات على نطاق أضيق. وبدا الاستياء الاقتصادي المحفز الرئيسي مجددًا في نوفمبر 2019، عندما تسببت زيادة في أسعار البنزين إلى قيام تظاهرات عفوية في نحو 200 مدينة وبلدة.
وردت السلطات بقمع استثنائي، مما أسفر عن مقتل 1500 شخص خلال بضعة أيام فقط، لكن تظاهرات جديدة نُظمت في عشرات المحافظات بعد شهرين فقط، ولم يكتف المشاركون فيها بترديد الدعوات إلى تغيير النظام، وإنما جرى التصويب أيضًا بشكل مباشر على الحرس الثوري، الذي كان المشارك الأساسي في القتل.
والشهر الماضي، لم تندلع الانتفاضة بسبب الاستياء من الوضع الاقتصادي، وإنما من جنازة الشابة مهسا أميني (22 عامًا) التي قتلت على أيدي "شرطة الأخلاق" في طهران. ودخلت أميني في غيبوبة في 13 سبتمبر بعدما تم احتجازها من أجل إعادة تثقيفها لأنها وفق السلطات كانت تضع الحجاب في شكل غير لائق.
وطالبت الاحتجاجات التي خرجت عقب ذلك بمحاسبة المسؤولين عن وفاة أميني مع التنديد بإلزامية وضع الحجاب، التي طرأ عليها تشدد العام الماضي في ظل قيادة الرئيس إبراهيم رئيسي. ولم يطل الأمر حتى بدأت تتردد شعارات "الموت للديكتاتور" في المدن الرئيسية وفي كل منطقة من طهران، بما فيها تلك التي كانت محسوبة على القيادة الدينية.
تشويه صور المرشد
وبعد مرور أكثر من شهر على التظاهرات، بدا أن رسائل الدعم لتغيير النظام أكثر ظهورًا منذ تفجر الاحتجاجات. ومؤخرًا، التقطت تلميذات في مدارس ثانوية تسجيلات لأنفسهن وهن يقمن بتشويه صور المرشد الأعلى علي خامنئي وسلفه الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية. وإلى جانب شعار "الموت للديكتاتور"، ترددت شعارات "لا نريد الجمهورية الإسلامية" و"الموت للظالمين، سواء الشاه أو المرشد (خامنئي)". وعلاوة على ذلك، لقيت هذه الدعوات تأييدًا واسعًا من قبل مجموعة واسعة من الفئات الديموغرافية والاجتماعية.
والأسبوع الماضي، نُظمت إضرابات داخل قطاع النفط، تعبيرًا عن التضامن مع الانتفاضة وللضغط على قوات الأمن كي تتوقف عن قمعها العنيف. وحتى الآن، أسفر القمع عن مقتل أكثر من 200 شخص.
قوى الأمن تتحدى الأوامر
وثمة تقارير تفيد بأن بعض قوات الأمن تتحدى الأوامر المباشرة بإطلاق النار على المواطنين وعدم إبداء "تعاطف غير ضروري" مع المحتجين على حد تعبير رئيس السلطة القضائية. وقد ساهم وجود أعداد كبيرة من الناشطات بين المتظاهرين في الوصول إلى هذا الوضع.
ومع التهديد الذي يشكله عمال النفط للاقتصاد الهش، سيكون من الصعب على نحوٍ متزايدٍ بالنسبة إلى المراقبين الأجانب أن ينكروا أن هذه الانتفاضة يمكن أن تؤدي إلى ثورة جديدة.