باحث: شريعة الإسلام سبقت القرارات الأممية في مجال حماية البيئة ومواردها
قال الدكتور محمود حسن محمود البيطار: كبير الباحثين بالأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في كلمة له بعنوان "أهداف التنمية المستدامة من منظور مقصد حفظ المال تطبيقا على الإفتاء المعاصر": قامت شريعة الإسلام على تحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد، ولما كانت هذه المصالح التي سعى إليها الشرع الحنيف متجلية بأوضح صورها من خلال المقاصد الشرعية؛ كانت تلك المقاصد هي روح التشريع العليا، وغايته العظمى، تتصل به اتصال الروح بالجسد، غير منفكة عن حكم من أحكامه، أمرا كان أو نهيا؛ وكان تحقيقها هو غاية ما يحققه المفتي في فتواه حال إخباره عن الحكم الشرعي مع مقصود الشارع منه؛ من هنا تعلم تلك الصلة التي تربط بين المقاصد الشرعية وبين الصنعة الإفتائية؛ هذا من جهة.
جاء ذلك خلال الجلسة العلمية الثالثة التي انطلقت تحت عنوان "الفتوى ودعم الاقتصاد الوطني" بالمؤتمر العالمي السابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.
وأكد البيطار أننا ما جئنا اليوم في هذا المقام لنقحم العلوم الإسلامية إقحاما لمواكبة فلسفة مفهوم بيئي مجتمعي أممي، متمثل في "التنمية المستدامة وما تشتمل عليه من أهداف". كلا؛ بل إن هذه الفكرة في الأساس فكرة إسلامية المنبع، ربانية المصدر، لها جذورها المتأصلة في نصوص الوحيين الشريفين: القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة؛ فهذه بضاعتنا ردت إلينا.
وشدد على مقصده من كلمته قائلا: وإني لا أقصد من كلمتي هذه أن أروج لسبق شريعة الإسلام للقرارات الأممية في مجال حماية البيئة ومواردها؛ فليس هذا هاجسا من هواجسي، ولكني أردت أن أسمعكم صوت الدين في جانب يسير من جوانب هذه القضية الحيوية، المطروحة على الساحة الدولية... هذا بصفة عامة.
وأضاف: وعلى الصعيد الخاص؛ فإن الأمر أعمق من ذلك إذا أمكن كشف الصلة الكائنة، لا أقول بين نصوص الشارع نفسها، بل بين بعض علوم الأدوات والغايات للفقيه والمفتي، وبين هذه الفكرة البيئية المجتمعية... من هنا؛ كانت هذه الكلمة مضمونا للطرح البحثي الذي وسمته بعنوان: "أهداف التنمية المستدامة من منظور مقصد حفظ المال؛ تطبيقا على الإفتاء المعاصر".
ولفت البيطار إلى أن حفظ المال هو أحد أهم أركان كليات خمس؛ هي: الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال؛ جاءت الشريعة لصونها وصيانتها، وكان للشرع الحنيف في تعامله مع المال سياسات أربع؛ هي أصول يقوم عليها النظام المالي في الإسلام؛ يمثلها أربعة مطالب هي بيت القصيد من هذا الطرح بعد ما سبقها من تمهيد: أما أولها؛ فهو أصل الحفظ والصيانة، وأما ثانيها؛ فهو أصل العدالة في التوزيع، وأما ثالثها؛ فهو أصل حرمة التعدي والاعتداء، وأما رابعها؛ فهو أصل ضرورة الاستثمار والتنمية.
واختتم كلمته بعرض نتائج بحثه قائلا: قد جمعت هذه الفكرة البحثية بين التمهيد والتأصيل والتطبيق الإفتائي الواقعي؛ وقد خرج البحث بعدة نتائج؛ أهمها كشف البحث عن الجذور الإسلامية لأهداف التنمية المستدامة، من خلال ما جاء في نصوص الوحيين الشريفين؛ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وكذلك فقد عمل البحث على استجلاء البعد الواقعي لمقصد حفظ المال؛ ومن ثم الوقوف على العلاقة التي تربط بينه وبين أهداف التنمية المستدامة، كما قدم البحث نماذج تطبيقية صادقة لتنزيل مقصد حفظ المال على أهداف التنمية المستدامة، مع بيان محل التلاقي بين كل منها، وأخيرا قدم البحث نماذج إفتائية معاصرة لمفتي الديار المصرية تمثل اعتبار الفتوى المعاصرة لأهداف التنمية المستدامة، تمثيلا صادقا، في ضوء ما جاءت به الشريعة الإسلامية من أحكام.