الاقتصاد الأخضر.. استراتيجية مصر تكسبها ثقة المجتمع الدولي.. و691 مشروعا صديقا للبيئة
اقتصاد صديق للبيئة، عنوان يصطف تحته دول العالم لمواجهة التغيرات المناخية، والحفاظ على هذا الكوكب من الاندثار، وفي 2022 تولت مصر زمام المبادرة وقادت الجهود الدولية من خلال مشروعات صديقة للبيئة، بالإضافة إلى مؤتمر المناخ الذي تستضيفه لوضع حد لاستنزاف الموارد الكونية.
الاقتصاد الأخضر
وفي هذا السياق، يقول محمد جنيدى، نقيب المستثمرين الصناعيين، إن مصر تقوم بدور مهم جدا خلال الفترة الأخيرة، فى تحقيق إستراتيجيات الاقتصاد الأخضر، والتى بدأتها منذ عدة سنوات، مما يؤكد على اهتمام القيادة السياسية بهذا النوع من المشروعات، وينعكس على تحقيق العديد من الفوائد للجميع، مؤكدًا أن الدولة لديها كوادر قادرة على أن تصل إلى مراحل متقدمة فى التنظيم وجذب الاستثمارات، مما يشير إلى المكانة التى تمتلكها سواء على المستوى الإقليمى أو العالمى.
وأضاف جنيدى لـ»فيتو» أنه من المعروف أن المشروعات التى تعود بالنفع على الدولة تأتى من منطلق الرؤية المصرية للنهوض بالاقتصاد بعيدا عن الانبعاثات الضارة التى تؤثر على المناخ بشكل عام، والعمل على توليد كميات قليلة من الكربون، على أن يكون الدخل ونمو العمالة فيه مدفوعين بالاستثمار الخاص والعام فى الأنشطة الاقتصادية، والأصول، والبنية التحتية التى تعزز من كفاءة استخدام الموارد والطاقة، مؤكدًا أن هذا يساعد على تقليل معدلات التلوث، وكميات الكربون المنبعثة، وتجنب فقدان التنوع البيولوجى.
وعن رؤية العالم لجهود مصر نحو التحول للاقتصاد الأخضر، أكد أن العالم يرى مصر جديرة بالثقة فى مختلف المجالات، وهذا ما جعلهم سمحوا بتنظيم مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ، والذى من المقرر عقده فى نوفمبر المقبل، مضيفا أن الدور الذى قامت به القيادة السياسية خلال السنوات الأخيرة، جعل لدينا القدرة للوصول إلى مرحلة غير مسبوقة فى المشروعات الخضراء، والتى تدعم مبادرة 2030، ومستهدفات مؤتمر المناخ المقبل.
الاستخدام الجائر للبيئة
من جانبه، قال الدكتور صلاح الدين فهمى، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن ما يعانيه العالم من تغيرات مناخية يأتى بسبب الاستخدام الجائر للبيئة، مما ينعكس على صحة الإنسان والحيوان، مضيفًا: بدأ العالم يواجه العديد من المشكلات خلال السنوات الأخيرة بشكل واضح فى مختلف المجالات، سواء المناخ أو المياه أو الزراعة، مؤكدا لـ»فيتو» أن الدخول فى الاقتصاد الأخضر يحتاج إلى تكاتف جميع الدول فى العالم، وهذا بعدما كانت كل دولة تلقى بتبعات أزمات المناخ على الأخرى، سواء الدول الصناعية أو التى تعتمد على استخدام الفريون أو وغيرها من الدول.
وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن الدولة بدأت خلال السنوات الأخيرة فى التشجيع على استخدام الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة فى كافة المجالات لتصحيح أخطاء الآخرين، وتحقيق التوازن البيئى الذى نسعى إليه، مشيرًا إلى أن الحكومة كثفت جهودها واستعداداتها لمؤتمر المناخ، من خلال العمل على الاقتصاد الأخضر عبر المشروعات الاقتصادية الضخمة التى تعتمد على الطاقة النظيفة، والابتعاد عن الانبعاثات الضارة التى تؤثر على المناخ والبيئة.
691 مشروعا صديق للبيئة
وفى نفس السياق يرى الخبير الاقتصادى عبد النبى عبد المطلب، أن التحول نحو الاقتصاد الأخضر توجه عالمى، وقد وضعت مصر إستراتيجية للتوجه نحوه تشمل عدة نقاط، أهمها: مراعاة البعد البيئى فى 50% من المشروعات التى سيتم تنفيذها خلال الفترة القادمة، مشيرًا إلى إعلان الحكومة المصرية أن لديها نحو 691 مشروعا بتكلفة كلية تبلغ نحو 447.3 مليار جنيه فى مجال الاقتصاد الأخضر، تشمل مجالات الطاقة والكهرباء والنقل والإسكان.
وأكد عبد المطلب أن إستراتيجية الحكومة حول التحول للاقتصاد الأخضر، تسير بخطى ثابتة، وهذا ما يجعلها تحقق فرص نجاح كبيرة فى ظل المشروعات الضخمة للدولة، والتى يأتى من أبرزها الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة، منوهًا إلى أن هناك تقارير واردة عن نظم العمل فى العاصمة الإدارية تشير إلى أنها تشترط استيفاء المعايير العالمية للحفاظ على البيئة والحد من انبعاثات الكربون، واستخدام الطاقة النظيفة، سواء باستخدام الطاقة المتجددة، أو حتى الهيدروجين الأخضر فى مشروعاتها كافة، مضيفا أن التحول نحو الاقتصاد الأخضر، يسهم فى تقليل التلوث، وتكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى زيادة استغلال الموارد بشكل أفضل وأكثر استدامة.
وتسعى الحكومة إلى بذل جهود ضخمة فى التوجه نحو الاقتصاد الأخضر، والتى يأتى من أبرزها الإستراتيجية الوطنية لتغيير المناخ 2050، لتحقيق نمو اقتصادى مستدام، عن طريق خفض الانبعاثات فى مختلف القطاعات، بزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة والبديلة فى مزيج الطاقة، والتوسع فيها بإنشاء مزارع الرياح ومحطات الطاقة الشمسية، وإنتاج الطاقة من المخلفات والتوسع فى استخدام الطاقة الحيوية، بالإضافة إلى تطوير تقنيات جديدة لاستيعاب استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل أنظمة التحكم الذكية، واستكشاف مصادر طاقة بديلة جديدة مثل الهيدروجين الأخضر والطاقة النووية، وزيادة استخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء داخل المنشآت الصناعية وتطبيقات الطاقة الشمسية الحرارية فى العمليات الصناعية، والتخلص التدريجى من الفحم والتحول إلى أنواع وقود منخفضة الكربون.
قمة المناخ
وعن كيفية استفادة رجال الأعمال المصريين من قمة المناخ المزمع إقامتها فى شرم الشيخ، قال يسرى الشرقاوى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، إن استضافة مصر لهذه القمة سيعود بالنفع على كافة المستويات خاصة رجال الأعمال حيث ستزيد الرواج السياحى بجانب استفادة شركات النقل والطيران وهذه فرصة لإظهار ما لدينا من إمكانات فى ظل تعطل السياحة العالمية بسبب الأحداث العالمية الأخيرة.
وأكد الشرقاوى على أهمية الحديث عن الاقتصاد الأخضر وتحول العديد من كيانات ومؤسسات القطاع الخاص إلى العمل فى الاقتصاد الأخضر، وهو ما يترتب عليه تلقى العديد من أشكال الدعم والمنح للشركات الخاصة فى مصر وأفريقيا فى الزراعة والصناعة، مشيرًا إلى إمكانية الحديث عن تصدير الكهرباء والغاز المصرى والتحول من أنواع الطاقة الخاصة بالانبعاثات الكربونية إلى أنواع الطاقة الآمنة وربما يكون للقطاع الخاص دور فى مثل هذه الشركات.
وبدورها..أوضحت أستاذ الأقتصاد بجامعة الأهرام الكندية الدكتورة هدى أبو رميلة أن هناك بعض التحديات التى تواجه مصر أثناء تحولها الى الاقتصاد الأخضر، أبرزها:
عدم التنسيق بين الجهات المختلفة فى مجال السياسات التنموية، وزيادة معدلات البطالة، وإمكانية نشوء سياسات حماية وحواجز فنية إضافية امام التجارة، مما يؤثر فى المدى القصير على تدفق الاستثمارات فى القطاعات التقليدية.
«أبو رميلة» اقترحت بعض الحلول لإدماج تدريجى لمنهج إقتصاد اخضر، أبرزها: إدماج مؤشرات لقياس مدى التقدم نحو الاقتصاد الاخضر ضمن الحسابات القومية ،وألا يقتصر تقييم الأداء الاقتصادى الكلى على قياس الناتج المحلى الاجمالى والذى لا يعكس ما يستنزفه عمليات الإنتاج والاستهلاك من موارد راس المال الطبيعى ، بل إدماج نظم محاسبة خضراء يتم من خلالها حساب التغيرات الحادثة فى رأس المال الطبيعى بقيمة مالية، وإدماج كلفة التلوث والانبعاث الضارة واستخدام الموارد الطبيعية ضمن الكلفة الاجمالية للسلع والخدمات، وكذلك مراجعة وتحديث القوانين البيئية وتحديد آليات التنفيذ ووضع إستراتيجية وطنية للتنمية الخضراء (تحديد القطاعات ذات الاولوية القابلة للتحول للاقتصاد الأخضر وإدماج الاعتبارات البيئية ضمن أطر الخطط الوطنية وإستراتيجيات التنمية وبناء الوعى الثقافى لدى المواطن و تبنى إستراتيجية إعلامية ثقافية تستهدف توطين ثقافة أنماط الإنتاج والاستهلاك المستدامة.
نقلًا عن العدد الورقي…،